ترامب بالدرعية.. عرضة السامري وجولة في قلب التاريخ السعودي
في زيارة حملت رمزية سياسية وتاريخية لافتة، اصطحب الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في جولة بالدرعية.
والدرعية هي العاصمة الأولى للدولة السعودية، والتي تحولت إلى وجهة عالمية ثقافية وسياحية ضمن مشاريع رؤية 2030 الطموحة.
الدرعية.. رمزية التاريخ والسيادة
لم تكن زيارة ترامب إلى الدرعية مجرد محطة بروتوكولية، بل حملت دلالات عميقة أراد ولي العهد السعودي إبرازها للضيف الأمريكي، من خلال اصطحابه إلى قلب حي الطريف التاريخي، المصنف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث نشأت الدولة السعودية الأولى.
وفي مشهد استثنائي وثقته عدسات الإعلام، قاد الأمير محمد بن سلمان سيارة جولف وإلى جانبه ترامب، متجولَين في أزقة الحي القديم، بينما ارتفعت في الخلفية أنغام السامري، أحد أبرز ألوان الفلكلور النجدي.
عرضة السامري.. رقصة نجدية تحمل روح التاريخ
وفي لحظة رمزية استثنائية، شاهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عرضة «السامري» النجدية خلال زيارته لحي الطريف في الدرعية، حيث قدّم له ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شرحًا عن هذه الرقصة التراثية التي تعدّ من أبرز ملامح الفلكلور السعودي، لاسيما في منطقة نجد.
عرضة السامري، بخلاف «العرضة السعودية» الرسمية ذات الطابع الحربي، هي رقصة شعبية ذات طابع غنائي جماعي، تؤدى غالبًا في المناسبات الاجتماعية والأفراح، وتتميز بإيقاعها السريع والترديد التفاعلي بين المغني والصفوف المشاركة.
ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي في الدرعية
ويعتمد أداؤها على دُفوف يدوية تضبط الإيقاع، فيما يردّد المشاركون أبياتًا شعرية نابضة بالحياة والمشاعر.
وتحمل السامري جذورًا تمتد إلى قرون مضت، إذ ارتبطت بتاريخ القبائل النجدية وأساليب تعبيرها الثقافي، ما جعلها حاضرة بقوة في الفعاليات التراثية والمهرجانات الوطنية.
ويأتي تقديمها لترامب ضمن السياق الأوسع لزيارة الدرعية، التي أراد ولي العهد السعودي من خلالها إبراز الهوية الثقافية السعودية كمكوّن مركزي في مشروع النهضة الشاملة ضمن رؤية 2030.
عرضة السامري لم تكن مجرّد أداء فلكلوري، بل مشهد ثقافي هادف نُفّذ بعناية ليعكس التمسك بالجذور في ظل التحديث والانفتاح، ويعطي رسالة مفادها أن مستقبل السعودية يُبنى على إرثها العميق وثقافتها الغنية.
من «العوجا» إلى العالم.. مشروع الدرعية منصة حضارية
تأتي هذه الجولة بالتوازي مع اطلاع ترامب على المخططات التطويرية الكبرى لمشروع الدرعية، الذي أعلن عنه ولي العهد السعودي عام 2023 كخامس مشروع ضخم مملوك لصندوق الاستثمارات العامة، بتكلفة تصل إلى 64 مليار دولار.
ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي في الدرعية
الدرعية، المعروفة قديمًا بـ«العوجا»، ليست فقط موطنًا لتاريخ الدولة السعودية، بل أيضًا لمنظومة جديدة من المشاريع السياحية والثقافية، تشمل 42 فندقًا فاخرًا وأكثر من 500 متجر و100 مطعم و26 معلمًا ثقافيًا، فيما يشبه إعادة صياغة دورها التاريخي ولكن بصيغة اقتصادية عصرية.
ولي العهد السعودي عرض على الرئيس ترامب حجم الاستثمارات المتوقعة، والبنية التحتية الذكية، والمخططات البيئية التي تتضمن حدائق وممرات للمشي والدراجات، بالإضافة إلى أسواق تراثية تستعيد روح الحياة النجدية الأصيلة.
وكان ترامب أكد في كلمته خلال منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي، على أهمية المملكة كمركز استقرار في المنطقة، قائلاً إن «مستقبل الشرق الأوسط يبدأ من السعودية».
وهو تصريح يتقاطع مع الرسائل السياسية التي حملتها زيارته للدرعية، والتي تعكس تحولًا في النظرة الأمريكية نحو رمزية الدولة السعودية ومشاريعها التنموية.