الإعلام الجزائري واقع تحت تأثير قرارات متناقضة للدوائر الرسمية

وكالة أنباء حضرموت

يصمم الإعلام الجزائري على أداء دور المؤسسات الرسمية؛ فرغم الانطباع الذي أوحت به ردة الفعل الرسمية على صحيفة “جزائر الغد”، والإعلان عن تغيير في هرم الوكالة الرسمية ومؤسسة البث، وعن إمكانية رسم خارطة ومحتوى إعلامي جديدين، إلا أن ما أوردته صحيفة “الخبر” حول السفير الإماراتي وتحميله مسؤولية الأزمة بين البلدين أكد أن الإعلام الجزائري لم يتغير، أو أنه واقع تحت ضغوط أكثر من جهة غير منسجمة في إدارة دفة القرار، كل حسب مصالحه ومزاجه.

وأوحت التغييرات المنتظرة على رأس مؤسسات إعلامية حكومية، كوكالة الأنباء الرسمية ومؤسسة البث الإذاعي، وقبلهما التلفزيون والإذاعة، في انتظار إدارة صحف ورقية، بأن السلطة الجزائرية بصدد مراجعة محتوى وشكل الصورة التي تريد تسويقها للرأي العام الداخلي والخارجي.

أداء الإعلام الجزائري بات يترجم وجهات نظر متضاربة، وهناك من يسعى للالتفاف على توجهات الرئيس تبون

وسبق لهذا المسعى أن تعزز بردة الفعل القوية لوزارة الاتصال بعد مباشرتها إجراءات التوقيف والعقاب في حق صحيفة “جزائر الغد”، عقب نشرها ملفا حول مزاعم بوجود مخطط يديره ما أسمته بـ”دول محور الشر”، لاغتيال الرئيس عبدالمجيد تبون. غير أن ذلك المسعى قد سقط بعد المقال الذي أوردته صحيفة “الخبر” الخاصة في عددها الصادر الثلاثاء على صدر صفحتها الأولى، بعنوان “سفير الإمارات في الجزائر.. شخص غير مرغوب فيه”.

ولم يبن الكاتب مقاله على معلومات أو معطيات معينة، بينما استند على مواقف واستنتاجات سبق ترويجها من طرف عدة وسائل إعلامية حكومية وخاصة، وهو ما لم يختلف عما جاء في ملف صحيفة “جزائر الغد” الذي استند هو الآخر على استنتاجات ومعلومات مستهلكة لا مصداقية لها.

وساد الاعتقاد في عودة الهدوء إلى محور الجزائر- أبوظبي، خاصة بعد اللقاء بين الرئيسين عبدالمجيد تبون والشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع التي احتضنتها إيطاليا، فضلا عن رسالة التهنئة التي أرسلها رئيس دولة الإمارات إلى الرئيس الجزائري بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للمرة الثانية، لكن مقال صحيفة “الخبر” فاجأ المتابعين بالعودة إلى أسلوب الشحن والتحريض دون مراعاة لمصالح الجزائر.

وكان الرئيس تبون قد ذكر في أحد تصريحاته أن “المواقف السياسية والرسمية لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال عبر وسائل الإعلام، وأن المؤسسات الرسمية هي المخول الوحيد بالتعبير عن موقف الدولة”، غير أن تعمد وسائل إعلام محلية التدخل في المواقف الرسمية يوحي بتضارب بين دوائر النفوذ في إدارة دفة الإعلام والقرار السياسي.

ويبدو أن أداء الإعلام الجزائري بشقيه الحكومي والخاص بات يترجم وجهات نظر متضاربة داخل دوائر السلطة، وأن الرغبة التي ظهرت مؤخرا في تغيير محتوى وشكل الإعلام المحلي من أجل تسويق صورة جديدة بعد انتخاب تبون لولاية رئاسية ثانية يقابلها لوبي مناوئ لأي تصالح أو تقارب بين الجزائر والإمارات، ويجري إفشال المساعي الرسمية بشكل متعمد.

واستعداء الإمارات ليس سوى استمرار لسياسة جزائرية تقوم على الإمعان في خلق الأعداء بلا سبب، ولو أدى ذلك إلى المس بمصالح الجزائر نفسها. ويبدو أن قوى نافذة في المؤسسة العسكرية -التي تمثل الدولة العميقة بمختلف تشابكات مصالحها- تعمل على عرقلة سياسة تبون في تسوية الخلافات مع الأشقاء في الخليج.

ولا يُعرف كيف ستتصرف مؤسسة الرئاسة الجزائرية حيال هذا الأسلوب الذي يهدف إلى عرقلة توجهها إلى التهدئة مع الإمارات. وهناك قناعة لدى أوساط سياسية جزائرية بأن الحملة المفبركة على السفير الإماراتي وكيل التهم إليه هما جزء من خطة لمنع الرئيس تبون من أن يحدث أي تغيير في سياسات بلاده الخارجية ويسعى لفك العزلة عنها في محيطها الإقليمي.