ليبيا تدخل مرحلة المنافسة العالمية على أسواق زيت الزيتون

وكالة أنباء حضرموت

دخلت ليبيا مرحلة المنافسة الدولية في مجال زيت الزيتون، وفازت الأسبوع الماضي برئاسة المجلس الدولي للزيتون التابع للأمم المتحدة لمدة سنة، وذلك خلال الدورة الـ120 للمجلس التي أقيمت في العاصمة الإسبانية مدريد.

وجرت خلال هذه الدورة الموافقة على تنظيم الدورة المقبلة في طرابلس، بحسب ما أعلنته وزارة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية. وقالت الوزارة إن “كلا من ليبيا والأورغواي وإسرائيل، تقدمت لرئاسة المجلس، كما تقدمت إيران بطلب تمديد مدة رئاستها للمجلس لكن الدول الأعضاء صوتت لصالح ليبيا.”

وأكد السفير الليبي لدى إسبانيا وليد عبدالله أن المجلس الدولي للزيتون قرر اعتماد المختبرات التابعة لمركز بحوث التقنيات الحيوية في طرابلس، في خطوة من شأنها تعزز صادرات زيت الزيتون الليبية إلى العالم.

وقال إن “هذا الاعتماد جاء نتيجة لتضافر الجهود والعمل الجاد لمدير وموظفي مركز البحوث الحيوية ووزارة التعليم العالي والسفارة الليبية بمدريد والتي تكللت باعتماد المختبر الليبي ضمن المختبرات المعتمدة في العالم”، مشيدا بكل من ساهم في هذا العمل المتميز.

واعتبارا من الشهر المقبل يمكن تصدير الزيت الليبي وفق مواصفات ومعايير معترف بها عالميا، كما يمكن للمركز ووزارة الزراعة والجهات المعنية تنظيم مسابقات الجودة لزيت الزيتون في ليبيا.

وفي بلد غرق في حالة من الفوضى منذ سقوط معمر القذافي في 2011 ويعتمد تماما على صادرات النفط، أبدت السلطات في وقت ما رغبة في تطوير زراعة الزيتون وتحسين نوعية الزيت لكي يضاهي ما تنتجه بلدان المغرب العربي الأخرى، أملا في تصديره.

وكان ذلك في إطار خطة شملت أيضا تطوير قطاعي السياحة والصيد، لكن البلد لم ينجح في تنويع اقتصاده بسبب الانقسامات العميقة بين الفرقاء السياسيين.

وعلى امتداد عدة سنوات، كان تصدير الزيت يقتصر على مبادرات المزارعين الفردية. ويرى الكثيرون منهم أن السلطات أمام حتمية طرح مبادرات جديدة للنهوض بهذا المجال ولاسيما لجهة مراقبة الجودة وإقامة مصانع للتعبئة على سبيل المثال.

وقبل عقود كان زيت الزيتون مصدرا مهما للدخل في البلاد ولكن بمجرد اكتشاف احتياطيات النفط أخذ الانتاج الزراعي مكانة متأخرة وعانت زراعة الزيتون بشدة. ولا يستخدم زيت الزيتون فقط كمكون غذائي هام في ليبيا لكنه استخدم تاريخيا للأغراض الطبية أيضا، ولا يزال يتم إنتاجه بأساليب تقليدية.

وأعلنت حكومة الوفاق الوطني في منتصف عام 2017 إيقاف تصدير ثلاث سلع زراعية، وهي زيت الزيتون والعسل والتمور بشكل “مؤقت” لحماية هذه السلع، دون تقديم تفاصيل مفصلة حول المنع.

وفي ديسمبر 2018 أبرمت ليبيا اتفاق تعاون مع المجلس الدولي لزيت الزيتون بهدف الحصول على معامل حسية وكيميائية وتدريب في مجال صناعة الزيت، بما يضمن تصدير الإنتاج الليبي إلى كافة دول العالم وفق معايير جودة عالية.

