دعوات لتغيير شامل في بوليساريو تكشف غضبا داخليا من تدهور الأوضاع

وكالة أنباء حضرموت

تصاعدت الاحتجاجات في مخيمات تندوف بالجزائر، المنادية بتغيير شامل في جبهة بوليساريو، فيما تم إطلاق عريضة تطالب بانتخاب قيادة جديدة للجبهة الانفصالية.

ويأتي ذلك في وقت تحصد فيه مبادرة الحكم الذاتي ترحيبا واسعا في الأوساط الدولية باعتبارها الإطار الأوحد لحل سياسي نهائي لقضية الصحراء المغربية.

ووقّعت عناصر داخل جبهة بوليساريو عريضة تطالب فيها بعقد مؤتمر استثنائي لتغيير شامل في جميع مفاصل الجبهة وبنيتها ومؤسساتها وطريقة تسييرها، في اعتراف صريح وغير مسبوق بوصولها إلى نفق مسدود.

واختار الموقعون على العريضة، الذكرى الثانية والخمسين لتأسيسها، لإطلاق العريضة لعرض سياسات بديلة تُنقذ القضية الصحراوية مما وصفوه بالجمود والانغلاق.


ويتكون الموقعون على هذه العريضة من كوادر متوسطة المستوى ومنتقدين للخط السياسي الراهن، حيث يدعون إلى عقد “مؤتمر استثنائي” في أفق سبتمبر 2025.

ويشدد أصحاب المبادرة على أن عقد هذا المؤتمر يفترض أولا “اعتماد قوانين تنظيمية مناسبة”، مع التأكيد على ضرورة إشراك كل من “يؤمن بمبادئ الجبهة الشعبية وتطلعات الشعب الصحراوي في التحرر والاستقلال، في مسار يعيد بناء المشروع من الداخل”.

ويرى المنتدى الصحراوي أن هذه العريضة فيها “إعلان واضح عن تذمر جماعي، وسعي حثيث للحرية وتوجيه الدفة إلى الاتجاه الصحيح بما يخدم إنهاء استمرار تواجد الصحراويين فوق الأراضي الجزائرية، والذي لن يكون إطلاقا ما دامت عصابة القيادة هي من تدير شؤون المخيمات وتتبنى مخططات النظام الجزائري بالنيابة، والضحية في الأول والأخير هم الأبرياء بمخيمات تندوف”.

وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “الأحداث الأخيرة تكشف ضعف الجبهة الداخلية لبوليساريو نتيجة مجموعة من العوامل، أبرزها تراجع خطابها السياسي وضعف عقيدتها السياسية، وهو انعكاس للتطورات التي يعرفها ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، والتي تطبعها الهزائم والانتكاسات المتلاحقة التي يتعرض لها المشروع الانفصالي.”

وأوضح لـ”العرب” أن “قيادة بوليساريو تتمسك بخطاب انفصالي تجاوزه الزمن، ولم يعد يعكس واقع المحتجزين ولا تطلعاتهم في ظل فقدان الجبهة لأي أفق سياسي واقعي أو مشروع مجتمعي قابل للحياة، وسط تنامي وعي الصحراويين بحقيقة المشروع الانفصالي ورفضهم المستمر للعيش في ظل القمع والتهميش، مع حرمان السكان من أبسط حقوقهم المدنية والسياسية.”

المبادرة المغربية تعززت بتوالي الاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء، وفي مقدمتها موقف الولايات المتحدة الأميركية

في المقابل، تعززت المبادرة المغربية بتوالي الاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء، وفي مقدمتها موقف الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب الموقفين الإسباني والفرنسي اللذين اعتبرا نقطة تحول في مسار النزاع، كما شددت تقارير مجلس الأمن في اعتماد مبادرة الحكم الذاتي مرجعا جديا وذا مصداقية، وشهدت السنوات الأخيرة افتتاح عدد من القنصليات الأجنبية في مدينتي العيون والداخلة، في ما اعتُبر دعما فعليا للموقف المغربي.

ورجح تقرير حديث صادر عن المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، خيار تفكيك سلاح بوليساريو وبنيته العسكرية، في أفق تفكك عقيدته الانفصالية، ودمج بعض قياداته في الهيئات والمؤسسات الوطنية يبقى من بين الخيارات المتاحة، لاحتواء وإدماج هذه البنية المعقدة ضمن “البنية التنظيمية أو النظامية” وإن كان خيارا صعبا بالنظر إلى العقيدة العسكرية، كما أن تفكيك التنظيم يعني ضمنيا تفكيك أو تفكك ما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”.

وسبق أن طالب بشير مصطفى السيد، أحد أبرز مؤسسي الجبهة، بعقد مؤتمر استثنائي لإنقاذ بوليساريو مما وصفه بـ”حالة التآكل التي تعرفها”، منتقدا بشدة حصيلة إبراهيم غالي منذ توليه القيادة في يوليو 2016، وخصوصا منذ قرار العودة إلى العمل المسلح في الثالث عشر من نوفمبر 2020، إذ من المرتقب عقد المؤتمر العادي المقبل للجبهة بداية 2026 إذا لم تعجل الظروف التي تمر بها الجبهة الانفصالية والمخيمات بعقد مؤتمر استثنائي يرسم معالم المرحلة المقبلة.

وتزامن تزايد الضغوط لإعادة هيكلة قيادة بوليساريو مع عودة عبدالقادر طالب عمر إلى مخيمات تندوف، وترقيته عضوا في المكتب الدائم للأمانة الوطنية للجبهة، كما تم تعيينه “وزيرا للتعليم”، بعد إنهاء مهامه كممثل لبوليساريو لدى الجزائر، المنصب الذي ظل تقليديا محطة أساسية للمرور نحو زعامة الجبهة، حيث شغل زعيم بوليساريو إبراهيم غالي ذات المهمة لثماني سنوات قبل انتخابه أمينا عاما، ما يؤشر على إمكانية صعود طالب عمر داخل هرم القيادة.