هل ينتصر المجلس الوطني للوحدة الكردية بعد خيبة أمله في السلطة السورية

وكالة أنباء حضرموت

كشفت مصادر كردية متعددة عن لقاء جمع بين الاتحاد الديمقراطي الذي يقود تحالف الوحدة الوطنية، والمجلس الوطني الكردي في مدينة الحسكة، لبحث الملفات العالقة بين الجانبين والتي تحول دون توحيد الصف الكردي في شمال شرق سوريا.

وجاء اللقاء بطلب من المجلس الوطني، في تحول لافت في الموقف ربطه مراقبون بخيبة الأمل في السلطة الانتقالية بسوريا، حيث كان المجلس يعتقد أن دمشق ستتخذ منه الممثل للمكون الكردي وستشركه في خطوات رسم المستقبل السياسي لسوريا، لأنه كان أحد المكونات الرئيسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ووقف على الضد من حملة مشروع الإدارة الذاتية.

ويوضح المراقبون أن المجلس الوطني، وهو ائتلاف سياسي يضم 15 حزبا كرديا وتنظيمات شبابية ومستقلين، صُدم من تجاهل السلطة السورية له في المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي نتج عنها اتفاق سياسي من غير الواضح ما إذا كان سيصمد.

كما لم تكلف دمشق نفسها عناء استدعاء المجلس الوطني للمشاركة في الحوار الوطني “الشكلي” الذي عقد الشهر الماضي، بداعي أن الاستحقاق لا يعني الكيانات السياسية، واقتصرت على استدعاء عدد من الأكاديميين الأكراد، ومعظمهم يقطن خارج البلاد، منذ عقود وسنوات.


ويقول المراقبون إن استياء مكونات المجلس الوطني تضاعف بالإعلان الدستوري الذي صدر الأسبوع الماضي عن دمشق، والذي يتناقض مع تطلعها إلى “دولة ديمقراطية لامركزية متعددة الأعراق والأديان والثقافات.”

وأصدر المجلس الوطني الكردي بيانا عبر فيه عن خيبته من الإعلان، وقالت الأمانة العامة للمجلس “فوجئنا بالإعلان الدستوري الصادر في دمشق يوم 13 مارس 2025 والذي جاء مخيبًا للآمال، بعيدًا عن التطلعات نحو بناء دولة ديمقراطية تعكس التنوع الحقيقي للمجتمع السوري. فقد أُعدّ هذا الإعلان من قبل لجنة لا تمثل مختلف المكونات السياسية والقومية والدينية، ما أفقده الشمولية والتوافق الوطني، وأدى إلى تكريس نهج الإقصاء والاستئثار بالسلطة.”

وأضاف البيان “لقد تجاهل الإعلان الطبيعة التعددية لسوريا، وحقيقة هويتها كدولة متعددة القوميات والأديان، ولم يضمن الحقوق القومية والدينية لمكوناتها، بل ثبت هوية قومية واحدة في تسمية الدولة، في إقصاء واضح لغيرها من المكونات. كما خالف مبدأ تحييد الدولة عن الأديان، بالإبقاء على اشتراط دين رئيس الجمهورية، ما يتعارض مع أسس المواطنة المتساوية التي يفترض أن تكون أساس أي نظام ديمقراطي.”

◄ المجلس الوطني الكردي صُدم من تجاهل السلطة السورية له، في المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)

وأوضح “علاوة على ذلك، عزز الإعلان نظام الحكم المركزي ومنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، دون ضمانات واضحة للفصل بين السلطات أو تحقيق التوازن المؤسسي، ما يثير مخاوف من إعادة إنتاج الاستبداد بصيغ جديدة. كما تضمنت مواده قيودًا إضافية على الحريات المدنية والفردية، وحصرت دور المرأة بالحفاظ على مكانتها الاجتماعية ودورها الاجتماعي ما يجعله امتدادًا لنهج التسلط والتضييق على المجتمع.”

وأكد المجلس الوطني الكردي في بيانه على “أن تحديد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات دون ضمانات لمشاركة عادلة، يحولها إلى أداة لتكريس الواقع القائم بدل أن تكون تمهيدًا لتحول سياسي حقيقي، الأمر الذي يعمّق الأزمة بدل حلها.”

