هل تؤثر مناظرة ترامب – هاريس على نتيجة الانتخابات

وكالة أنباء حضرموت

أخيرا أُقيمت المناظرة؛ فبعد أسابيع من الترقب نزل المرشح الجمهوري دونالد ترامب ونائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس إلى ساحة المواجهة في فيلادلفيا الثلاثاء، فيما قد تكون المرة الوحيدة التي يتواجهان فيها قبل انتخابات الخامس من نوفمبر القادم.

وغطى النقاش مجموعة واسعة من القضايا وتميز بسلسلة من التبادلات المكثفة بين الخصمين اللدودين، وبينما قدمت هاريس نفسها على أنها صاحبة حلول براغماتية للمشكلات، محاولة التقليل من شأن ترامب باعتباره “دكتاتوراً محتملاً”، دافع ترامب عن سياساته المقترحة، وهاجم هاريس باعتبارها متطرفة، وحمّلها مسؤولية فشل سياسات الهجرة.

وهناك اتفاق في الآراء على أن هاريس فازت بالمناظرة. فقد نالت من رباطة جأشه واستفزته ووضعته في موقف الدفاع، وهو ما جعله يرد بمزاعم لا أساس لها من الصحة. واضطر المرشح الجمهوري إلى اتخاذ موقف دفاعي طوال الليلة تقريبا. والسؤال الآن هو: هل سيكون نجاح هاريس على منصة المناظرة مهمّا في نوفمبر؟

وجذبت مناظرة فيلادلفيا 67 مليون مشاهد وحبس الكثيرون من الشعب الأميركي أنفاسهم لمدة 90 دقيقة مساء الثلاثاء.

مع استمرار التأرجح في كل الولايات التي تحتدم فيها المنافسة، قد يصبح أي دعم، ولو كان هامشيا، حاسما

ومع اقتراب المواجهة رأت حملتا المتنافسين أن المناظرة ربما تكون أفضل فرصة متبقية لإحداث التغيير في سباق متقارب جدا قبل أقل من ثمانية أسابيع على حلول موعد التصويت.

وأراد أنصار ترامب أن يرتقي المرشح الجمهوري فوق الهجمات الجنسية والعنصرية التي جنح إليها في حملته الانتخابية. وأرادت هاريس توضيح سياساتها أمام الجمهور المتحفز واستدراج خصمها لارتكاب خطأ قد يجعل الناخبين يشككون في حالة الرئيس السلوكية والمزاجية.

وعموما نجحت هاريس؛ فقد بدأت بمصافحة ترامب في بداية المناظرة واستدرجته مرات إلى فخ الاستفزاز. وجاءت اللحظة الحاسمة بعد نحو نصف ساعة حين تهكمت هاريس على تجمعاته الانتخابية قائلة إنها كانت مملة وإن الحاضرين كانوا يغادرون مبكرا بسبب شعورهم بالإرهاق.

وبدا الارتباك على الرئيس السابق المعروف بحساسيته الشديدة تجاه أحجام تجمعاته الانتخابية. ورد بطريقة تدل على التشتت، فزعم أن المهاجرين في البلاد يقتلون الحيوانات الأليفة ويأكلونها بشكل غير قانوني في سبرينجفيلد بولاية أوهايو. وأشار أحد مديري المناظرة إلى عدم صحة هذا. لكن ترامب ظل متمسكا بما قاله.

هاريس قدمت نفسها على أنها صاحبة حلول براغماتية للمشكلات، محاولة التقليل من شأن ترامب باعتباره "دكتاتوراً محتملاً"

وقال ترامب “في سبرينجفيلد، يأكلون الكلاب! الأشخاص الذين جاءوا إلى هنا، يأكلون القطط!”.

وسرعان ما انتشرت تعليقاته على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ختام الليلة، مع مغادرة المرشحين ساحة المناظرة، أعلنت نجمة البوب تيلور سويفت تأييدها لهاريس في تدوينة على إنستغرام، وهي لمحة تعطش إليها الديمقراطيون منذ شهور.

ترامب دافع عن سياساته المقترحة، وهاجم هاريس باعتبارها متطرفة، وحمّلها مسؤولية فشل سياسات الهجرة

وقال مستشارو ترامب بعد ذلك إنهم يعتقدون أن أداء ترامب كان سيئا وأنه وقع في الفخاخ التي نصبتها هاريس، لكن ليس بالسوء الذي قد يغير مسار السباق.

وقال أحد المساعدين الذين يعملون مع ترامب منذ فترة طويلة “كرهت تلك (المناظرة) بالتأكيد لكنني لا أعتقد أنها ستؤثر على النتيجة”.

والبيانات حتى الآن مربكة؛ فقد تحدثت رويترز إلى 10 ناخبين لم يحسموا أمرهم بعد المناظرة لكنهم لم يتأثروا كثيرا بأداء هاريس، فقالوا إنهم وجدوا مقترحاتها السياسية غامضة للغاية.

لكن يتعين الانتظار بضعة أيام وإجراء بعض استطلاعات الرأي الجيدة لنعرف يقينا مدى تأثير المناظرة المحتمل على تغيير مسار السباق. ومع استمرار التأرجح في كل الولايات التي تحتدم فيها المنافسة، قد يصبح أي دعم، ولو كان هامشيا، يحصل عليه أي من المرشحين حاسما.

وجاء في تقرير لمعهد المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أن المناظرة نجحت من الناحية المبدئية في تحقيق أهدافها المرجوة، إلا أنه من الصعب حسم السباق الرئاسي في الوقت الراهن، بل على العكس، فقد أكدت المناظرة أن مسألة حسم نتيجة الانتخابات ستكون صعبة، وخاصة في ظل استمرار تقارب نتائج استطلاعات الرأي.

ولكن القراءة الأولية لمناظرة هاريس – ترامب أكدت حقيقة مفادها أن فجوة التناقضات هائلة بين المرشحين؛ وهو ما جعل الأميركيين يشاهدون ثنائية متصارعة بين هاريس، التي تبدو مرشحة “التنوع والمساواة والعدالة واحتواء الأقليات”، وترامب الذي يحمل لواء “أميركا أولاً” مع المحافظة على القوة والحماية الاقتصادية وسياسات القانون والنظام، بما يضمن عزلة الولايات المتحدة عن كل التحديات العالمية التي أعاقتها عن التقدم والريادة الدولية.