السويداء تحت القصف المتجدد وسط تساؤلات حول الجهة المستفيدة من الفتنة

وكالة أنباء حضرموت

 أفادت وسائل إعلام سورية مساء الأحد بأن قصفا بقذائف الهاون استهدف بلدة الثعلة ومطارها في ريف السويداء الغربي، بالتزامن مع دخول اتفاق بين وجهاء محافظة السويداء والحكومة السورية حيّز التنفيذ لإنهاء اشتباكات دامية خلفت عشرات القتلى.

ويفتح هذا التصعيد المفاجئ باب التساؤل عن الأطراف التي قد يكون لها مصلحة في استمرار حالة عدم الاستقرار والفتنة في المحافظة الجنوبية، سواء كانوا فاعلين محليين يسعون لتغيير موازين القوى، أو قوى إقليمية تستغل الانقسامات الداخلية لتحقيق أجندات، خاصة في ظل تضارب الروايات حول دوافع العنف ومصدر القصف الذي أعقب اتفاقا هشا بين الوجهاء والحكومة.

وينذر استمرار القصف وتصاعد وتيرة العنف في السويداء، خاصة بعد اتفاق كان من المفترض أن ينهي الاقتتال، بتداعيات خطيرة على النسيج الاجتماعي الهش في المحافظة. كما أنه يثير مخاوف من استغلال هذه الاضطرابات من قبل قوى خارجية تسعى لتعميق الانقسامات وزعزعة الاستقرار في المنطقة، مما قد يقود إلى مزيد من إراقة الدماء وتقويض أي جهود مستقبلية نحو السلام والمصالحة

وذكرت صحيفة "الوطن" السورية أن القصف تزامن مع اشتباكات في البلدة، وتعاملت الفصائل المحلية مع مصادر إطلاق النار بالرشاشات الثقيلة.

بينما أشارت شبكة "أخبار سوريا الحرة" عبر قناتها على "تلغرام" إلى سقوط ثلاث قذائف مجهولة المصدر قرب مطار الثعلة العسكري، مرجحة أن الاشتباكات بدأت بمحاولة عناصر دروز "خارجين عن القانون" هدم مسجد واستهداف أحياء مدنية.

لكن موقع "سويداء 24" نفى هذه الادعاءات، مؤكدا أن فصائل محلية انتشرت لحماية المقدسات بعد انتشار صور لحرق مقام ديني شمال السويداء، واصفًا الادعاءات بمحاولة هدم المسجد بأنها "كاذبة ومضللة".

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مصدر قصف الثعلة هو المجموعات الرديفة لقوات الأمن العام، بالتزامن مع اشتباكات مع تلك المجموعات والمحليين على عدة محاور. كما أشار المرصد إلى مقتل عنصر من القوات الرديفة في قرية براق في سياق توترات مماثلة.

وأوقعت الاشتباكات 120، هم: (14 رجال من الطائفة الدرزية أعدموا ميدانيا وبمسيرة مجهولة، 106 شخصا من قوات وزارة الدفاع والداخلية والمسلحين الدروز ومدنيين. وفق آخر حصيلة للمرصد الأحد.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب اتفاق تم التوصل إليه بين السلطات السورية وقيادات الطائفة الدرزية، والذي أعلن محافظ السويداء مصطفى البكور عن بدء تطبيقه الأحد.

وقد سبق هذا الاتفاق بيان من زعماء الدروز يؤكد على وحدة سوريا ورفض التقسيم، ودعوة لتفعيل دور أبناء المحافظة في الأجهزة الأمنية.

ونص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السلطات السورية والقيادات الدرزية بعد اشتباكات شهدتها مناطق متفرقة من السويداء على خمسة بنود رئيسية، تتضمن تفعيل قوى الأمن الداخلي (الشرطة) من أفراد سلك الأمن الداخلي سابقاً، وتفعيل الضابطة العدلية من كوادر أبناء محافظة السويداء حصراً وبشكل فوري، ورفع الحصار عن مناطق السويداء وجرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا، وإعادة الحياة إلى طبيعتها على الفور.

