المحاكم الحوثية الاستثنائية تُجرد الصحافيين من ضمانات الدفاع العادل

وكالة أنباء حضرموت

أعلنت نقابة الصحافيين اليمنيين رفضها القاطع لمحاكمة الصحافي محمد المياحي أمام المحكمة الجزائية المتخصصة (الاستثنائية) التابعة للحوثيين التي تُجرد الصحافيين من ضمانات الدفاع العادل، ومن المقرر أن تبدأ جلساتها الاثنين، بعد قرابة ثمانية أشهر من اختطاف الحوثيين له على خلفية قضية مرتبطة بحرية الرأي.

وأكدت النقابة في بيان صادر الخميس أن هذه المحاكم “لا تضمن أدنى معايير العدالة،” معتبرةً محاكمة المياحي اعتداءً صريحا على حق التعبير وحرية الصحافة.

وتُستخدم هذه المحاكم، وفقا لخبرات سابقة، لتجريم العمل الصحفي وإصدار أحكام قاسية، وصل بعضها إلى الإعدام، دون تمكين المحامين من أداء دورهم الطبيعي في المنافسة القانونية.

وكان المياحي قد اختُطف من قبل جهات غير معلنة قبل ثمانية أشهر، على خلفية كتاباته الصحفية الناقدة للميليشيا وزعيمها، وسط مطالبات محلية ودولية بالإفراج عنه.

وقالت مصادر مطلعة إن جماعة الحوثي رفضت إحالة المياحي إلى محكمة الصحافة والمطبوعات، وأصرت على إجراء المحاكمة في المحكمة الجزائية المتخصصة.

وبحسب المصادر، فإن الجماعة كانت قد وافقت قبل أسابيع على إحالة المياحي إلى محكمة الصحافة، لتتراجع في وقت لاحق وتصر على محاكمته في الجزائية المتخصصة.

وفي الأسبوع الماضي قررت سلطات الحوثي تمديد حبس الصحافي المختطف لمدة 45 يومًا إضافية، في خطوة وصفها محاميه بأنها استمرار لانتهاك حقوقه القانونية وحرمانه من المحاكمة العادلة، فيما تُصنف منظمات دولية اليمن -في ظل سيطرة الحوثيين على معظم شمال البلاد- كواحدة من أخطر البيئات على العمل الصحفي بسبب انتهاكات متصاعدة من جميع أطراف النزاع.

ودعت النقابة المنظمات الدولية المعنية بحرية الإعلام، وعلى رأسها الاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب، إلى التحرك العاجل للتضامن مع المياحي والضغط لإطلاق سراحه وسراح كافة الصحافيين المحتجزين تعسفيا في اليمن.

كما جددت مطالبتها بالإفراج عن الزملاء وحيد الصوفي ونبيل السداوي (المحتجزين لدى جماعة الحوثي) والصحافي ناصح شاكر (المختطف لدى الحزام الأمني في عدن).

وحذّرت النقابة من أن استمرار استخدام القضاء الاستثنائي لمحاكمة الصحافيين يُعمق أزمة حرية التعبير في البلاد، ويُشكل سابقة خطيرة لاستهداف المهنيين تحت ذرائع قانونية فضفاضة. وأكدت تضامنها الكامل مع المياحي وزملائه، معربةً عن استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم القانوني والمهني.

وتضاف هذه المحاكمة غير العادلة إلى مسلسل طويل من الانتهاكات الحوثية ضد الصحافيين، وقد أصدرت النقابة تقريرا مفصلاً يرصد واقع الحريات الصحفية في اليمن خلال عقدٍ من الحرب، موضحةً أن ميليشيا الحوثي تصدرت قائمة الأطراف المنتهكة، بارتكابها أكثر من نصف إجمالي الانتهاكات المسجلة.

واستعرض التقرير الانتهاكات التي طالت الصحافة والصحافيين في مختلف المحافظات، وتم إطلاقه بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من مايو من كل عام.

وذكرت النقابة أنها وثقت 2014 حالة انتهاك طالت الحريات الإعلامية منذ بداية الحرب في عام 2015 حتى مطلع أبريل الفائت. وأشار التقرير إلى أن هذا العدد من الانتهاكات يمثل أكبر عملية تجريف للصحافة منذ إعادة تحقيق الوحدة في عام 1990.

