ما وراء تشكيل تكتل سياسي مناهض للحوثيين في اليمن
يقلل مراقبون من أهمية الإعلان عن تشكيل تكتل سياسي جديد مناهض للحوثيين في اليمن بعد أن أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي (الشريك الرئيسي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا) مقاطعته، وسط أسئلة عدة عن دوافع هذه الخطوة.
وأعلنت أحزاب وقوى سياسية يمنية تشكيل تكتل سياسي جديد داعم للحكومة المعترف بها دولياً لمواجهة جماعة أنصارالله الحوثية المتحالفة مع إيران. وتم إشهار هذا التحالف السياسي بمدينة عدن في 5 نوفمبر تحت مسمى “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية” برئاسة رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر الذي سبق أن تقلد منصب رئيس الحكومة بين عامي 2016 و2018. وانضم إلى هذا التكتل 22 مكونا وحزبا سياسيا أبرزها المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني.
وخلال فعالية الإشهار قال بن دغر في كلمة له إن “قيام هذا التحالف السياسي الوطني العريض يعد خطوة هامة في مسيرتنا النضالية، تهيئ لمناقشات سياسية وتهدف إلى تعزيز الإستراتيجيات القائمة على الإجماع الوطني والوصول إلى حوار يمني – يمني يفضي إلى حل شامل وعادل، ينهي الانقلاب الحوثي ويستعيد الدولة، ويؤسس لعهد جديد.”
وأضاف “يحدونا الأمل أن يُحدث تكتلنا السياسي الجديد فارقًا في واقعنا السياسي، وتغييرًا في أداء مؤسساتنا الوطنية، سعيًا نحو حياة أفضل لأهلنا جميعًا في ربوع اليمن.” وفي السياق ذاته، أشاد رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك بإشهار هذا التكتل قائلا “نبارك ولادة هذا التكتل السياسي الوطني في هذه اللحظة التاريخية، وننظر له كصوت جديد، ورؤيةً متجددة، وأداةً للتغيير البناء في وطننا الغالي.”
وأضاف “يعد هذا التكتل جهداً بارزاً في السياق الوطني يضاف إلى الجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من ميليشيا الحوثي.”
مواقف مناهضة
جماعة الحوثي افترضت أن هذا التكتل تم تشكيله بإيعاز من الولايات المتحدة، مقللة من تأثير ذلك عليها. وقال عضو المجلس السياسي الأعلى للجماعة محمد علي الحوثي إن “السفارة الأميركية في اليمن باركت تجمع أحمد بن دغر (التكتل السياسي).. ونقول لهم إن بن دغر لم يفدكم وهو في رئاسة الحكومة التي تدعمونها.” وأضاف الحوثي في كلمة مصورة “لن يفيد ولا تخيفينا تجمعاتكم.. هذا التحرك وهذا الجمع لن يضرنا على الإطلاق.”
بدوره، رفض المجلس الانتقالي الجنوبي المشارك في الحكومة الانضمام إلى هذا التكتل الجديد. وقال المجلس الانتقالي الجنوبي، في بيان، إنه” يقود الميثاق الوطني الجنوبي كتكتل سياسي يسعى لتحقيق أهداف وتطلعات شعب الجنوب المتمثلة في استعادة الجنوب دولة وهوية.”
وفي الوقت ذاته أكد المجلس الانتقالي “استعداده للحوار ومناقشة أيّ جهود لمواجهة خطر ومهددات ميليشيا الحوثي الإرهابية،” حسب البيان. وشدد المجلس على “عدم التزامه بأيّ مخرجات أو نتائج ليس مشاركاً فيها، أو غير موافق عليها” في إشارة إلى رفض أيّ مخرجات عن التكتل الجديد.
◙ رغم أهمية إعادة نشاط الأحزاب السياسية، فإن التغيير في مرحلة الحرب يحتاج إلى قوة عسكرية وليس إلى نشاط سياسي
وينظر الانتقالي الجنوبي الساعي لتأسيس دولة الجنوب المستقلّة إلى تكتّل الأحزاب باعتباره كيانا موازيا وشريكا للشرعية اليمنية خلال المرحلة المقبلة التي قد تكون مرحلة تمرير اتفاق سياسي مع الحوثيين بشأن حل سلمي للصراع لا يتضمّن تحقيق مطلب تأسيس الدولة المذكورة. ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، ناصر الطويل أن “هذا التحالف السياسي سيكون له معنى إذا ما كان المجلس الانتقالي الجنوبي عضوا فيه.”