وجاء هذا الاتفاق بعد يومين من توترات أمنية أعقبت اشتباكات بين مسلحين دروز وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة السورية اندلعت ليل الاثنين في جرمانا وامتدت إلى صحنايا في ريف دمشق، وهما مدينتان تقطنهما غالبية درزية ومسيحية، قبل أن يمتد التوتر لاحقاً إلى محافظة السويداء. وقد تمكنت الحكومة السورية من استعادة الهدوء وفرض الأمن بعد التوصل إلى اتفاق مع وجهاء وأعيان المنطقتين.

ويتوزّع الدروز أساسا بين لبنان وسوريا وإسرائيل.

وأتى التوتر مع الدروز عقب أعمال عنف في منطقة الساحل السوري، أودت الشهر الماضي بنحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، بحسب المرصد.

وقد استغلت إسرائيل هذا التوتر الأمني، حيث أكد جيشها انتشاره في جنوب سوريا وجاهزيته "لمنع دخول قوات معادية إلى منطقة القرى الدرزية"، في إشارة ضمنية لقوات السلطة الانتقالية.

ودان مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا غير بيدرسن "بشدة انتهاكات إسرائيل المتواصلة والمتصاعدة ضد سيادة سوريا، بما في ذلك الغارات الجوية المتعددة على دمشق ومدن أخرى".

ودعا الى "الوقف الفوري لهذه الهجمات، وإلى أن تمتنع إسرائيل عن تعريض المدنيين السوريين للخطر، وأن تحترم القانون الدولي وسيادة سوريا ووحدتها وسلامتها الإقليمية واستقلالها".

وشنّت إسرائيل أكثر من عشرين غارة ليل الجمعة السبت على مراكز ومستودعات عسكرية، وفقا للمرصد، مشيراً إلى أنها الغارات "الأكثر عنفاً منذ بداية العام".

وجاءت تلك الضربات بعد ساعات من إعلان إسرائيل أن سلاح الجو أغار على "المنطقة المجاورة" للقصر الرئاسي، في خطوة نددت بها أطراف دولية واعتبرتها الرئاسة السورية "تصعيداً خطيراً ضد مؤسسات الدولة وسيادتها".

وتشكل الغارات الاسرائيلية على البنى العسكرية السورية وتوغّل قواتها فيجنوب البلاد منذ إطاحة الأسد، واحدا من التحديات التي تعوق بسط الشرع سلطته الفعلية على كامل الجغرافيا السورية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مشترك مع وزير دفاعه يسرائيل كاتس إن الغارة على محيط القصر الرئاسي "رسالة واضحة للنظام السوري. لن نسمح بنشر قوات (سورية) جنوب دمشق أو بتهديد الطائفة الدرزية بأيّ شكل من الأشكال".

وذكّر الجيش الإسرائيلي السبت بانتشار قواته في جنوب سوريا، وأنه يتابع "التطورات مع الحفاظ على الجاهزية للدفاع ولمختلف السيناريوهات".

وأفاد عن "إجلاء" خمسة مواطنين دروز "لتلقي العلاج الطبي في إسرائيل".

ووفقا لبيانات الجيش، أدخل 15 سوريا درزيا إلى مستشفيات في إسرائيل منذ بداية الأسبوع.

وأكد مصدر درزي في السويداء لفرانس السبت أن انتشار الجنود الاسرائيليين يقتصر على المناطق التي توغلوا اليها عقب إطاحة الأسد في محافظة القنيطرة.

ويتوزّع الدروز أساسا بين لبنان وسوريا وإسرائيل.

ويفاقم تدخل الدولة العبرية من إشكالية العلاقة القائمة بين السلطة الجديدة في دمشق والدروز الذين كانوا نددوا على لسان مرجعيات دينية بارزة بمحاولات الدولة العبرية زعزعة الاستقرار في سوريا.

ودانت الخارجية الاماراتية السبت "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة" على سوريا، مؤكدة رفضها "القاطع لهذه الممارسات، والتي تهدد بالمزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة".

وقال محلل شؤون الشرق الأوسط أندرياس كريغ لفرانس برس إن إسرائيل "تتدخل بشكل مباشر في العملية الانتقالية في سوريا"، معتبرا أنها تستخدم قضية الدروز "كذريعة لتبرير احتلالها العسكري" لأجزاء من سوريا.