اخبار الإقليم والعالم
انفتاح مغربي على كوريا الجنوبية لتعزيز القدرات الدفاعية
يدرس المغرب إمكانية اقتناء أنظمة تسليح متقدمة من كوريا الجنوبية، تشمل نظام الدفاع الجوي "تشونغونغ-2"، و"دبابة ك2 بلاك بانثر" و"الغواصة كا إس إس 3" وذلك في إطار تنويع شركائه في مجال الدفاع وتعزيز قدراته الدفاعية.
وبعد أن تمكنت كوريا الجنوبية من تعزيز موقعها في المغرب من خلال صفقة غير مسبوقة في مجال القطارات، أطلقت الرباط مفاوضات مع سيول، من أجل دعم ترسانتها العسكرية، حيث أبدى اهتمامه بالحصول على دبابات وغواصات خلال الزيارة التي قام بها وزير الصناعة والتجارة رياض مزور مؤخرا إلى العاصمة سيول، في إطار تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، حيث تم بحث التعاون في مجالات مختلفة.
ولأجل توسيع النقاش في الشراكات في مجالات مختلفة: السكك الحديدية، والسيارات، والطاقة، والدفاع، التقى رياض مزور مع العديد من الشخصيات الرئيسية في القطاع الخاص الكوري، بما في ذلك لي يونغ باي، الرئيس التنفيذي لشركة هيونداي روتيم (الشركة المصنعة لدبابة K2)، وكيم هيون سوك من شركة نيكسين تاير، وجونغ سونغ ووك، نائب رئيس شركة سامسونغ إي آند إيه، كما استُقبل من طرف سانغ كيون لي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “هيونداي” للصناعات الثقيلة، ومع رئيس شركة “HHI“، الرائد العالمي في بناء السفن وصناعة الطاقة البحرية.
وعبر المغرب عن رغبة واضحة في إقامة شراكات صناعية واقتصادية دفاعية متكاملة، تشمل نقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات وتوسيع دائرة الاستثمار بين الطرفين، وهو ما تجلى في لقاءات الوزير مزور مع مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الكورية، وأيضا مع كبار الفاعلين في القطاع الخاص الصناعي والعسكري.
وأكد محمد لكريني، أستاذ العلاقات الدولية، أن تعزيز المغرب تعاونه مع كوريا الجنوبية في المجال الدفاعي مرتبط بنجاحات القطاع الصناعي بسيول المعروف بأنظمة عالية من التقنية وبأسعار تنافسية، خصوصا وأن هذه الأسلحة الكورية الجنوبية متقدمة وقادرة على مواجهة كافة التهديدات الجوية أو البحرية، بل الأكثر من ذلك فهذه الأسلحة أثبتت كفاءتها وهو ما حفز المغرب من أجل التعامل مع كوريا الجنوبية والاستفادة من خبرتها لتعزيز ترسانته العسكرية.
وقال لـ”العرب”، إن “هذا التعاون مع الجانب الكوري كانت بدايته تجاريا واقتصاديا وهناك ترتيبات لتطويره إلى المجال الدفاعي، ويأتي ضمن إستراتيجية مغربية في ترسيخ صناعة دفاعية محلية من خلال نسج روابط التعاون والشراكة البناءة بنقل التكنولوجيا ودمج إنتاج أو صيانة العديد من الآليات منها الدبابات والغواصات.”
ويمثل سعي المغرب للحصول على دبابة “كيه-2 بلاك بانثر” نقطة تحول إستراتيجية في مشترياته الدفاعية، الى جانب اعتماده التاريخي على موردين غربيين مثل الولايات المتحدة وفرنسا، حيث جهّزت المملكة قواتها بدبابات “إم1إيه1 أبرامز” ومركبات استطلاع فرنسية من طراز “إيه إم إكس-10 آر سي”. ويعكس التحول نحو مدرعات كورية جنوبية جهدا مدروسا لتنويع الموردين.
تعزيز المغرب تعاونه مع كوريا الجنوبية في المجال الدفاعي مرتبط بنجاحات القطاع الصناعي بسيول المعروف بأنظمة عالية من التقنية وبأسعار تنافسية
ويؤسس الانفتاح المغربي على كوريا الجنوبية لخطوات إستراتيجية لتأسيس محور تعاون دفاعي بين الرباط وسيول، خاصة مع عزم المغرب التعامل مع التحديات الإقليمية والرهانات الأمنية، من خلال بناء منظومته الدفاعية وفق رؤية متكاملة تستشرف المستقبل وتستند إلى تنويع الشركاء واعتماد مقاربة واقعية تقوم على الكفاءة والتكامل.
وفي حال تم توقيع اتفاقية رسمية بين وزارة الدفاع المغربية ونظيرتها الكورية سيكون المغرب أول دولة أفريقية تُبدي اهتمامًا مباشرا بدبابة “ك2 بلاك بانثر” التي تنتجها شركة هيونداي روتيم، وهي من أكثر دبابات القتال تقدمًا في العالم، وتتميز بمحرك قوي بقوة 1500 حصان ونظام تعليق نشط، فضلاً عن مدفعها عيار 120 ملم، كما أنها مزودة بأنظمة إلكترونية متطورة، مثل نظام التحكم في النيران والرادارات النشطة، مما يجعلها قادرة على العمل في ظروف قتالية معقدة، في إطار تحديث قواتها البرية وتعزيز تفوقها التكتيكي في ظل التوترات الإقليمية.
وتسعى المملكة إلى اقتناء الغواصة “كا إس إس 3″، كأول غواصة تُصمم وتُبنى بالكامل في كوريا الجنوبية، وهي مجهزة بأنظمة صواريخ متطورة وقدرات كشف تحت الماء، لتعزيز وجودها البحري في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، بعد تأخيرات في مفاوضات سابقة لاقتناء غواصات فرنسية، إذ سيمكن هذا النوع من الغواصات البحرية المغربية من امتلاك قدرات هجومية ودفاعية متقدمة، مما يعزز السيادة البحرية ويحمي المصالح الاقتصادية في المنطقة.
وعلى المستوى الثنائي وقع ناصر بوريطة وزير الخارجية ووزير التجارة الكوري إنكيو تشيونغ، في مايو الماضي، على بيان مشترك حول إطلاق مباحثات استكشافية لإرساء إطار قانوني للتجارة والاستثمار بين المملكة المغربية وجمهورية كوريا، في أفق اتفاق شراكة معززة، حيث اتفق الطرفان على مواصلة التعاون الاقتصادي رفيع المستوى، واستكمال المباحثات الاستكشافية في أقرب وقت ممكن من أجل بدء المفاوضات، بهدف تعزيز إطار الشراكة القائمة بين البلدين.