وتابع البيان “إن المجلس الوطني الكردي في سوريا يرى في هذا الإعلان خطوة أخرى نحو ترسيخ الأحادية والاستئثار بالسلطة، وهو ما يستوجب موقفًا مسؤولًا من جميع القوى الوطنية الديمقراطية والقومية للعمل على إعادة النظر فيه، بما يحقق التعددية السياسية والقومية. كما يؤكد المجلس التزامه بالنضال من أجل حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية، باعتبارها قضية شعب أصيل، في إطار سوريا لامركزية تضمن حقوق جميع أبنائها وتحقق العدالة والمساواة بينهم.”

وبدا بيان المجلس الوطني بشأن الإعلان الدستوري حاد اللهجة مقارنة بالبيان الذي أصدره قبيل الحوار الوطني، وإن وصف فيه الحوار بـ”المتسرع”، واستنكر من خلاله “تهميش” بعض المكونات الرئيسية في البلاد.

◄ مجلس سوريا الديمقراطي أبدى تحفظاً على الإعلان، لجهة أنه يعيد إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة، ويكرّس الحكم المركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة، بينما يقيّد العمل السياسي ويجمّد تشكيل الأحزاب

ويقول المراقبون إن مكونات المجلس الوطني تشعر اليوم بالخذلان من الإدارة السورية الجديدة وأيضا من تركيا، التي كانت راهنت على دورها في فرضها رقما صعبا في المعادلة الكردية داخل سوريا، وضرب خصومها السياسيين والأيديولوجيين في تحالف الوحدة الوطنية وعلى رأسهم الاتحاد الديمقراطي، الذي يتولى الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا.

ويشير المراقبون إلى أن المجلس يجد نفسه اليوم على هامش الأحداث في سوريا، وهو يبحث عن إعادة التموقع مجددا، بالعمل على خلق أرضية تفاهم مع خصمه اللدود الاتحاد الديمقراطي.

وكشفت المصادر الكردية أن اللقاء الذي عقد في الحسكة بين المجلس الوطني والاتحاد الديمقراطي بعيدا عن الإعلام جرى برعاية مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية.

وليس من الواضح ما إذا كان تم التوافق خلال اللقاء المغلق على شكل العلاقة المستقبلية بين الجانبين، وعلى مشاركة المجلس في المؤتمر الذي ستعقده المكونات الكردية في مدينة القامشلي في العشرين من الشهر الجاري، والذي سيبحث التحديات التي تواجه القضية الكردية، والاتفاق على سبل مواجهتها.

وكانت الأحزاب الكردية وفي مقدمتها أحزاب الوحدة الوطنية عقدت في السادس عشر من مارس الجاري اجتماعا لمناقشة التطورات في سوريا وقضية الوحدة، من دون حضور المجلس الوطني.

وصدر عن الأحزاب المشاركة بعد الاجتماع بيان كشفت فيه عن مناقشتها لوثيقة سياسية تشمل آراء ووجهات نظر أحزاب الوحدة الوطنية الكردية وأحزاب خارجها وكذلك المجلس الوطني الكردي.

وأفاد البيان برغبة المجلس الوطني الكردي في عقد اجتماع خاص مع الاتحاد الديمقراطي وقبول جميع الأحزاب الأخرى بذلك بهدف تحقيق الوحدة.

◄ لقاء مغلق

وتمر القضية الكردية في سوريا بمرحلة فارقة، في ظل تمسك السلطة السورية التي يقودها الرئيس أحمد الشرع بنظام مركزي في البلاد ورفضه منح الأقليات، ومنهم الأكراد، أي خصوصية.

وكان الرئيس السوري وقع مؤخرا مع قائد قوات سوريا الديمقراطية على اتفاق سياسي يتضمن الأسس التي ستبنى عليها العلاقة بين الأكراد ودمشق، لكن الإعلان الدستوري الذي صدر بعد يومين بدد أي تفاؤل بشأن فرص المضي في الاتفاق.

والخميس الماضي انتقدت الإدارة الذاتية الكردية الإعلان الدستوري، معتبرة أنه “يتنافى” مع تنوع سوريا ويضم بنودا تتشابه مع حقبة حكم حزب البعث.

من جهته أبدى مجلس سوريا الديمقراطي (الذراع السياسية لقسد) تحفظاً على الإعلان، لجهة أنه “يعيد إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة، ويكرّس الحكم المركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة، بينما يقيّد العمل السياسي ويجمّد تشكيل الأحزاب، ما يعطل مسار التحول الديمقراطي.”