تركيا ترفض استقبال قادة حماس: إيران أولى بهم

وكالة أنباء حضرموت

 نفى الأتراك وجود أي احتمال لنقل مقر حركة حماس من قطر إلى تركيا، في رسالة واضحة إلى الأطراف المتدخلة في هذا الملف، -وخاصة القطريين الذين ربما سعوا لمعرفة موقف أنقرة- فحواها أن مكان قادة حماس ليس في تركيا، وأن إيران أولى بهم، لاسيما أن قادة حماس الموجودين في الخارج ليس لهم تأثير في الداخل يمكن استخدامه كورقة سياسية لصالح الأتراك.

لكن الولايات المتحدة شككت في رواية أنقرة وحذرتها من استقبال قادة من حماس أو التعامل معهم، وهو ما يزيد الضغوط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ونفت مصادر في وزارة الخارجية التركية الاثنين صحة ادعاءات تفيد بنقل حركة حماس مكتبها السياسي إلى تركيا. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن هذه المصادر قولها “ادعاءات نقل مكتب حماس السياسي إلى تركيا لا تعكس الحقيقة.”

ويرفع تسريب الموقف الرسمي عن طريق مصادر مجهولة الحرج عن المسؤولين الأتراك، خاصة الرئيس أردوغان، ويتيح لتركيا إعلان رفضها فكرة نقل مقر حماس إلى أراضيها، وفي ذلك رسالة واضحة موجهة إلى الجميع مفادها أن أنقرة لا تساوم على مصالحها، وهي ليست مستعدة لإرباك العلاقة بينها وبين الأميركيين والإسرائيليين بمثل هذه الخطوة.

تسريب تركيا رفْض استقبال قادة حماس قد يكون ناجما عن معطيات مسبقة بشأن صدور موقف أميركي حاسم

لكن الولايات المتحدة لم تخف على لسان وزارة الخارجية تحذيرها لتركيا من “انتقال بعض أفراد قادة حماس إلى تركيا،” في رسالة واضحة مفادها أن هذا الخيار غير ممكن. وقد يكون تسريب تركيا رفض استقبال حماس ناجما عن معطيات مسبقة بشأن صدور موقف أميركي حاسم في الموضوع.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية “نعتقد أنه لا ينبغي لزعماء منظمة إرهابية العيش هانئين في أي مكان،” مضيفا “سنوضح لحكومة تركيا أنه لا سبيل إلى المزيد من العمل المعتاد مع حماس.”

ويمثل التسريب موقفا واضحا وصريحا موجها إلى قطر وحماس ويتلخص في وجوب أن تتدبرا أمرهما بعيدا عن تركيا، ولمَ لا نقْل قادة الحركة إلى إيران المستفيد المباشر من هجوم حماس في أكتوبر 2023. وإيران أولى بهم لينفذوا ما تسطره للمرحلة القادمة سواء تعلق الأمر بقبول وقف إطلاق النار أو بالاستمرار في تنفيذ عمليات محدودة دون مراعاة معاناة سكان القطاع.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون الموقف التركي الحاسم ردا على جس الدوحة نبض أنقرة بشأن حماس قد يكون تم على هامش زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى أنقرة ضمن مساعي قطر للتخلص من حماس بهدف تجنب الغضب الإسرائيلي – الأميركي بعد فشل الوساطة القطرية في دفع حماس إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

ويجد الأتراك أن لا فائدة ترجى من التفكير في استضافة قادة حماس في الخارج. فالقادة الحاليون هم صف ثان أو ثالث ولا تأثير لهم على كتائب القسام في الداخل، ولا يمكن أن يؤمّنوا إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ولا استصدار موقف من الحركة بشأن القبول بمقترح وقف إطلاق النار.

فما الذي ستجنيه تركيا من وجود قادة حماس على أراضيها، في وقت لا يريد فيه المسؤولون الأتراك ورقة سياسية تحسب عليهم بدلا من أن تحسب لبلادهم كي تفاوض بها وتجلس إلى طاولة الحوار وتصبح وجهة الزيارات المختلفة المتعلقة بموضوع التهدئة.

ويأتي النفي التركي لاستقبال مقر حماس عقب تقرير نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الاثنين نقلا عن مصدر دبلوماسي عربي قوله إن كبار أعضاء قيادة حماس في الخارج غادروا قطر الأسبوع الماضي إلى تركيا، بعد أن أعلنت الدوحة انسحابها من جهود الوساطة لإنهاء الحرب في غزة.

وكان أردوغان قد رد على تكهنات سابقة بشأن استضافة قادة حماس في بلاده إذا غادروا قطر تحت ضغوط أميركية وإسرائيلية بالقول إن مكانهم الطبيعي هو الدوحة.

وفُهم توضيح أردوغان على أنه رسالة إلى حماس وقطر يفيد مضمونها بأن تركيا لن تخاطر باستقبال قادة تطاردهم إسرائيل بسبب أنشطة عابرة للدول، وأن على الدوحة أن تتحمل مسؤوليتها باستبقاء قادة حماس على أراضيها أو البحث عن مكان آخر لهم غير تركيا، ولمَ لا إيران.

ويجد قادة حماس أن إيران مكان غير ملائم لهم، فهي غير آمنة خاصة بعد مقتل رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية على أراضيها رغم أن وجوده كان في زيارة رسمية ويفترض أن تتم حمايته بشكل جيد. كما أن وجود الحركة في طهران يعني أنها صارت آليا تابعة لإيران، وهو ما لا تريده حماس، ويفقدها عنصر المناورة، ويهز من صورتها كحركة سنية إخوانية.

الموقف التركي الحاسم جاء على ما يبدو ردا على جس الدوحة نبض أنقرة على هامش زيارة أمير قطر إلى أنقرة ضمن مساعي الدوحة للتخلص من حماس

وتستضيف قطر مكتبًا سياسيّا لحركة حماس منذ عام 2012، بمباركة الولايات المتحدة، ولطالما أدت دور الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ووجدت الدوحة أن الوضع ملائم للتخلي عن عبء حماس في فترة انتقالية بالبيت الأبيض حتى لا يبدو قرارها تحت ضغط إدارة جو بايدن، وفي الوقت نفسه تستبق توترا متوقعا من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي سيعمل على إنهاء الحرب بطريقته الخاصة؛ وذلك بممارسة ضغوط على حماس وداعميها.

وقبل أيام قال مسؤول مطلع على المسألة إن قطر ستنسحب من جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة حتى “تبدي حماس وإسرائيل استعدادا صادقا للعودة إلى طاولة المفاوضات،” وإنها خلصت إلى أن المكتب السياسي لحماس في الدوحة “لم يعد يؤدي الغرض منه.”

لكن قياديا في حماس ذكر أن الحركة لم تتلق أيّ طلب من قطر لغلق مكتبها في الدوحة، وقال “ليس لدينا أيّ شيء حول تأكيد أو نفي ما نُشر عن مصدر دبلوماسي لم تحدد هويته، ولم نتلق أيّ طلب لمغادرة قطر.”

وكان مسؤول أميركي قد كشف أن واشنطن أبلغت قطر بأنه “بعد رفض حماس للمقترحات المتكررة للإفراج عن الرهائن، لم يعد من الممكن الترحيب بقادتها في عواصم أيّ شريك للولايات المتحدة.”