اخبار الإقليم والعالم

فاتورة اقتصادية باهظة نتيجة التدمير العالمي للأراضي الرطبة

وكالة أنباء حضرموت

أطلق خبراء صفارات الإنذار من دخول العالم في مسار لا يمكن تداركه مع احتمال تكبّد الدول خسائر بيئية واقتصادية واجتماعية متزايدة نتيجة لاختفاء الأراضي الرطبة، التي تُعد من أكثر النظم البيئية تنوعًا وحساسية.

وأفاد تقرير صادر عن اتفاقية الأراضي الرطبة الثلاثاء أن التدمير العالمي للأراضي الرطبة، التي تدعم مصائد الأسماك والزراعة والسيطرة على الفيضانات، قد يعني خسارة 39 تريليون دولار من الفوائد الاقتصادية بحلول عام 2050.

ووفقًا للتقرير الحكومي الدولي، اختفى نحو 22 في المئة من الأراضي الرطبة، سواءً أنظمة المياه العذبة مثل أراضي الخث والأنهار والبحيرات، أو الأنظمة البحرية الساحلية، بما في ذلك أشجار المانغروف والشعاب المرجانية، منذ عام 1970، وهو أسرع معدل فقدان في أيّ نظام بيئي.

وتشير بعض الدراسات الدولية إلى أنه على مدار القرن الماضي، فُقد أكثر من 35 في المئة من الأراضي الرطبة عالميا، جراء لامبالاة البشر في الحفاظ على سلامة البيئة.

تريليون دولار خسائر الاقتصاد العالمي بحلول 2050 جراء اختفاء مصائد الأسماك والزراعة

وهذه الخسارة لا تؤثر فقط على التنوع البيولوجي، حيث تحتضن الأراضي الرطبة ملايين الأنواع من الكائنات، بل تطال الإنسان مباشرة من خلال تقويض خدمات حيوية تقدمها هذه الأنظمة، مثل تنقية المياه، حماية السواحل، تنظيم الفيضانات، وتخزين الكربون.

وتُعزى هذه التراجعات إلى الضغوط، بما في ذلك تغير استخدام الأراضي، والتلوث، والتوسع الزراعي، والأنواع الغازية، وآثار تغير المناخ، مثل ارتفاع منسوب مياه البحر والجفاف.

واقتصاديًا، تفقد المجتمعات المليارات من الدولارات سنويًا نتيجة تدهور الأراضي الرطبة، التي تعتبر ركيزة رئيسية للزراعة المستدامة ومصايد الأسماك والسياحة البيئية للكثير من السكان.

كما يؤدي اختفاؤها إلى زيادة وتيرة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف، ما تترتب عليه كلفة باهظة في إعادة الإعمار والتأمين وخسائر الأرواح والممتلكات.

وتعليقا على هذه التقديرات الصادمة، قال هيو روبرتسون، المؤلف الرئيسي للتقرير إن “حجم الخسارة والتدهور يتجاوز ما يمكننا تجاهله.”

ودعا التقرير إلى استثمارات سنوية تتراوح بين 275 و550 مليار دولار لعكس التهديدات التي تواجه الأراضي الرطبة المتبقية، وقال إن الإنفاق الحالي يُمثل “نقصًا كبيرًا في الاستثمار” دون ذكر أرقام.

ووفقًا للتقرير، فقد العالم 411 مليون هكتار من الأراضي الرطبة، أي ما يعادل نصف مليار ملعب كرة قدم، ويُصنف ربع الأراضي الرطبة المتبقية الآن على أنها في حالة تدهور.

وتشمل الفوائد الاقتصادية للأراضي الرطبة تنظيم الفيضانات وتنقية المياه وتخزين الكربون، وهي أمور أساسية مع ارتفاع منسوب المياه وتزايد العواصف المدارية والأعاصير بسبب تغير المناخ. كما أنها تدعم قطاعي صيد الأسماك والزراعة، وتوفر فوائد ثقافية.

ويصدر التقرير قبل أسبوع من اجتماع أطراف اتفاقية الأراضي الرطبة في شلالات فيكتوريا بزيمبابوي، وهي اتفاقية عالمية وقّعتها 172 دولة عام 1971 لقيادة جهود الحفاظ على النظام البيئي.

وتجتمع المجموعة، التي تضم الصين وروسيا والولايات المتحدة، كل ثلاث سنوات، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت جميع الدول سترسل وفودًا.

في المئة من الأراضي الرطبة اختفت، سواءً أنظمة المياه العذبة مثل أراضي الخث والأنهار والبحيرات، أو الأنظمة البحرية الساحلية

وأفاد التقرير بأن تدهور الأراضي الرطبة حادٌّ بشكل خاص في أفريقيا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ولكنه يتفاقم في أوروبا وأميركا الشمالية. ويجري تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل في دولٍ منها زامبيا وكمبوديا والصين.

وتُعد الأراضي الرطبة من أهم المخازن الطبيعية للكربون، ما يجعلها حليفًا رئيسيًا في مواجهة التغير المناخي. لكن مع تجفيف هذه المناطق وتحويلها إلى أراضٍ زراعية أو صناعية، يتحول الكربون المختزن فيها إلى غازات دفيئة تُسرّع من وتيرة الاحتباس الحراري.

كما أن تراجع هذه البيئات يؤثر في الهجرة الموسمية للطيور، وفي الدورات البيولوجية المرتبطة بالماء والتربة، ويؤدي إلى تفكك سلاسل غذائية كاملة.

وأمام هذه التحديات، تدعو الأمم المتحدة ومنظمات البيئة الدولية إلى حماية الأراضي الرطبة وإدماجها في سياسات التخطيط العمراني والاقتصادي.

ويرى المختصون أن الاستثمار في استعادتها لا يُعدّ فقط ضرورة بيئية، بل تعتبر إستراتيجية تنموية طويلة المدى تضمن الأمن الغذائي والمائي، وتقلل من المخاطر المناخية، وتحمي مصادر الدخل المستدامة.

وقد بدأت بعض الدول بالفعل في إطلاق مبادرات لإعادة تأهيل أراضٍ رطبة مهددة، مثل ما حدث في بنغلاديش وهولندا والبرازيل، حيث تم تسجيل تحسن ملحوظ في التنوع الحيوي والخدمات البيئية بعد استعادة هذه الأنظمة البيئية.

ويبقى الحفاظ على الأراضي الرطبة مسؤولية جماعية تتطلب تنسيقًا بين الحكومات والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص، إذ أن تجاهل هذا الملف يعني خسارة موارد طبيعية لا يمكن تعويضها بسهولة، وفقدان توازن بيئي يُهدد استقرار الحياة على كوكب الأرض.

تركيا تحتفل بيوم الديمقراطية وتكثّف ملاحقتها لمعارضي الرئيس


يانيك سينر.. موهبة خارقة تغرد خارج سرب عمالقة التنس


ليفربول يرفض إغراءات بايرن ميونخ لضم لويس دياز


الصب العملاق ثورة تكنولوجية متقدمة في ابتكار السيارات