اللافت في هذا الحدث حضور السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن فعالية إشهار التحالف السياسي اليمني الجديد. وقالت السفارة الأميركية في بيان إن “الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية اجتمعت في أبريل الماضي للمشاركة في حوار سياسي لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهو الأول من نوعه منذ أكثر من عشر سنوات.” وأضاف البيان “خلال الحوار اتفقت الأحزاب والمكونات المشاركة على تشكيل تكتل وطني واسع ملتزم بصياغة رؤية مشتركة ليمن سلمي مع احترام التنوع السياسي في اليمن.”
وأفادت السفارة أن فعالية إشهار التكتل “تمت بدعم من وكالة التنمية الأميركية والمعهد الوطني الديمقراطي.” واعتبرت السفارة أن “التكتل الجديد يمثل لحظة محورية في التاريخ السياسي لليمن.” يرى الباحث اليمني يعقوب العتواني أن وراء هذا التكتل اتجاه دولي بدرجة كبيرة لتعزيز موقف الصف المناهض للحوثيين. وأضاف العتواني لوكالة الأنباء الألمانية أن ذلك يتضح إلى حد ما من خلال المظلة التي رعت إشهار التكتل السياسي وهي المعهد الديمقراطي الأميركي. واعتبر العتواني أن تشكيل هذا التكتل يمكن أن يعني الكثير جداً لمستقبل اليمن، ويمكن أن ينتهي إلى لا شيء في نفس الوقت.
وحول أهمية التكتل أوضح قائلا “من ناحية يستحيل تصور إمكانية استعادة مؤسسات الدولة وإعادة الاستقرار إلى اليمن من دون تفعيل دور المكونات السياسية اليمنية والتفافها حول هذه الغاية، ومن ناحية أخرى سبق أن كانت هناك محاولات مشابهة منذ بداية الحرب وكان تأثيرها شبه منعدم بسبب غياب الجدية والثقة بين المكونات".
مباركة أميركية
وبالنسبة إلى أهمية توقيت تشكيل هذا التكتل، فيعتقد العتواني أن العمليات العسكرية للحوثيين في البحر الأحمر ساهمت كثيراً في”تخمير” هذه الخطوة. يأتي تشكيل هذا التكتل في ظل الحرب العسكرية المباشرة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، ما يجعل البعض يرى أن هذا التطور يأتي بإيعاز من واشنطن.
ونتيجة لتباين وجهات النظر بين المكونات المناهضة للحوثيين، ثمة من يقلل من فاعلية هذا التكتل السياسي. وقال عبدالسلام سيف، الناشط السياسي، إن تشكيل هذا التحالف السياسي لن يحدث تغييرا في الواقع اليمني المعقد. وأضاف أنه سبق أن تم تشكيل تكتل سياسي سابق داعم للحكومة خلال السنوات الماضية، دون إحداث أيّ تغيير في مسار الواقع اليمني.
وأردف “رغم أهمية إعادة نشاط الأحزاب السياسية، لكن نحن في مرحلة حرب، والتغيير في حاجة إلى قوة عسكرية تواجه الحوثيين، وليس إلى نشاط سياسي.” وأشار إلى أن توقيت تشكيل هذا التكتل بدعم أميركي يأتي كرسالة تهديد من الولايات المتحدة للحوثيين الذين يواصلون تنفيذ هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن.
وبطريقة مخالفة لوجهة نظر سيف، ثمة من يبدي تفاؤلا في تشكيل التحالف السياسي الجديد. وفي تعليقه لوكالة الأنباء الألمانية اعتبر الصحافي تيسير التميمي تشكيل التكتل السياسي” خطوة إيجابية في الطريق الصحيح.” وأضاف التميمي أن “تشكيل هذا التكتل بمثابة مبادرة لتوحيد الصف الجمهوري في مواجهة الفكر الإمامي الحوثي.”
وأعرب التميمي عن تفاؤله بتشكيل هذا التكتل، متمنيا أن يؤتي ثماره في القريب العاجل. وقال إن هذا التكتل مهم كونه يضم كل الأحزاب المنضوية تحت إطار الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا. وأردف "هذه الأحزاب مؤمنة بفكرة الجمهورية وفكرة التعددية السياسية، والتكتل سيكون بداية تغيير وقد يؤدي الغرض في مواجهة الحوثيين".