واشنطن تبحث عن دور إماراتي مساعد لتهدئة التصعيد في المنطقة

وكالة أنباء حضرموت

 مثّل التصعيد في الشرق الأوسط عنصرا رئيسيا في أجندة القمة التي جمعت الرئيس الأميركي جو بايدن بالرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث يبحث الأميركيون عن دور إماراتي يساعد على التهدئة ويسهّل التوصل إلى تفاهمات متعددة الأطراف تنهي التصعيد في لبنان وغزة كأولوية.

وحرص الرئيس الأميركي على الاستماع إلى وجهات نظر الشيخ محمد بن زايد الذي يعد أحد أكثر الزعماء خبرة وصاحب رؤية في المنطقة. وتتيح سياسة الإمارات، التي تتسم بالعقلانية والمعرفة بمختلف الملفات وبالتدخلات التي تقوم على تقديم المساعدات ومعارضة الحرب، للولايات المتحدة الاستماع إلى مقاربة مختلفة تساعد على إنجاح مساعيها لوقف التصعيد سواء في غزة أو لبنان أو السودان.

وكان واضحا الاهتمام الأميركي بالاستماع إلى المقاربة الإماراتية لهذه الملفات ودور الشيخ محمد بن زايد في تهدئة التصعيد بالمنطقة، حيث تمتلك الإمارات علاقات بالكثير من الأطراف والشخصيات التي يمكن أن تساعد على نزع فتيل التصعيد.

وقال بايدن بحضور الشيخ محمد بن زايد إنه “يعمل على احتواء التصعيد” في لبنان “بما يمكّن الناس من العودة إلى ديارهم بكل أمان”، وكذلك جهود إنهاء الحرب في غزة. وبحثت نائبة الرئيس كامالا هاريس خلال اجتماعها مع الرئيس الإماراتي مساعي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

وقال رئيس الإمارات الذي حظي باستقبال حار في البيت الأبيض “لدينا التزام لا يتزعزع بالعمل مع الولايات المتحدة وتعميق الشراكة الإستراتيجية”.

ويجد الأميركيون في موقف الإمارات، كبلد صديق تتميز مواقفه بالوضوح والنقد العقلاني للشراكة مع واشنطن، عنصرا مشجعا على تصويب الموقف الأميركي في قضايا ثنائية وتبديد الغموض الذي غلب على بعض التوجهات الأميركية تجاه الخليج، أمنيا واقتصاديا.

ويعمل بايدن على تأمين مواقف أميركية تحافظ على متانة العلاقة مع الإمارات، ودول الخليج بصفة عامة، خلال ما تبقي من الإدارة الحالية والمرحلة الانتقالية إلى الإدارة الجديدة سواء بقيت ديمقراطية أو عادت جمهورية بيد دونالد ترامب.

وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها الشيخ محمد بن زايد الولايات المتحدة وهو رئيس للإمارات، لكنه سبق أن زارها عندما كان ولي عهد أبوظبي عام 2015 حيث التقى بالرئيس الأسبق باراك أوباما وعام 2017 حيث التقى بالرئيس السابق دونالد ترامب. والتقى الشيخ محمد بالرئيس بايدن في جدة بالسعودية عام 2022.

وكانت خطط الإمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي وسبل التعاون مع الشركات الأميركية أحد محاور لقاء القمة بين بايدن والشيخ محمد بن زايد.

وتأمل الإمارات في تعزيز قدرتها على الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية لبناء صناعة التقنيات المتقدمة لديها.

وحصلت جي42، وهي شركة تكنولوجيا مدعومة من الدولة، بالفعل على استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار من شركة مايكروسوفت، ودخلت في شراكة مع شركة تصنيع الرقائق إنفيديا وتستخدم أجهزة كمبيوتر فائقة من إنتاج سيريبراس سيستمز.

وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، للصحافيين الخميس قبل زيارة البيت الأبيض “لا يمكننا أن ندع هذا النوع من موجة التقدم التكنولوجي تمر بنا دون أن نكون شركاء فيها بطريقة أو بأخرى”.

وتستثمر الإمارات مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي، منها مبالغ توظف في تطوير تطبيقات الدردشة الآلية باللغتين العربية والهندية على غرار تطبيق شات جي.بي.تي الذي طورته أوبن إيه.آي.

ويعتقد المسؤولون الإماراتيون أن رهان بلادهم على الذكاء الاصطناعي سيعزز نفوذها الدولي من خلال جعلها جهة فاعلة في مجال الاقتصاد بعد فترة طويلة من تراجع الطلب على النفط.

وقال فيصل البناي مستشار الرئيس للأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة “نحن في وضع يسمح لنا بأن نكون دولة محورية في عصر المعلومات والتكنولوجيا الجديد هذا”.

وأوضح لرويترز خلال مقابلة في يوليو “نعتقد أن لدينا المكونات لبناء الذكاء الاصطناعي القادر على المنافسة عالميا”.

ويقول المسؤولون الإماراتيون أيضا إن بلادهم يجب أن تكون لها سيطرة على الذكاء الاصطناعي الخاص بها وتطور تكنولوجيا قادرة على المنافسة عالميا حتى تتمكن من ضمان عدم قدرة أي جهة خارجية على منع التكنولوجيا عنها أو الإضرار بأدائها في هذا المجال أو تغيير خوارزمياتها.

وقال البناي “لا نريد أن نصل مستقبلا كأمة إلى وضع يمنحنا فيه أحد أحدث إصدار (من التكنولوجيا) أو يمنعه عنا”.

وتشعر واشنطن بالقلق إزاء علاقات الإمارات مع الصين. لكن الإماراتيين يعتقدون أن من مصلحة بلادهم تنويع الشركاء بما يتماشى مع مصالحها وحاجتها عسكريا واقتصاديا، وأن ذلك لن يكون على حساب علاقتهم مع واشنطن.

وأقر عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، بأن هناك حاجة إلى المزيد من التوافق والمشاركة بين الإمارات والولايات المتحدة.

وقال عمر العلماء في مقابلة أجريت معه في يونيو “هناك استعداد من جانبنا للمشاركة”، مشيرا إلى أن أبوظبي ملتزمة تماما بأن تكون شريكا تكنولوجيّا إستراتيجيّا طويل الأمد مع واشنطن.

وأضاف “لم نتراجع عن طموحاتنا ولكننا سنفعل ذلك بالطريقة الصحيحة. سنفعل ذلك من خلال الشراكة. سنفعل ذلك من خلال الشفافية”.

وقد تكون لدى واشنطن تحفظات بشأن سعي الإمارات لامتلاك قدرات الذكاء الاصطناعي وعلاقاتها مع الصين، غير أن الأمر البالغ الأهمية بالنسبة إلى الصناعة الأميركية هو أن الإمارات لديها الموارد المالية لتمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي باهظة الثمن وحكومة ملتزمة بتعزيز تطويرها.

وقال آندرو فيلدمان، الرئيس التنفيذي لشركة سيريبراس، في يوليو “هم (الإماراتيون) من بين القادة اليوم وهم في طريقهم إلى القمة”.