«تدويل» تهديدات الحوثي.. سلاح الشرعية لإنهاء الانقلاب باليمن

وكالة أنباء حضرموت

دعوة من الحكومة الشرعية اليمنية مؤخرًا لتشكيل تحالف دولي لردع الحوثي طرحت جملة تساؤلات حول أبعادها السياسية والأمنية ودلالاتها الاستراتيجية.

ووفق خبراء تحدثت إليهم «العين الإخبارية» فقد مثلت الدعوة الرامية إلى تدويل التهديدات الحوثية وحشد دعم عسكري وسياسي دولي لإنهاء الانقلاب، إعلانا صريحا بفشل مسار السلام، إذ إن ذلك ليس مجرد خطاب عابر أو مناورة سياسية، بل يعكس إدراكًا رسميًا لمحدودية أدوات الردع محليًا وإقليميًا، بحسب قولهم.

وأكد الخبراء لـ«العين الإخبارية» أن تدويل المواجهة يأتي «ضمن إطار أوسع يرتبط بأمن الملاحة الدولية والتوازنات الإقليمية»، ويعيد صياغة الأزمة اليمنية كتهديد للأمن والسلم الدوليين، في ظل تجاوز انتهاكات الحوثيين الحدود اليمنية.

وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي قد تحدث في نقاشاته الرفيعة مع قادة العالم ضمن الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة عن ضرورة تبني مقاربة دولية مغايرة جذريًا لسياسة «الاحتواء» للتعاطي مع خطر مليشيات الحوثي والمنظمات الإرهابية المتخادمة معه.

ودعا المجتمع الدولي إلى تشكيل تحالف فعال يعيد لليمن أمنه واستقراره، ويبني مؤسسات دولته، ويحرره من قبضة «المليشيات والجماعات الإرهابية».

تعبئة دولية
ويصف محللون سياسيون دعوة الشرعية لتدويل تهديدات الحوثي وتشكيل تحالف دولي لمواجهة الانقلاب بأنها «تمثل تعبئة دولية وتغيرًا ملحوظًا في خطاب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا».

ويرى المحلل السياسي اليمني باسم الحكيمي أن الدعوة «تمثل رسالة قوية تُظهر أن الشرعية ليست مستعدة للقبول بحالة الاستسلام السياسي أو المهادنة المطلقة».

وقال الحكيمي في تصريح لـ«العين الإخبارية» إن هذه الدعوة تضع المجتمع الدولي أمام اختبار: هل هو جاد في دعم السلام والأمن أم يكتفي بإدارة الأزمة؟

وتابع: «كما مثلت هذه الدعوة فرصة لتجديد الديناميكية الدولية حول اليمن: إذا توافرت إرادة دولية، قد تتحول الدعوة إلى منصة لتعبئة موارد ودعم عسكري أو لوجستي، لكن ذلك يتطلب بناء تحالفات محلية ودولية متينة».

وخَلُص الحكيمي إلى أن تصريحات الرئيس العليمي تمثل مفترقًا في الخطاب الرسمي للشرعية، فهي تخرج من منطق المناشدة إلى منطق القوة والتعبئة الدولية.

واختتم بالقول: «التنفيذ الفعلي لهذه الدعوة سيعتمد بشدة على توازنات القوى الإقليمية والدولية، وعلى مدى استعداد الشركاء لدعمها ليس بالكلام بل بالأفعال».

تدويل التهديدات
من جانبه، يعتقد الكاتب اليمني عبدالرحمن جناح أن دعوة الشرعية حملت رسائل استراتيجية أعادت طرح القضية اليمنية أمام المجتمع الدولي بآفاق أوسع وأكثر عمقًا، بما يرسّخ موقع الشرعية ويعزز مناصرتها إقليميًا ودوليًا.

وقال لـ«العين الإخبارية» إن قيادة الشرعية أعادت صياغة جوهر الأزمة اليمنية بوصفها تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الدوليين، وليست مجرد نزاع داخلي.

وأضاف أن الدعوة إلى تشكيل تحالف دولي هدفت إلى تدويل التهديدات الحوثية من خلال إبرازها كذراع إيرانية تهدد الأمن الدولي وأمن الطاقة العالمي، كما ربطت الأزمة اليمنية باقتصاديات التجارة والملاحة الدولية.

أبعاد وآليات
في الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة تعز اليمنية الدكتور عبد القادر الخلي إن دعوة تشكيل تحالف دولي عسكري «تعكس إدراكًا رسميًا لمحدودية الأدوات المحلية والإقليمية في حسم الصراع، وتكشف عن مسعى لتدويل المواجهة ضمن إطار أوسع يرتبط بأمن الملاحة الدولية والتوازنات الإقليمية».

وعن دلالاتها، قال الخلي لـ«العين الإخبارية» إن الدعوة تعد «إقرارًا بفشل نهج الاحتواء واعترافًا ضمنيًا بأن الرهان على المسارات التفاوضية لم يفلح في الحد من قدرات الحوثيين، الذين تمكنوا من تطوير أدوات عسكرية متقدمة كالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، إلى جانب سيطرتهم على مؤسسات الدولة».

ويعتقد أن «هذا الإقرار يعكس انتقالًا من مرحلة الدفاع السلبي إلى محاولة استدعاء قوة دولية كعامل كبح وحسم»، مشيرًا إلى أن هناك دلالة أخرى وهي «تدويل الصراع وربطه بالأمن العالمي»، حيث لم تعد الحرب في اليمن محصورة في إطارها الداخلي، فالهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب جعلت من الصراع قضية ذات أبعاد دولية تمس التجارة العالمية وأمن الطاقة.

وتسعى الشرعية بذلك إلى إعادة تعريف المعركة باعتبارها تهديدًا للأمن الجماعي، لا مجرد نزاع أهلي محلي، بالإضافة إلى تعزيز الشرعية السياسية، كون تشكيل تحالف دولي يوفر للحكومة اليمنية غطاءً سياسيًا وقانونيًا، ويمنحها فرصة لاستعادة حضورها كفاعل مركزي في المشهد بعد سنوات من التآكل الميداني والسياسي ومحاولة لتثبيت صورة «الدولة» في مواجهة «المليشيات»، وإعادة تموضع الشرعية في الساحة الدولية.

وانتقل الخلي إلى بعد استراتيجي آخر وهو أن «اللجوء إلى تحالف دولي يربط الملف اليمني بملفات الملاحة والطاقة، ويسهّل حشد تأييد القوى الكبرى، باعتبارها صاحبة مصلحة مباشرة في الاستقرار».

وبشأن آليات مواجهة الحوثيين، يعتقد الخلي أن البُعد العسكري «يتطلب عمليات دقيقة تستهدف القدرات النوعية للحوثيين (الصواريخ، الطائرات المسيّرة، مراكز القيادة)، تزامنًا مع مسار سياسي يدفع المليشيات لتقديم تنازلات جوهرية».

ويشير إلى بعدين إضافيين، هما البُعد المؤسسي، والذي يتطلب إعادة بناء مؤسسة عسكرية وأمنية موحدة قادرة على الإمساك بالأرض وإدارة المناطق المحررة، والبُعد الإنساني والاقتصادي، الذي يربط الدعم الدولي بإعادة الإعمار وتوفير الخدمات لإضعاف جاذبية الحوثيين وإعادة ترميم علاقة الدولة بالمجتمع.