اخبار الإقليم والعالم

عالم مزدهر للتزوير في المنطقة العربية

وكالة أنباء حضرموت

يتخذ التزوير أشكالا متعددة في جميع أنحاء العالم العربي، من العملات المزيفة والوثائق المزورة إلى الأعمال الفنية والآثار المقلّدة. وعلى مدى المئة عام الماضية تأثر تطوره بالتحولات السياسية والتقدم التكنولوجي وغياب الاستقرار الاقتصادي والجريمة المنظمة العابرة للحدود.

ويعتبر تزوير العملات جريمة مربحة، موجودة منذ اختراع النقود. ولا تزال تُمثّل مشكلة رئيسية للدول العربية، خاصة خلال الاضطرابات السياسية أو الاقتصادية.

وغمرت العملات المزورة الأسواق في السودان واليمن وسوريا، حيث أضعف الصراع سيطرة الحكومات على الأنظمة المالية. ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، ضبطت شرطة دمشق كميات كبيرة من العملات المزيفة، شملت الدولار والريال السعودي.

وشهد لبنان الأزمة نفسها خلال الحرب الأهلية (1975 – 1990)، وهو ما زاد في احتداد الأزمة الاقتصادية. وبعد سقوط صدام حسين في العراق خلال 2003، عانت البلاد من طفرة في الأوراق النقدية المزيفة حيث استغلت الجريمة المنظمة فراغ السلطة.

النمو السكاني السريع وعدم الاستقرار السياسي قد أديا إلى ازدهار سوق سوداء لجوازات السفر والتأشيرات وبطاقات الهوية المزورة في علاقة بالهجرة غير الشرعية

وشكّل تزوير وثائق الهوية تحديا مرتبطا بالهجرة غير الشرعية والإرهاب والاتجار بالبشر. ويشير تقرير نشره موقع عرب دايجست إلى أن النمو السكاني السريع وعدم الاستقرار السياسي قد أديا إلى ازدهار سوق سوداء لجوازات السفر والتأشيرات وبطاقات الهوية المزورة.

وتُصدر السفارات والقنصليات العربية اليوم وثائق بناءً على تعليمات كبار مسؤولي النظام، وتُستخدم الوثائق المزورة أو الصادرة بطريقة احتيالية لاستهداف المعارضين والمنشقين في الخارج. ويشمل ذلك توريطهم زورا في جرائم أو التقدم بطلبات للحصول على الجنسية باسمهم في دول بعيدة دون موافقتهم، ما يؤدي إلى رفض منحهم حق اللجوء في الغرب بحجة وجود ملاذ آمن مفترض لهم.

ويجذب إرث العالم العربي التاريخي الغني هواة جمع التحف والمزورين على حد السواء. وكثيرا ما شمل التزوير القطع الأثرية والمخطوطات القديمة.

وفي إطار المساعي لمكافحة التزوير بدأت المتاحف والمؤسسات الثقافية في الدول العربية تعتمد تقنيات الطب الشرعي للتحقق من صحة القطع الأثرية. لكن التزوير لا يزال يُمثل مشكلة، خاصة في المشهد الفني العراقي الحديث.

ويُلحق تزوير الشهادات الأكاديمية والمؤهلات المهنية الضرر بأسواق العمل ويقوض مصداقية المؤسسات التعليمية. وواجهت الكويت في 2019 فضيحة كبرى عند الكشف عن شبكة لبيع شهادات جامعية مزورة من جامعات محلية ودولية. وكان من بين المتورطين ثلاثة موظفين في وزارة الداخلية وضابط في الجيش، باعوا حوالي 600 شهادة مزورة لعملاء بارزين (بمن فيهم موظفون حكوميون) بأسعار تتراوح بين 12 و20 ألف دينار كويتي (بين 30 و50 ألف جنيه إسترليني). ووقعت حوادث مماثلة في مصر والمملكة العربية السعودية، ما دفع إلى تشديد أنظمة التحقق. كما تبين أن وزير التعليم المصري، محمد عبداللطيف، يحمل شهادة دكتوراه مزورة من جامعة وهمية.

الدول العربية أحرزت تقدما ملحوظا في مكافحة التزوير، إلا أن العقبات الرئيسية لا تزال قائمة؛ مع انتشار التزوير الرقمي

وتشمل الطرق التقليدية المستخدمة للتحقق من الوثائق الاعتراف وشهادة الشهود وأداء اليمين، ولكن رأي الخبراء كان دائما هو المفتاح. وقد أُضيفت أدوات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وسلسلة الكتل والقياسات الحيوية. ومع ذلك تُمكّن هذه التقنيات أيضا من تزوير الوثائق والأموال بشكل أكثر تقدما.

وتُعدّ الإمارات العربية المتحدة والسعودية رائدتين في تطبيق الأمن الرقمي في إجراءات الوثائق، وتُستخدم الآن علامات مائية وتصاميم معقدة في الوثائق الرسمية المصرية.

وتفرض الدول العربية اليوم عقوبات قانونية صارمة. ويتضمن قانون العقوبات المصري أحكاما قاسية وغرامات باهظة. وصاغت السعودية والإمارات قوانين صارمة لمكافحة التزوير، ولكلتيهما وحدات نشطة لمكافحة الاحتيال والجرائم الإلكترونية.

وفي الأردن تجب إحالة أي وثيقة متنازع عليها إلى النائب العام للمزيد من التحقيق. وتُعقّد المواقف الثقافية جهود تجريم التزوير. ورغم إدانته، إلى جانب ممارسات فاسدة أخرى، يرى البعض أنه تكتيك ضروري في مجال الأعمال.

وأحرزت الدول العربية تقدما ملحوظا في مكافحة التزوير، إلا أن العقبات الرئيسية لا تزال قائمة؛ فمع ازدياد مهارة المزورين وانتشار التزوير الرقمي، يتعين على الحكومات والأجهزة الأمنية مواصلة تطوير إستراتيجياتها للتكيف مع التطورات. ومع استمرار العالم العربي في تحديث مؤسساته واقتصاداته، تظل مكافحة التزوير أمرا حيويا لضمان الأمن الوطني والاستقرار الاقتصادي.

ترتيبات لتمويل جديد من صندوق النقد يعكس الثقة بإصلاحات الأردن


أبوظبي تتحدى هبوط أسعار النفط بالتوسع في مشاريعها الكبرى


انفتاح مغربي على كوريا الجنوبية لتعزيز القدرات الدفاعية


استئناف الرحلات بين سوريا والإمارات يمهّد لتعاون اقتصادي أوسع