اخبار الإقليم والعالم

تلميحات الصدر تربك الإطار التنسيقي في المنعطف الأخير من الانتخابات العراقية

وكالة أنباء حضرموت

أربكت عودة زعيم "التيار الوطني الشيعي" مقتدى الصدر بدفعه موجة ثانية من "الجرعات المرة" ضد خصومه السياسيين في العراق وتحديدا التحالف الشيعي لقوى الإطار التنسيقي الذين فهموا من تلميحه، إلى دعم جهة انتخابية قد يحمل إشارة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أعلن ترشحه للاستحقاق التشريعي المقبل.  

وتُشكل هذه التطورات تحديا وجوديا للإطار التنسيقي، الذي يواجه مخاوف جدية من تأثير الصدر على مزاج الناخب الشيعي، مما يهدد بتفتيت هيمنته البرلمانية الحالية وفتح الباب أمام تحولات غير متوقعة في الخارطة السياسية.

وسبق للصدر أن أطلق "جرعات" مماثلة أربكت التحالف الشيعي قبل إعلانه مقاطعة الانتخابات في مارس الماضي، وهو الموقف الذي كرره أربع مرات خلال الأشهر القليلة الماضية، مؤكدًا اعتزاله العمل السياسي. لكن التغريدة الأخيرة التي نشرها مقرب منه، والتي فُهم منها تفكير الصدر في "دعم قائمة انتخابية"، غيرت قواعد اللعبة.

لقد قدم الصدر، على ما يبدو، برنامجا انتخابيا مبكرا، أو بالأحرى شروطا صارمة يجب أن تتوفر في الجهة التي قد يوجه جمهوره المقاطع للتصويت لها، في حال قرر التراجع عن مقاطعته.

خلال السنوات الثلاث الماضية، أظهر الصدر قدرة فائقة على مفاجأة خصومه الشيعة، ورفضه المستمر للوساطات الداخلية والخارجية للعدول عن قراره بالمقاطعة زاد من حالة عدم اليقين.

وتُظهر شروط الصدر التي أوردها عبر تغريدة مقربه، مثل "الاستقلال بلا تبعية، وحصر السلاح بيد الدولة، وتقوية الجيش والشرطة، وحلّ الميليشيات، ودمج الحشد الشعبي في القوات الأمنية أو تنظيمه، والتمسك بحب الوطن، وكشف الفاسدين، والسعي للإصلاح"، توافقا كبيرا مع التوجهات العامة لبرنامج السوداني الذي أكد مرارا على سيادة الدولة وتطبيق القانون ومكافحة الفساد، وقد تمثل هذه النقاط الإصلاحية أرضية مشتركة لدعم غير مباشر من الصدر للسوداني، مما يثير قلق الإطار التنسيقي الذي يرى في هذا التقارب المحتمل تهديدا لاستقراره وتوازنه السياسي.

وفي ظل هذه التطورات المعقدة، عقدت قوى الإطار التنسيقي اجتماعا مغلقا في مكتب رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي ناقش مستجدات الموقف الانتخابي، لا سيما الطرح الأخير للصدر، وفق ما أفاد مصدر مطلع لوكالة شفق نيوز.

وأوضح المصدر أن الاجتماع تناول تداعيات شروط الصدر، والتي تضمنت بنودا إصلاحية شاملة تتقاطع مع سياسات العديد من أطراف الإطار، ولا سيما فيما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة وتنظيم الحشد الشعبي ضمن إطار أمني قانوني جديد.

وأضاف أن بعض قيادات الإطار تقول إنها "رصدت لما اعتبرته إشارات أولية على تقارب غير معلن بين الصدر وتوجهات السوداني بهذا الصدد"، لافتاً إلى أن هذه القيادات تخشى من تقديم الصدر دعما غير مباشر للسوداني في الانتخابات المقبلة".

كما لفت إلى أن الإطار التنسيقي أكد خلال اجتماع على ضرورة احتواء أية تحولات في مزاج الناخب الشيعي قد تؤدي إلى تفتيت وفقدانه الهيمنة التي يتمتع بها حالياً في البرلمان.

ومساء الأحد الماضي، كشف صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، عن اجتماع "مستمر" يُسأل فيه زعيم التيار عن الكتل المرشحة للانتخابات، وكان الصدر قد قرر في وقتٍ سابق عزل أكثر من 30 منتميا للتيار بسبب دخولهم في قوائم شيعية انتخابية.

ترى أوساط التيار الصدري أن زعيمه قدّم ما يمكن وصفه بـ"وصفة عطّار عراقية" للمرحلة المقبلة، بدلًا من "الوصفات المستوردة" التي كانت تُفرض من خارج الحدود، في إشارة ضمنية لرفض التدخلات الخارجية.

واشتهرت عن الصدر عبارة استخدمها خلال أزمة تشكيل الحكومة بعد انتخابات 2021، حين رفض ما أسماه "خلطات العطّار"، في إشارة فُهم منها رفضه التدخلات الإيرانية.

وجاء في تغريدة صالح محمد العراقي، "أكتب كلماتي هذه واجتماعنا معه في الحنانة ما زال مستمراً".

وأضاف "يسألنا: مَنْ مِنَ الكتل المرشحة للانتخابات برأيكم يمكن أن يكون برنامجها الاستقلال بلا تبعية، وحصر السلاح بيد الدولة، وتقوية الجيش والشرطة، وحلّ الميليشيات، ودمج الحشد الشعبي في القوات الأمنية أو تنظيمه، والتمسك بحب الوطن، وكشف الفاسدين، والسعي للإصلاح؟".