ووفقا للتقرير، فقد تنوعت الانتهاكات بين 482 احتجاز حرية (اختطاف، اعتقال، احتجاز، ملاحقة) بنسبة 23.9 في المئة من إجمالي الانتهاكات، و244 اعتداء على صحافيين وممتلكاتهم، ووسائل إعلام وممتلكاتها بنسبة 12.1 في المئة، و223 حالة تهديد وحملات تحريض على صحافيين وصحافيات بنسبة 11.1 في المئة، و212 حالة حجب لمواقع إلكترونية بنسبة 10.5 في المئة، و175 حالة محاكمات واستجوابات بنسبة 8.7 في المئة، بالاضافة إلى انتهاكات أخرى.

الحوثيون يحاكمون صحافيا يمنيا بعد 8 أشهر من اختطافه "دون أدنى معايير العدالة"على خلفية قضية مرتبطة بحرية الرأي

وأشار إلى أن جماعة الحوثيين تصدرت القائمة بـ1187 انتهاكا، بنسبة 58 في المئة، تلتها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا -بتشكيلاتها المختلفة- بـ376 انتهاكا، بنسبة 18 في المئة، فيما جاء المجلس الانتقالي الجنوبي الشريك في الحكومة والتشكيلات الأمنية التابعة له بارتكابه 113 انتهاكا، بنسبة 5.6 في المئة.

وأوصى جماعة الحوثي بإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين، وإنهاء كافة القيود المفروضة على العمل الصحفي في مناطق سيطرتها، وإلغاء اللوائح والتعميمات غير القانونية المنتهكة لحرية التعبير وحرية الصحافة، وإعادة ممتلكات وسائل الإعلام التي تمت مصادرتها، والكف عن الملاحقة القضائية للصحافيين ومحاكمتهم أمام محاكم غير مختصة، والامتناع عن استغلال السلطات القضائية لترويع الصحافيين.

كما أوصى التقرير الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا بالتحقيق في كافة الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون ومعاقبة منتهكي حرية الرأي والتعبير، وإنصاف المتضررين من الانتهاكات، وتوفير بيئة آمنة للعمل الإعلامي في مناطق سيطرتها.

وأوصت النقابة بـ”تفعيل المساءلة القانونية ضد الجهات أو الأفراد المتورطين في انتهاكات ضد الصحافيين،” وتوثيق الانتهاكات ورفعها إلى المنظمات الحقوقية الدولية والجهات المعنية بحرية التعبير، وتعزيز ثقافة حرية التعبير في المنصات الرقمية.

وشددت على ضرورة الضغط على القوى السياسية المختلفة حتى تتجنب التعرض للصحافيين، والبحث عن مصادر دعم للمؤسسات الصحفية والصحافيين لحمايتهم من الاستقطابات التي دفعتهم إلى العمل في الإعلام الحربي لصالح هذا الطرف أو ذاك.

وطالب التقرير بدعم الصحافيين ماديا وتقنيا وتقديم برامج دعم نفسي وأمني وتقني، خاصة في مناطق النزاع، والضغط على السلطات والمجموعات المسلحة لوقف الانتهاكات ضد الصحافيين.

واقترحت النقابة إنشاء صناديق لدعم الصحافيين المتضررين ماليًا أو أمنيًا أو مهنيا، وإنهاء الانقسام السياسي داخل الوسط الصحفي وتشجيع الصحافيين على العمل المهني الموحد بعيدًا عن الاستقطاب السياسي، وإطلاق مبادرات مهنية مستقلة للربط بين الصحافيين في مختلف المناطق.

وأكدت النقابة تبني آلية تسهل على الصحفيات تقديم شكاوى العنف والابتزاز الإلكتروني، وتدريبهن في مجال الحماية الإلكترونية، وتقديم الدعم القانوني لهن، داعية المؤسسات الإعلامية إلى الالتزام بقانون العمل في كافة الأمور المتعلقة برواتب العاملين من الجنسين وأجورهم ومكافآتهم.