◙ 150 ألف طن متوسط الإنتاج السنوي للبلاد التي تحتل المركز الـ11 عالميا، وفق التقديرات

وعلى الرغم من ندرة الأمطار والجفاف الذي يضرب شمال أفريقيا منذ سنوات، لكن الحصاد تحسن نوعا ما خلال العامين الأخيرين، وأكثر المناطق إنتاجا لزيت الزيتون هي بني وليد ومسلاتة وترهونة وغريان.

وبحسب دراسة للباحث الأكاديمي في مجال العلوم الزراعية أبوبكر الشتيوي، فإن زراعة أشجار الزيتون تتركز على الشريط الساحلي وكذلك سهل الجفارة والمناطق الجبلية مثل الجبل الأخضر والجبل الغربي وبعض المناطق الجنوبية والمناطق الوسطى. وأوضح أن أعداد أشجار الزيتون بالمناطق الجنوبية والوسطى قليلة، من إجمالي الملايين من الأشجار المنتشرة في جميع أنحاء البلد النفطي.

ووفق وزارة الزراعة، توجد في ليبيا ثمانية ملايين شجرة زيتون مزروعة فوق اثنين في المئة فقط من الأراضي الصالحة للزراعة في البلد البالغ مساحته 1.76 مليون كيلومتر مربع. وتضم مدينة الزاوية غرب العاصمة الليبية، أكبر عدد من أشجار الزيتون وتليها منطقة طرابلس، وغيرها من المناطق الأخرى.

ومن حيث إنتاج الزيتون، فهو يرتفع سنة بعد سنة وخاصة خلال الأعوام الأخيرة. وكان إنتاج الزيتون جيدا مقارنة بالسنوات السابقة حيث وصل في سنة 1999 إلى حوالي 275 ألف طن.

أما من حيث نصيب المزارع من أسعار التجزئة (أسعار المستهلك) والخدمات التسويقية، فقد ارتفع من 77.87 في المئة خلال سنة 1996 إلى 94.65 في المئة خلال سنة 1999، وهذه الزيادة تدل على الكفاءة التسويقية المرتفعة وانخفاض تكاليف التسويق.

وللإشارة فإن زراعة الزيتون في ليبيا تعتبر من الزراعات التقليدية منذ القدم باعتبارها تتناسب مع الظروف البيئية والمناخية وهي تحتاج إلى العناية بشكل أكبر في الوقت الحاضر.

وترى الأوساط الزراعية المحلية أن هذا المجال يجب إعطاؤه أهمية كبيرة باعتباره من الزراعات الإستراتيجية التي تتطلب العناية بها على المستوى المحلي من خلال مكافحة الآفات التي تصيب الأشجار. ولذلك، يعتقد الشتيوي أنه لا بد من التوسع في زراعة الزيتون باعتبارها من الزراعات التي تتميز بها المنطقة بميزة نسبية في مجال إنتاجها.

وشدد على ضرورة اعتماد سياسات اقتصادية تدعم التوسع في زراعة وصناعة الزيتون في ليبيا من خلال وضع هوامش سعرية تضمن مداخيل مناسبة للمزارعين وأصحاب البساتين، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج، وبالتالي تقليل الواردات من زيت الزيتون. في المقابل، يرى مراقبون أن هناك جهودا تبذل على أكثر من صعيد لغراسة المزيد من الأشجار في كامل مناطق البلاد.

وفي العام 2023 أطلق رجال أعمال من مدينة زليتن مبادرة لزراعة مليون شجرة زيتون لتغطية احتياجات السوق المحلي والتصدير إلى الأسواق الخارجية. وتحتل ليبيا المركز الحادي عشر بإنتاج الزيتون على مستوى العالم، حوالي 150 ألف طن من المحصول سنويا، لكن 20 في المئة فقط من المحصول يتحول إلى زيت.

وفي حين تتصدر إسبانيا منتجي القطاع عالميا، تليها إيطاليا وتركيا، تأتي تونس على رأس أكبر المنتجين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يليها كل من المغرب وسوريا والجزائر ومصر.