أحداث يناير 1986 في عدن
رئيس جهاز البحث الجنائي الأسبق عمر عبدالكريم: حرب 86 كارثة والوحدة مشروع جنوبي
أكد العميد الدكتور عمر عبدالكريم، رئيس جهاز البحث الجنائي الأسبق ومدير أمن صنعاء وعدن سابقاً، أن أحداث يناير 1986 في عدن كانت كارثة إنسانية وسياسية ضربت الجنوب في عمقه، ودفعت ثمنها الأجيال اللاحقة.
وقال عبدالكريم، في حديث بودكاست مع بشير الحارثي، إن تلك الحرب أدت إلى "نسف المؤسسة العسكرية برمتها"، وأدخلت الجنوب في مسار انقسامات أضعفت الدولة ومهدت لاحقاً لانهيارات متتالية.
وأضاف أن مشروع الوحدة اليمنية في أساسه كان مشروعاً جنوبياً، حمله قادة الجنوب بدافع من قناعة فكرية ورؤية استراتيجية، لكنه ـ بحسب تعبيره ـ "لم يُدار بالشكل الصحيح، فبدلاً من أن يكون مشروع بناء تحول إلى عامل صراع وهيمنة".
وشدد على أن التجربة تستوجب قراءة نقدية صريحة، بعيداً عن المزايدات، لضمان عدم تكرار أخطاء الماضي، مؤكداً أن التاريخ يجب أن يُكتب بصدق "لأن الأجيال القادمة من حقها أن تعرف الحقيقة كما هي".
وقال إن مشروع الوحدة اليمنية الذي أُعلن عام 1990 كان في أساسه "مشروعاً جنوبياً خالصاً"، تبناه قادة الجنوب برؤية قومية ووطنية.
وأضاف عبدالكريم أن الإخفاق لم يكن في الفكرة ذاتها، بل في طريقة إدارتها، موضحاً: "الوحدة لم تتحول إلى مشروع بناء كما أراد الجنوبيون، بل إلى وسيلة هيمنة وصراع، وهو ما أدى لاحقاً إلى حروب وانقسامات انتهت بسقوط الدولة."
وأكد أن مراجعة التجربة أصبحت ضرورة تاريخية، داعياً إلى تقييم صريح "يضع النقاط على الحروف" حتى لا تتكرر الأخطاء مع الأجيال القادمة.
وكشف العميد الدكتور عمر عبدالكريم، أن ملابسات اغتيال الرئيس سالم ربيع علي (سالمين) عام 1978 لا تزال غامضة حتى اليوم، ولم تُكشف تفاصيلها للرأي العام.
وقال عبدالكريم إن "أحداً لا يعرف أين دُفن سالمين ولا كيف جرت عملية إعدامه، وكل ما أعلن حينها أنه كان على وشك مغادرة البلاد"، مشدداً على أن ما جرى يمثل فراغاً في ذاكرة الجنوب السياسية، ويجب أن يُوثّق بشكل صريح.
ودعا عبدالكريم القيادات التي عاصرت تلك المرحلة إلى توثيق الحقائق وإصدار مذكرات أو كتب "لأن التاريخ أمانة، ولا بد من كشفه للأجيال القادمة بعيداً عن الغموض والأساطير".
وقال العميد الدكتور عمر عبدالكريم، إن المؤسسة العسكرية اليمنية فقدت مكانتها منذ أحداث ما بعد 2011، بعد أن تحولت الرتب العسكرية إلى أداة تمنح "لمن هب ودب" بعيداً عن القوانين واللوائح المنظمة.
وأوضح عبدالكريم، في حديث مطوّل، أن ما يجري اليوم من توزيع رتب عسكرية عليا على عناصر غير مؤهلة "نسف قدسية المؤسسة العسكرية وأفقدها احترامها"، مشيراً إلى أن منح الرتب في الماضي كان يتم وفق معايير صارمة وتدرج مهني طويل.
وأكد أن هذا العبث بالتراتبية العسكرية، سواء في معسكر الحوثيين أو في إطار الشرعية، يعكس "وضعاً غير صحي" يهدد الأمن القومي ومستقبل المؤسسة العسكرية في اليمن.