مخيم الركبان يطوي فصلا مؤلما للنازحين في سوريا بعد غلق أبوابه
أغلق مخيم الركبان الذي كان يؤوي نازحين سوريين عند مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية أبوابه، بحسب ما أعلنت السلطات ومنظمة غير حكومية، بعد مغادرة آخر العائلات التي عاشت فيه في ظروف سيئة طوال سنوات النزاع.
ويمثل هذا الإغلاق نقطة تحول رمزية، ولكنه يفتح الباب أمام تحديات جديدة تتعلق بعودة النازحين ومستقبل إعادة الإعمار في سوريا.
وكتب وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح على منصة "إكس" السبت أن "إغلاق مخيم الركبان يمثل نهاية لواحدة من أقسى المآسي التي واجهها أهلنا النازحون".
وكتب من جهته وزير الإعلام حمزة المصطفى في منشور على المنصة نفسها السبت أن "بتفكيك مخيم الركبان وعودة النازحين يُطوى فصل مأساوي وحزين من قصص النزوح التي صنعتها آلة الحرب للنظام البائد".
وأضاف "لم يكن الركبان مجرد مخيم، بل كان مثلث الموت الذي شهد على قساوة الحصار والتجويع، حيث ترك النظام الناس لمواجهة مصيرهم المؤلم في الصحراء القاحلة".
وأعلنت المنظمة السورية للطوارئ وهي منظمة إنسانية غير حكومية، في منشور على "إكس" ليل الجمعة أن "مخيم الركبان أغلق رسميا وبات فارغا. كل العائلات والسكان عادوا إلى بيوتهم".
وأنشئ مخيم الركبان في العام 2014 في ذروة الحرب في سوريا، وشكّل ملاذا لسوريين فروا من انتهاكات الجهاديين وقصف قوات الجيش السابق، آملين بالعبور إلى الأردن.
ويقع المخيم عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، ضمن منطقة أمنية بقطر 55 كيلومتراً أقامها التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين بقيادة واشنطن، وأنشأ فيها قاعدة التنف حيث تنتشر قوات أميركية.
وفي الذروة، أوى الركبان أكثر من مئة ألف شخص. لكن عشرات الآلاف غادروه على مرّ السنوات، لا سيما بعدما أغلق الأردن حدوده عام 2016، ما أرغم كثراً على العودة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، هرباً من الجوع والفقر ونقص الخدمات الطبية.
وقبل سقوط حكم بشار الأسد في ديسمبر، كان المخيم يؤوي نحو 8 آلاف شخص معزولين تماما عن المناطق التي كانت تسيطر عليها قوات الجيش السابق بينما لم تسمح السلطات حينها إلا نادرا بدخول المساعدات إليه.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بدأ السكان بالعودة تدريجيا إلى مناطقهم الأصلية في المناطق الريفية من محافظتي حمص ودمشق بعد سقوط الأسد.
ووصلت آخر العائلات المغادرة السبت إلى بلدة القريتين في ريف حمص، وفقا لما أفاد به سكان محليون، مشيرين إلى أن منازلهم كانت قد دمرت سابقا على يد قوات الأسد أو تعرضت للنهب من قبل موالين له.
وقال خالد حسن، وهو من سكان القريتين، "بعض العائلات نصبت خياما، واستخدمت ألواح الحديد وأعمدة من بقايا خيامهم في المخيم إلى حين إعادة بناء منازلهم".
واعتبر وزير الإعلام في منشوره أن "نهاية الركبان تمثل بداية طريق جديد لتفكيك باقي المخيمات".
وشرّد النزاع الذي بدأ العام 2011 بعد قمع السلطات احتجاجات شعبية اندلعت ضدّ حكم عائلة الأسد، قرابة نصف عدد سكان سوريا داخل البلاد وخارجها. ولجأ الجزء الأكبر من النازحين الى مخيمات في إدلب ومحيطها.
وبعد إطاحة الأسد، عاد 1.87 مليون سوري فقط، من لاجئين ونازحين، الى مناطقهم الأصلية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التي أشارت إلى أن "نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يشكل التحدي الأبرز" أمام عودتهم.
ولا يزال نحو 6.6 ملايين شخص نازحين داخليا، وفق المصدر ذاته.
ويمثل إغلاق مخيم الركبان خطوة رمزية مهمة، لكنه يفتح الباب أمام تحديات هائلة لآلاف النازحين الذين غادروه. ففي حين أن العودة إلى بلداتهم الأصلية تنهي سنوات من الحرمان في الصحراء، يواجه الكثيرون منازل مدمرة وبنى تحتية منهكة، بالإضافة إلى نقص حاد في الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية.
وتشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن هذه العوامل هي العقبة الكبرى أمام العودة المستدامة. وبالتالي فإن تحويل نهاية "مثلث الموت" هذا إلى بداية حقيقية لإعادة الإعمار والاستقرار يتطلب جهودا دولية مكثفة ودعما لوجستيا هائلا لضمان ألا تتحول عودة هؤلاء النازحين إلى مأساة جديدة في مناطقهم المحررة.