الصين تضخ جرعة تحفيزات أكبر لتنشط اقتصادها المتعثر

وكالة أنباء حضرموت

أعلن البنك المركزي الصيني الثلاثاء حزمة تحفيزات هي الأكبر منذ إنهاء الإغلاق بفعل الأزمة الصحية، في محاولة لدفع محركات النمو المتضررة من تبعات المشاكل منذ 2020.

وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام على رفع القيود الصحية التي فرضتها السلطات لمكافحة جائحة كوفيد وكانت تداعياتها كارثية على اقتصاد البلاد، لا تزال وتيرة النهوض الاقتصادي أبطأ من المتوقع.

ويعاني ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل خاص أزمة في مجال العقارات وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وتباطؤ استهلاك الأسر، في حين يلوح خطر الركود.

وتسعى السلطات إلى تحقيق نمو في إجمالي الناتج المحلي بنحو 5 في المئة خلال عام 2024، وهو هدف يعتبر العديد من الخبراء أن تحقيقه صعب للغاية بسبب التحديات الراهنة.

وقال بان غونغشنغ، محافظ البنك المركزي، خلال مؤتمر صحفي في بكين إنّ السلطات الصينية “ستخفّض نسبة الاحتياطي الإلزامي وسعر الفائدة الرئيسي، وستخفض سعر الفائدة القياسي في السوق”.

ونسبة الاحتياطي الإلزامي هي التي تحدد حصة الودائع التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها في خزائنها. ومن المفترض أن تتيح لها منح الشركات مزيدا من القروض لدعم الاقتصاد الفعلي.

وأضاف غونغشنغ أن “نسبة الاحتياطي الإلزامي سيتمّ خفضها قريبا جدا بنسبة نصف نقطة مئوية من أجل تزويد السوق المالية بسيولة طويلة الأجل تبلغ نحو تريليون يوان (142.3 مليار دولار).

كما ستقوم الصين “بخفض أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري القائمة”، وهو إجراء “يعود بالفائدة على 50 مليون أسرة و150 مليون شخص”، بحسب حاكم المركزي.

وبالتالي فإن انخفاض نسبة الفائدة على قروض العقارات “سيساعد على تحفيز الاستهلاك والاستثمار”، وفقا لبان غونغشنغ.

ورغم أن الاقتصاديين اتفقوا على أن الحزمة الجديدة فاقت التوقعات، لكن العديد منهم تساءلوا عما إذا كانت قادرة على معالجة المشكلات التي تواجه البلد، بما في ذلك ضعف الطلب الاستهلاكي الذي أدى إلى أطول فترة انكماش منذ عام 1999.

ونسبت وكالة بلومبيرغ إلى كين وونغ، متخصص في الأسهم الآسيوية في شركة إيست سبرينغ إنفستمنتس هونغ كونغ قوله إنه “من الصعب القول إن هناك حلا سحريا يمكنه فعل كل شيء”.

وأضاف “بينما تعتبر التدابير النقدية التيسيرية خطوة إيجابية، إلا أنه يتعين القيام بالمزيد لتعزيز النمو في الربع الرابع” من هذا العام.

وقال إريك زو، خبير الاقتصاد الصيني في بلومبيرغ إيكونوميكس “في حدها الأدنى، ستعطي هذه الحزمة دفعة ضرورية للثقة”.

وأضاف “توقعاتنا الأساسية كانت نموا بنسبة 4.7 في المئة هذا العام، لكن هذه الحزمة القوية من التحفيز النقدي تشير إلى أن النمو قد يقترب من الهدف البالغ 5 في المئة”.

وتحاول حكومة الرئيس شي جينبينغ تحفيز الاقتصاد دون اللجوء إلى حزم تحفيز ضخمة كما حدث في السنوات السابقة، لكن حتى الآن لم تنجح الجهود المجزأة في وقف التباطؤ الاقتصادي.

ويتوقع اقتصاديون في بنوك وول ستريت، بما في ذلك جي. بي مورغان أن الصين قد لا تتمكن من تحقيق هدف النمو لهذا العام.

أبرز الإجراءات

وانعكست الإجراءات الجديدة إيجابا على البورصات الصينية، حيث ارتفعت الأسهم عند الإغلاق في شنغهاي بنسبة 4.15 في المئة وهونغ كونغ بنسبة 4.13 في المئة، وشنتشن بنسبة 3.95 في المئة لكن يبدو أن الاقتصاديين متحفظون على هذا التفاؤل. واعتبر المحلل لدى مجموعة كابيتال إيكونوميكس جوليان إيفانز-بريتشارد في تصريح لوكالة فرانس برس أنها “خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها ليست كافية على الأرجح”.

وأشار المحلل في البنك النيوزيلندي – الأسترالي أي.أن.زد ريموند يونغ إلى أن “الإجراءات المعلنة اليوم بعيدة من كونها خطة ضخمة للإنعاش” أوصى بها العديد من الخبراء.

وأضاف يونغ “يبدو أن الصين وقعت في فخ السيولة” التي يفتقر إليها الاقتصاد، مؤكدا أن ذلك يتطلب سياسة ضريبية “أكثر صرامة” لإنعاش الطلب.

ولجذب المزيد من رؤوس الأموال، أعلن المركزي الثلاثاء إنشاء صندوق بقيمة 500 مليار يوان (72 مليار دولار)، من أجل تحقيق الاستقرار في أسواق الأسهم التي تتعرض لضغوط.

وسيتيح للشركات المدرجة في البورصة وشركات التأمين أن تسحب منه لشراء أسهم في الأسواق، بهدف تعزيز الاستثمارات وبالتالي تحفيز الاقتصاد.

ويشكل قطاع الإسكان والبناء منذ فترة طويلة أكثر من ربع إجمالي الناتج المحلي لثاني أكبر اقتصاد في العالم. لكنه يعاني منذ 2020 شروطا مشددة فرضتها بكين على مطوري العقارات للحصول على قروض، وهذا ما دفع البعض، مثل إيفرغراند أو كانتري غاردن، إلى حافة الإفلاس، في حين يمنع انخفاض الأسعار الصينيين من الاستثمار في القطاع.

وفي الأشهر الأخيرة، عززت السلطات من إجراءات التحفيز، ففي مايو، أعلنت خفض الحد الأدنى للدفعة الأولى المطلوبة من الراغبين بشراء منزل لأول مرة وعرضت أن تشتري السلطات المحلية العقارات السكنية غير المباعة أو التي لم يتم تسليمها. والثلاثاء، أعلنت خفضا جديدا في الحد الأدنى للدفعة وامتد ليشمل شراء منزل ثان.

وتسببت الأزمة العقارية بحرمان السلطات المحلية من مصدر مهم للعائد العقاري، وبلغت ديونها الآن 5.6 تريليون دولار، بحسب الحكومة، وهو أمر يثير مخاوف حيال استقرار الاقتصاد الصيني.

وأكد مدير الإدارة المركزية للتنظيم المالي لي يونزي الذي تحدث في حضور حاكم البنك المركزي الثلاثاء، أن بكين “ستتعاون بشكل فعال لتبديد المخاطر المرتبطة بالعقارات وديون الحكومات المحلية”. وكانت السلطات الصينية أقرت في يوليو بأن تفاقم ديون المجتمعات يمثل أحد “المخاطر” التي تهدد الاقتصاد.