وتابع العراقي نقلا عن الصدر "ما هي الضمانات التي يمكن أن تؤخذ منها مقابل إعطائها أصوات الشرفاء؟.

وقبيل هذه التغريدة بساعات، أعلن الصدر التبرؤ من 31 عضوا في التيار، بسبب ترشحهم ضمن قوائم انتخابية، أغلبها تابعة لـ"فصائل".

ورد الصدر على كتاب صادر عن "سرايا السلام"، نُشر على منصات إخبارية، بشأن ترشح عدد من المنتمين للتيار، قائلا "أتبرأ منهم أجمع، كما تبرؤوا منا. فحبّ الدنيا أنساهم انتماءهم، لكن آمل منهم التراجع والتوبة، عسى الله أن يغفر لي ولهم".

وضمت القائمة 31 اسما لمرشحين ضمن قوائم تابعة لـ"كتائب حزب الله"، و"كتائب الإمام علي"، ووزير العمل أحمد الأسدي، فضلا عن قائمة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وآخرين.

ومن جانبها، وصفت "السرايا" – الفصيل التابع للتيار الصدري – مشاركة مقاتلين من تشكيلها في القوائم الانتخابية بأنها "خيانة"، وأعلنت طردهم.

وجاء في الوثيقة الصادرة عن "سرايا السلام – مكتب المعاون الجهادي"، الأحد "نظرا لمخالفة الأسماء المدرجة أدناه لأمر مقاطعة الانتخابات، ومشاركتهم في قوائم متفرقة، ولخيانتهم الواضحة لثوابت المؤسسة العسكرية، تقرر طردهم من تشكيلات سرايا السلام في جميع المحافظات، وعلى الجميع البراءة منهم ومقاطعتهم وعدم التعامل معهم مطلقاً".

وبحسب الوثيقة، بلغ عدد المطرودين من التشكيل 9 أشخاص من محافظات بغداد، بابل، ذي قار، الديوانية، والبصرة.

والأربعاء الماضي، جدد الصدر في تغريدة على منصة إكس موقفه المقاطع للانتخابات المقبلة، موضحاً أسباب قراره الأخير، ومدعّماً كلامه بمقاطع من خطبة منسوبة للإمام علي، أنهى بها تغريدته بالإشارة إلى ضرورة "حلّ" أو "دمج" الفصائل المسلحة.

وقال الصدر في تلك التدوينة "فزهدت بهم وبها، فهي عندي أهون من عفطة عنزٍ مَرضى".

وخلال شهر محرّم، نشر الصدر سلسلة من التغريدات وعبارات مكتوبة بخط يده، تناول فيها مواضيع "الإصلاح" و"حلّ الميليشيات".

وتعتقد أوساط في التيار أن ما يقوم به الصدر هو موجة جديدة من "الجرعات المُرّة" ضد خصومه الشيعة تمهيدا للانتخابات المقبلة.

وكان زعيم التيار قد مرّر خلال الأشهر الماضية مواقف مماثلة أثارت حيرة قوى "الإطار التنسيقي"، من بينها دعوة أنصاره لتحديث بطاقاتهم الانتخابية رغم إعلان المقاطعة، واعتماد تسمية "التيار الوطني الشيعي" بدلاً من "التيار الصدري".

كما لمح الصدر مرارا إلى احتمال العودة إلى السلطة، وكان أبرز المؤشرات على ذلك استقالة نصار الربيعي، القيادي البارز في التيار، من رئاسة كتلة الأحرار في مارس 2023، والتي كانت تمثل الذراع البرلمانية للتيار في السابق.

وأفادت مصادر حينها أن الاستقالة جاءت لتفادي الازدواجية في قيادة كتلتين، إذ لا يسمح قانون الأحزاب لشخص واحد بإدارة حزبين.

وقبل ذلك بأيام، وجّه الصدر ثمانية من قياديي التيار بعدم السفر إلى الخارج، " لوجود أمور مهمة تتعلق بالوضع العام والخاص"، وفق بيان صادر عن مكتبه في الحنانة – النجف، قبيل إعلان المقاطعة الرسمية للانتخابات المحلية في 2023.

ومعروف عن الصدر أنه يحدد "مهلاً" زمنية للحكومة وخصومه السياسيين، كان أبرزها "مهلة السنة" لحكومة عادل عبدالمهدي (2018–2019)، و"مهلة الأربعين يوماً" في 2022 التي منحها لقوى "الإطار التنسيقي" لتشكيل الحكومة بعد اعتراضهم على خيار "حكومة الأغلبية".

ورغم انسحابه، يظل التيار الوطني الشيعي، لاعبا مؤثرا في الشارع العراقي، سواء من خلال جمهوره الكبير أو عبر تحركاته الشعبية التي كان لها دور حاسم في أكثر من محطة مفصلية، ما يجعل إمكانية عودته إلى العملية الانتخابية محط أنظار القوى السياسية والمراقبين سواء بسواء.

وكانت أغلب الكتل السياسية وبمختلف عناوينها ومكوناتها بعثت ممثلين عنها إلى النجف في محاولة لجس موقف الصدر، من المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة من عدمها.

تركيا تحتفل بيوم الديمقراطية وتكثّف ملاحقتها لمعارضي الرئيس


يانيك سينر.. موهبة خارقة تغرد خارج سرب عمالقة التنس


ليفربول يرفض إغراءات بايرن ميونخ لضم لويس دياز


الصب العملاق ثورة تكنولوجية متقدمة في ابتكار السيارات