مشروع لبناني طموح يفتح نافذة لتحفيز الإنتاج الزراعي

وكالة أنباء حضرموت

\ تشكل مصادقة البرلمان اللبناني على اتفاقية قرض بين الحكومة والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتمويل مشروع زراعي واعد دفعة مهمة للبلد الغارق في الأزمات والتوترات منذ سنوات، ما أثّر على الناس وخاصة في الأرياف.

ويعد المشروع أول استثمار زراعي بهذا الحجم يقرّه البرلمان منذ سنوات، ما يعكس ثقة المجتمع الدولي بالإدارة الزراعية الحالية وقدرتها على تحويل الخطط إلى مشاريع قابلة للتنفيذ وفق أعلى المعايير.

وبموجب الاتفاقية التي تمت مناقشتها في مجلس النواب على مدار يومين انتهت بالموافقة عليها الثلاثاء، سيقوم البنك بتمويل مشروع “التحول الأخضر في قطاع الأغذية الزراعية من أجل التعافي الاقتصادي” بقيمة 200 مليون دولار.

ومن شأن هذا التحرك أن يشكل نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من الاستثمار في الزراعة كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي والأمن الغذائي في البلاد.

وقالت وزارة الزراعة في بيان أوردته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن المشروع الذي أعيد تفعيله وتحديثه يأتي من ضمن رؤيتها الإستراتيجية للنهوض بالقطاع الزراعي وتعزيز صمود الريف وتمكين المزارعين والمؤسسات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة.”

ونفت أن يكون المشروع عبئا على الدين العام للدولة، معللة بأنه جرى تجميده وأعيدت هيكلته بالكامل وفق أولويات واضحة، من ضمن رؤية إصلاحية تمتد إلى 2035، بالشراكة مع البنك الدولي، وفق آليات صارمة تضمن الحوكمة والشفافية والرقابة المستقلة.

وأكدت أن “إقرار المشروع جاء بعد نقاش مستفيض في الهيئة العامة لمجلس النواب، حيث عبر عدد كبير من النواب من مختلف الكتل السياسية عن دعمهم القوي للمشروع.”

ويأتي هذا الدعم للمساهمة في إنعاش القطاع، الذي يمرّ كغيره من المجالات الأخرى بظروف صعبة للغاية، ليس بسبب الجفاف فحسب، بل وأيضا جراء تكاليف الإنتاج وقلة الوصول إلى السيولة النقدية.

وترى أوساط اقتصادية أن المشروع يعد فرصة إنقاذية نادرة للقطاع الزراعي الذي لطالما شكل صمام أمان اقتصادي واجتماعي مع توجيه الاستثمارات نحو المناطق الريفية الأكثر تهميشا وتأثرا بالأزمات.

كما أنه ستكرس مفاهيم الزراعة الذكية والتكيف المناخي ضمن السياسات الحكومية مع اعتبار المشروع مؤشرا لاستعادة الثقة الدولية بلبنان، وتمهيدا لفتح أبواب التمويل الإنتاجي المستدام.

وتحتل الزراعة في البلاد المرتبة الثالثة بين القطاعات الاقتصادية في البلاد بقرابة 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تؤمّن دخلا لحوالي 15 في المئة من السكان.

وعلى مدى سنوات، شكّل القطاع العصب الاقتصادي للقرى الحدودية بجنوب البلاد، ويُعدّ سهلا مرجعيون والوزاني الأكثر شهرة، إذ يرفدان السوق المحلية بحوالي 30 في المئة من حاجته.

ولا تزال الصعوبات الغذائية في لبنان تتفاقم، حتى بات هذا البلد ضمن 20 دولة تعد بؤرا ساخنة للجوع، وذلك إثر الأزمة الاقتصادية الحادة، فضلا عن تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، والحرب الروسية – الأوكرانية ثم الحرب بين حزب الله وإسرائيل.

وخلصت دراسة أجرتها منظمة الزراعة والأغذية (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة اللبنانية قبل عامين إلى أن مليوني شخص في لبنان يواجهون انعدام الأمن الغذائي من تعداد سكان يبلغ نحو 6.5 مليون نسمة.

ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن لبنان يستورد 85 في المئة من احتياجاته الغذائية، فيما يشعر نصف سكان البلاد بالقلق من عدم قدرتهم على توفير الغذاء منذ تفجر الأزمة الاقتصادية في أواخر 2019 وما تبعها من صدمات خارجية وتهديدات المناخ.

والمشروع الجديد يعد جزءا أساسيا من الخطة الوطنية للزراعة 2026 – 2035، حيث بمجرد إعادة تفعيله في جذب أكثر من 80 مليون دولار من مشاريع المنح الإضافية لدعم برامج زراعية تكاملية تشمل التحديث والحوكمة وبناء القدرات.

أبرز أهداف البرنامج
برنامج الاستثمارات الذكية في سلسلة القيمة
منح مباشرة لصغار المزارعين والتعاونيات
تدريب 12 ألف مزارع على الممارسات الذكية
دعم 390 مؤسسة صغيرة ومتوسطة
قروض ميسرة عبر مؤسسة كفالات بإشراف من وزارة الزراعة
تأهيل شبكات ري وإنشاء بحيرات زراعية
تحسين الطرقات والأسواق والبيئة التمكينية
دعم أنظمة تتبع وسلامة الغذاء
تأهيل ما بين 20 و30 طريقا زراعيا
زيادة القدرة التخزينية للمياه بأكثر من 1.5 مليون متر مكعب
وقال وزير الزراعة نزار هاني أن “مشروع التحول الأخضر في قطاع الأغذية الزراعية ليس مجرد تمويل مالي، بل هو حجر أساس في بناء نموذج زراعي لبناني جديد، أكثر مرونة وذكاء، وأكثر قدرة على التكيف مع التحديات المناخية والاقتصادية.”

وأضاف “لقد أعدنا تفعيل هذا المشروع انطلاقا من دراسات ميدانية دقيقة، ووفق خارطة زراعية جديدة للبنان مبنية على أسس علمية تأخذ بعين الاعتبار واقع الموارد وتغيرات المناخ.”

وتابع “تم الاستناد إلى توصيات علمية وشراكات دولية موثوقة بهدف إحداث تحول نوعي في بنية القطاع، ليصبح أكثر عدالة وإنتاجية وأكثر انفتاحا على الأسواق الإقليمية والدولية.”

وشدد على عزم الوزارة على تحويل هذا التمويل إلى “فرص ملموسة للنمو الريفي، وتعزيز الأمن الغذائي وتحفيز الاقتصاد من بوابة الأرض.”

وأكد أن المشروع ليس مشروعا إنمائيا فحسب، بل هو انطلاقة نحو زراعة منتجة وخضراء قائمة على الابتكار ومندمجة في الاقتصاد الوطني والدولي.

وسيتم توجيه 71 مليون دولار من التمويل إلى برنامج الاستثمارات الذكية في سلسلة القيمة، مع تقديم منح مباشرة لصغار المزارعين والتعاونيات، وتدريب 12 ألف مزارع على الممارسات الزراعية الذكية مناخيا.

وستقدم وزارة الزراعة من خلال هذا التمويل دعما بقيمة 51 مليون دولار لنحو 390 مؤسسة صغيرة ومتوسطة مع قروض ميسّرة عبر مؤسسة كفالات بإشراف مباشر وشفاف منها.

وعلاوة على ذلك سيتم توجيه جزء من المبلغ إلى تأهيل شبكات ريّ وإنشاء بحيرات زراعية وتحسين الطرقات والأسواق، مع تحسين البيئة التمكينية بقيمة 21 مليون دولار.

وكذلك سيتم تحديث التشريعات ورقمنة الخدمات ودعم أنظمة تتبع وسلامة الغذاء، وإدارة ومتابعة واستجابة طارئة بقيمة 8 ملايين دولار، وضمان الشفافية والمحاسبة والإعلام والرصد الميداني.

وسيستفيد نحو 80 ألف مزارع من الإرشاد الرقمي، و15 ألفا آخرين سيتلقون تدريبا متخصصا، و700 مزارع فردي و450 مجموعة تعاونية سيحصلون على منح مباشرة.

كما سيعمل المشروع على تأهيل ما بين 20 و30 طريقا زراعيا بطول إجمالي يقدر بنحو 45 كيلومترا، و110 بلديات ستعزز قدراتها الزراعية، وزيادة القدرة التخزينية للمياه بأكثر من 1.5 مليون متر مكعب.