اخبار الإقليم والعالم
خلية الأردن: ما يقلق عمان أن الرابط الحمساوي يعني رابطا إيرانيا
أعلنت دائرة المخابرات العامة الأردنية في بيان الثلاثاء إحباط مخططات “تهدف إلى المساس بالأمن الوطني،” وتوقيف 16 شخصا متورطا فيها، يرجح أن يكون تحركهم داعما لحركة حماس، في وقت يقول فيه مراقبون إن ما يقلق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من تتالي الكشف عن الخلايا هو أن الرابط الحمساوي يعني رابطا إيرانيا.
ويمثل تشكيل الخلايا المسلحة ومساعدتها على إنتاج أسلحة محدودة التأثير، والتحضير لتنفيذ تفجيرات ضد مواقع سيادية أو سياحية أو اقتصادية لهز صورة البلد الذي يتم التحرك فيه والتشكيك في استقراره الأمني، إحدى طرق طهران للضغط على دول المنطقة القلقة من النفوذ الإيراني مثل الأردن، الذي عمل على النأي بنفسه عن المواجهة بين إيران وإسرائيل سواء بشكل مباشر أو عبر مجموعات موالية لطهران.
وبعد أن صبر الأردن استخباريا على الدور الإيراني لسنوات، ما عاد ذلك منطقيا عقب انهيار قدرة إيران على توظيف مثل هذه التفرعات الاستخبارية الإيرانية. وفي السنوات الأخيرة ظل الأردن يتعامل مع أنشطة حركتي حماس والجهاد على أنها جزء من الأجندة الإيرانية.
بعد أن صبر الأردن على الدور الإيراني لسنوات، ما عاد الصبر مفيدا عقب انهيار قدرة إيران على توظيف مثل هذه التفرعات الاستخبارية
وفي مايو الماضي أحبطت الأجهزة الأمنية الأردنية تهريب أسلحة أرسلتها فصائل مدعومة من إيران في سوريا إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن لها صلات بالجناح العسكري لحركة حماس. وتم ضبط الأسلحة عندما ألقي القبض على أعضاء في الخلية، وهم أردنيون من أصول فلسطينية.
وسبق أن أعلنت الأجهزة الأمنية الأردنية في 2023 أنها أحبطت الكثير من المحاولات التي قام بها متسللون مرتبطون بالجماعات الموالية لإيران في سوريا أو العراق، وإنهم عبروا حدود الأردن بقاذفات صواريخ ومتفجرات، وتمكنوا من إدخال بعض الأسلحة دون أن يتم اكتشافها.
وتنتمي الخلايا المدعومة من إيران، والتي يتم الكشف عنها من المخابرات العامة الأردنية، إما إلى حركة حماس مباشرة أو إلى عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، ويهدف الإيرانيون من وراء ذلك إلى استثمار تعاطف فئات من الأردنيين مع قطاع غزة وتوظيف بعض العناصر في ضرب استقرار المملكة.
وصار الأردن يشعر بالقلق من الاحتجاجات المرتبطة بغزة ومحاولة استثمارها في الضغط على السلطات سواء لأجندات داخلية أو خارجية.
ويميل متابعون للشأن الأردني إلى القول إن الهدف من الكشف عن الخلية في هذا التوقيت هو إشعار الأردنيين بأن ما يجري من احتجاجات وانتقاد لمؤسسات سيادية، مثل مؤسسة الجيش، يمكن أن يخلق مناخا ملائما لتحريك خلايا إرهابية تضرب استقرار البلاد وتخدم أجندات خارجية.
وصدمت هتافات صدح بها مشاركون في فعاليات شعبية نظمتها جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، دعما لقطاع غزة، الأوساط الرسمية والسياسية داخل المملكة لما تضمنته من جرأة غير معهودة وتجاوز لخطوط حمراء، من ذلك المس بهيبة الجيش الأردني.
وطالب متظاهرون، خلال تجمع كبير نظم قبل أسبوع وسط العاصمة عمان، الجيش بالانخراط في حرب ضد إسرائيل، وعدم الاكتفاء بمراقبة ما يجري في غزة، وعلا صوت بعضهم بهتافات لم تخل من إساءة من قبيل “واحد اثنين الجيش العربي وين .. نايم (واحد، إثنان، أين الجيش العربي؟ في سبات).”
وفيما اتهمت أوساط أمنية أردنية أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين بالمشاركة في المؤامرة لمهاجمة منشآت في المملكة، نفت الجماعة أي صلة لها بالمتهمين الذين تم إيقافهم.
وقال المحلل الأمني عامر السبايلة “نتحدث عن تكتيكات جديدة، صواريخ وطائرات مُسيرة. هذا يعني تغييرا جذريا في طريقة تعامل جماعة الإخوان المسلمين مع الأردن واستهدافها لأمنه.”
وواجهت جماعة الإخوان اتهامها بالحضّ على الاحتجاج المناهض للحكومة في الأردن الذي يعيش فيه عدد كبير من السكان الفلسطينيين.
وقالت دائرة المخابرات العامة الأردنية إنها أحبطت “مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة،” مؤكدة أنها “ألقت القبض على 16 ضالعا بها.”
وأشار بيان صادر عن الدائرة إلى أنها كانت تتابع تلك المخططات منذ عام 2021.
وشملت تلك المخططات “تصنيع صواريخ بأدوات محلية وأخرى جرى استيرادها من الخارج لغايات غير مشروعة، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام.”
كما شملت “مشروعا لتصنيع طائرات مسيرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج.” وتمت إحالة الموقوفين على محكمة أمن الدولة، وفقا للبيان.
وفي إيجاز صحفي قال وزير الإعلام والاتصال محمد المومني إن الموقوفين هم عدة خلايا في أربع قضايا إحداها “تصنيع صواريخ قصيرة المدى مداها (يتراوح) ما بين 3 إلى 5 كيلومترات فقط، وهذا مؤشر كبير.”
وأضاف المومني، وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن القضية تشمل أيضا “حيازة مواد متفجرة وأسلحة أوتوماتيكية، وإخفاء صاروخ مجهز للاستخدام، ومشروعا لتصنيع طائرة مسيرة.”
وأوضح أن الخلية الأولى تضم ثلاثة عناصر ضبطت بين مايو ويونيو 2023 وكانت تعمل على “نقل وتخزين مواد شديدة الانفجار من نوع تي أن تي وسي 4 وسنتيكس إتس وأسلحة أوتوماتيكية جميعها مهرب من الخارج.”
أما الخلية الثانية فهي من ثلاثة عناصر أيضا وضبطت في فبراير 2025 و”كانت تعمل على تصنيع هياكل صواريخ بأدوات محلية.” وأكد المومني أنها تلقت تمويلا من الخارج وتمكنت من إنتاج نموذج لصاروخ.
وقال إن خلية أخرى من “4 عناصر انخرطت في مشروع لتصنيع طائرات مسيرة مستعينة بأطراف خارجية، عبر زيارات إلى دول للحصول على الخبرات اللازمة.”
وأشار إلى أن الخلية استطاعت إنجاز مجسم أولي لطائرة مسيرة. أما الخلية الرابعة فقال إن مهمتها كانت تجنيد عناصر وترشيحها وإخضاعها لـ”دورات تدريبية أمنية غير مشروعة.”
وأشار المومني إلى أن “هناك انتماءات سياسية لمتهمين في هذه القضايا. منتسبون إلى جماعة غير مرخصة ومنحلة بموجب القانون،” في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن والتي حلت بقرار قضائي عام 2020. وعرض تلفزيون المملكة الرسمي ما قال إنه اعترافات مسجلة لعدد من المتورطين.