الاستثمار والاقتصاد من شروط تطوير العلاقات بين الرباط والقاهرة

وكالة أنباء حضرموت

تشارك بعثة اقتصادية مغربية في ملتقى الاستثمار والتجارة المصري – المغربي، الذي انطلقت فعالياته في القاهرة تحت شعار “شراكة اقتصادية واعدة”، بحضور وزيري التجارة والاستثمار في البلدين، ومجموعة كبيرة من المسؤولين والمستثمرين من الجانبين، بهدف تجاوز الخلافات التجارية القائمة بين الرباط والقاهرة في الفترة الأخيرة.

ويقول مراقبون، إن ذلك يأتي في ظل سعي الجانبين المصري والمغربي إلى تجاوز الإشكاليات المسجلة بينهما في مسألة التبادل التجاري وإزالة كل العوائق بين البلدين.

وأكد عمر حجيرة، كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة والتموين، أن المغرب، بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، يعمل على فتح آفاق جديدة في مجال التعاون والشراكة مع مصر.

وأشار إلى أن التكامل بين البلدين هو السبيل الأمثل لمواجهة تحديات التجارة العالمية، وبناء اقتصاد إقليمي تنافسي، وتحقيق التنمية، وتحويل التحديات إلى فرص حقيقية لتعزيز التكامل.

وحسب بيانات لمجلس الأعمال، يبلغ عدد الشركات المغربية العاملة في مصر 295 شركة، بحجم استثمارات تصل إلى نحو 230 مليون دولار، كما أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ نحو 1.3 مليار دولار سنويا، وتمثل الصادرات المغربية 6 في المئة من الواردات المصرية، مما يستدعي معالجة هذا الوضع بشكل عاجل، حسب المسؤول الحكومي، مؤكدا الالتزام الراسخ للبلدين، بقيادة الملك محمد السادس والرئيس عبدالفتاح السيسي، بتطوير تعاونهما الاقتصادي وشراكتهما للارتقاء بها إلى مستوى علاقاتهما السياسية التاريخية.

من جانبه أكد وزير الاستثمار والتجارة المصري حسن الخطيب التزام حكومة بلاده بمعالجة كافة القضايا المتعلقة بالصادرات المغربية إلى مصر، ورغبتها في إزالة كافة العوائق أمام دخول المنتجات المغربية إلى السوق المصرية، وأن هناك الإرادة السياسية المشتركة للبلدين لتنشيط تعاونهما الثنائي لمواجهة التحديات العالمية الراهنة، مضيفا أن مصر والمغرب تربطهما اتفاقيات عديدة من شأنها تحفيز النمو وتعزيز القدرات الاقتصادية والتجارية للبلدين.

وكانت خلافات تجارية قد طفت إلى السطح مؤخرا بين البلدين، قبل أن يتم احتواؤها، خلال زيارة قام بها وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري إلى المغرب، التقى خلالها عمر حجيرة وتقرر بعدها فتح صفحة جديدة في العلاقات التجارية بين البلدين، لاسيما الالتزام بعدم عرقلة ولوج المنتجات المغربية إلى السوق المصرية.

وأكد رشيد ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، في تصريح لـ”العرب” أن “المغرب يمتلك قدرات صناعية متقدمة، وحقق تقدما في العديد من القطاعات، لاسيما في صناعة السيارات والطيران، والعلاقات التجارية مع مصر والتي تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة لضمان احترام مبدأ المعاملة بالمثل، وضمان تحقيق تكافؤ اقتصادي يخدم الطرفين، بدلا من أن تظل اتفاقيات التبادل الحر عبئا على الاقتصاد المغربي دون تحقيق أيّ استفادة حقيقية.”

شركة مغربية تعمل في مصر، بحجم استثمارات تصل إلى نحو 230 مليون دولار

وأفاد أحمد نهاد عبداللطيف، سفير مصر بالمملكة المغربية، أن القاهرة والرباط تحرصان على إزالة أيّ عقبات تعترض التجارة بين البلدين، مشيرا إلى أنه سيتم تنفيذ نظام “المسار السريع” لتسهيل نفاذ الصادرات المغربية إلى السوق المصرية دون معوقات، وأن مصر ترى فرصا كبيرة ليس فقط في الميزان التجاري، بل أيضا في تحقيق تكامل اقتصادي بين البلدين، خاصة في مجالات التصنيع والاستثمارات، وتسعى للاستفادة من فرص النمو والمشاريع الكبرى في المغرب.

وتظل العلاقات الاقتصادية معيارا مهما لجودة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجانبين، وهو ما دفع وزيري خارجية البلدين في لقاء خلال أشغال مجلس الدورة 162 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، في سبتمبر الماضي، التأكيد على ضرورة تكثيف زيارات المسؤولين من الجانبين بهدف ضخ ديناميكية جديدة في علاقات التعاون القائمة بين البلدين.

وتم التأكيد خلال الملتقى الذي ترأسه عمر حجيرة وحسن الخطيب على الإمكانيات الكبيرة للتعاون والتكامل بين البلدين، بما يمكنهما من الانفتاح على شراكات مع دول أفريقية أخرى، وعلى ضرورة تفعيل كافة المقتضيات المنصوص عليها في اتفاقية أغادير، والتي تشكل إطارا إقليميا واعدا للتكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء وعلى رأسها المغرب ومصر، مشددا على أن من شأن تفعيل هذه الاتفاقية بشكل عملي وفعال أن يفتح آفاقا واسعة أمام الصادرات المغربية ويعزز تموقع منتوجات المملكة في الأسواق الإقليمية والدولية.

وشكل ملتقى الاستثمار والتجارة المصري – المغربي مناسبة للشركات المغربية والمصرية لاستكشاف آفاق جديدة في مجالات ذات إمكانات استثمارية كبيرة، وكذلك فتح فرص جديدة للمصدرين المغاربة لولوج السوق المصرية، إلى جانب إبرام شراكات مثمرة للجانبين، في مجالات تصديرية متنوعة تشمل الفلاحة والصناعات الغذائية والسيارات، والكهرباء والإلكترونيات والنسيج ومنتوجات البحر، والطاقة والطاقات المتجددة، وصناعة الأدوية، والمواد الطبية والشبه طبية، ومواد التجميل، وقطاع البناء وغيرها.

ودعا محمد علي التازي رئيس مجلس الأعمال المغربي – المصري (عن الجانب المغربي)، إلى تأسيس تحالف اقتصادي مندمج ومستدام بين المغرب ومصر يخلق فرص الشغل، وينقل المعرفة، ويرفع من تنافسية المنظومتين الصناعيتين للبلدين، مشددا على ضرورة إرساء نموذج جديد للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، نموذج يقوم على شراكة ناضجة، طويلة الأمد، مبنية على خلق القيمة المضافة المشتركة، وليس فقط على تبادل سلع أو خدمات، مشددا في هذا السياق على أن “التجارب الاقتصادية علّمتنا أن العلاقات العابرة أو الانتهازية لا تبني تنمية مستدامة.”

وأكد التازي على ضرورة اعتماد مقاربة ملموسة، بعيدا عن الخطابات أو المجاملات الدبلوماسية، قائمة على أساس بناء مستقبل مشترك يقوم على الثقة والتكامل والتخطيط بعيد المدى، لأن المغرب ومصر، كل من موقعه الجغرافي، وبفضل البنيات التحتية المتطورة والرؤية الإصلاحية لقائدي البلدين، يمتلكان كل المقومات ليكونا قطبين اقتصاديين متكاملين في الصناعات الغذائية والدوائية، والطاقات المتجددة، والنقل واللوجستيك، والقطاع المالي.