تصريحات المنقوش تثير جدلا واسعا في ليبيا

وزيرة الخارجية الليبية تفجر الخلاف بين الحكومة والمجلس الرئاسي

طرابلس

رفضت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الأحد قرار المجلس الرئاسي إيقاف وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن العمل ومنعها من السفر، داعية الوزيرة التي أثارت الجدل سابقا إلى متابعة عملها، وذلك في خطوة تكشف عن وجود خلافات داخل أجنحة السلطة التنفيذية مع اقتراب موعد الانتخابات.

ويأتي القرار على خلفية تصريحات أكدت فيها المنقوش أن بإمكان ليبيا التعاون مع الولايات المتحدة، لتسليم متهم مطلوب في تفجير لوكربي الذي وقع عام 1988.

وفي وقت سابق من مساء السبت أعلن المجلس الرئاسي إيقاف المنقوش عن العمل احتياطيا، وفتح تحقيق ضدها فيما نسب إليها من "مخالفات إدارية"، تتمثل في انفرادها بملف السياسة الخارجية دون التنسيق معه.

كما قرر أيضا، وفق ما جاء في بيان منسوب إليه، منع سفر وزيرة الخارجية إلى حين الانتهاء من التحقيقات وبته في نتائج أعمالها.

وتبعا لذلك، شكل المجلس الرئاسي لجنة للتحقيق مع المنقوش برئاسة نائب المجلس عبدالله اللافي وعضوية كل من عادل محمد سلطان وأحمد جمعة عقوب، حيث ستقدم اللجنة تقريرا بنتائج أعمالها في أجل أقصاه 14 يوما.

وفي رد على قرار المجلس الرئاسي وجهت الحكومة تعليماتها للمنقوش بمتابعة عملها بنفس الوتيرة، مشددة على تقديرها لكل جهودها المبذولة في أداء مهامها بالشكل المطلوب.

وقالت حكومة عبدالحميد الدبيبة في بيان أصدرته في وقت مبكر من صباح الأحد، إنه لا يوجد "أي حق قانوني للمجلس الرئاسي في تعيين أو إلغاء تعيين أعضاء السلطة التنفيذية أو إيقافهم أو التحقيق معهم، إذ تعود تلك الصلاحيات حصرا لرئيس حكومة الوحدة الوطنية"، وذلك وفقا للمهام التي حددتها مخرجات الحوار السياسي الليبي الموقع في جنيف.

واختار منتدى الحوار السياسي الليبي، وهو تجمع اختارته الأمم المتحدة لوضع خارطة طريق للسلام في ليبيا، مجلسا رئاسيا من ثلاثة أشخاص برئاسة محمد المنفي حتى إجراء الانتخابات.

وأكدت الحكومة "ضرورة اتباع جميع السلطات للإجراءات الإدارية السليمة المحددة في الإعلان الدستوري وملحقاته والاتفاق السياسي الليبي الموقع في جنيف، والابتعاد عن كل ما من شأنه التسبب في تداخل الصلاحيات أو عرقلة أعمال الحكومة"، لاسيما في هذا الوقت الحساس الذي يسبق الاستعداد لاستحقاقات هامة (الانتخابات المقبلة).

وشددت على جهود مجلس الوزراء من أجل "توحيد المؤسسات وتقريب وجهات النظر وحل المختنقات السياسية، استنادا على الحوار والتواصل الإيجابي بين جميع الأطراف، بحيث يمكن إنجاز الاستحقاق الوطني المهم المتمثل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أجواء إيجابية وسليمة".

وكانت المنقوش قالت في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، إن "ليبيا يمكن أن تعمل مع الولايات المتحدة على تسليم المطلوب في تفجير لوكربي أبوعجيلة مسعود"، مشيرة إلى أن هناك "نتائج إيجابية آتية" في هذا الصدد.

وأضافت أن "الحكومة الليبية تتفهم ألم وحزن أسر ضحايا الحادث، لكنها بحاجة إلى احترام القوانين".

وقضية لوكربي تتعلق بالهجوم على رحلة "بان أميركان 103" من لندن إلى نيويورك عام 1988، الذي أسفر عن مصرع 270 شخصا، من بينهم 190 أميركيا.

وذهب مراقبون للشأن الليبي إلى وصف خطوة المنقوش بالصفقة التي سيتم بموجبها تسليم بوعجيلة مقابل إعطاء الضوء الأخضر لحكومة الدبيبة بالتمديد، وما يستتبع ذلك من منح الولايات تعويضات جديدة، خلافا للتعويضات التي استلمتها أسر الضحايا عند غلق ملف لوكربي قبل عقدين ونيف.

وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها تحركات ونشاطات المنقوش استياء المجلس الرئاسي، حيث كان ملف التعيينات على رأس البعثات الدبلوماسية في الخارج أيضا مصدر خلافات وصراع على الصلاحيات.

وفي سبتمبر الماضي انتقد المجلس الرئاسي في خطاب وجهه إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، قيام وزيرة الخارجية بإنهاء عمل بعض رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج، دون الرجوع إلى الرئاسي. كما اعتبر تصرف الوزيرة "إجراء أحادي الجانب واستفزازيا".

ويأتي قرار وقف عمل المنقوش ومنعها من السفر قبل بضعة أيام على استضافة باريس مؤتمرا دوليا حول ليبيا.

والمؤتمر المقرّر عقده في الثاني عشر من نوفمبر الجاري يهدف إلى التحضير للانتخابات الرئاسية التي حدّد موعدها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، على أن تليها انتخابات تشريعية بعد شهر. ويؤمل أن يضع هذان الاستحقاقان حدا للفوضى التي سادت البلاد طوال عقد، بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011.

ومن المقرر أن يفتح الاثنين باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفق ما أعلن رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا الأحد.

وبعد أعوام من النزاعات المسلحة والانقسامات بين شرق البلاد وغربها، شُكّلت بداية العام حكومة جديدة إثر حوار رعته الأمم المتحدة لإدارة المرحلة الانتقالية تمهيدا لإجراء الانتخابات العامة.

ويشدد المجتمع الدولي على وجوب إجراء هذه الانتخابات رغم الشكوك في إمكان تنظيمها، بسبب الانقسامات الداخلية وخصوصا بين شرق ليبيا وغربها.