تغريد

التغريد هو رفع الصوت في الغناء والتطريب به. الأصل فيه تغريد الطيور. والفعل منه: غَرّد.

وكالة أنباء حضرموت

حَوَتِ الجمالَ فلو ذهبتَ تَزيدُها
في الوَهمِ حُسناً ما استطعتَ مَزيدا
لو مَرَّ بالوِلدانِ طَيفُ جمالِها
في الخُلدِ خَرّوا رُكّعاً وسُجودا
أشهى مِنَ العودِ المُرَنِّمِ مَنطِقاً
وألَذُّ مِن أوتارِهِ تَغريدا

هذه الأبيات من قصيدة "الجلاء" لأمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) ومطلعها:

بأبي وروحي الناعِماتِ الغيدا
الباسِماتِ عَنِ اليتيمِ نَضيدا

نظمها في مناسبة احتفال الشباب المصري بخروج مجموعة من الشبان الوطنيين من السجن في عهد حكومة الزعيم سعد زغلول، وكانت المحاكم الإنكليزية العسكرية قد أدانتهم بتهمة التآمر على سلطات الاحتلال الإنكليزي.

وهذه الأبيات من المقدمة الغزلية لتلك القصيدة التي أشار فيها الشاعر إلى أبرز الأحداث في تلك المرحلة. وفيها يصف حسناء فائقة الجمال لو أراد أن يزيدها جمالاً ولو في الوهم لما استطاع مزيداً، ولو رآها الوِلدان المخلّدون في الجنة المشهورون بالجمال لسجدوا لها. أما صوتها ومنطقها فألذّ وأكثر تغريداً أو إطراباً من العود مهما أجاد العازف الضرب على أوتاره.

تغريدُ هذه الحسناء مستعار من تغريد الطيور وهو الذي يوحي لبعض الآباء من محبّي الغناء وعزف الألحان بإطلاق اسم تغريد على المولود الأنثى على سبيل التيمُّن بأن يكون لها صوت جميل يشيع أجواء الفرح من حولها.

والتغريد هو رفع الصوت في الغناء والتطريب به. الأصل فيه تغريد الطيور. والفعل منه: غَرّد. وكثيراً ما يطرب الشعراء لتغريد الطيور كقول الشريف الرَضِيّ (970 - 1016م):

يا طائرَ الأيْكِ غَرِّدْ لي على فَنَنِ
وداوِ ما بيَ مِن هَمٍّ ومِن حَزَنِ
وفي الفؤادِ شُجونٌ غَيرُ بائنةٍ
إن كانَ قَلبُكَ خُلْواَ غَيرَ ذي شَجَنِ

يقال: غَرِدَ الطائرُ يَغرَدُ غَرَداً، إذا رفع صوته في غنائه وطَرّبَ به. فهو غَرِدُ. وحديثٌ غَرِدٌ أي مُطرب. وعليه للشاعر المصري محمود سامي البارودي (1839 - 1904) :

ومُنادِمٌ غَرِدِ الحديثِ كأنّما 
ألفاظُهُ في السَمْعِ نَغمَةُ عودِ
تُغتي الإشارةُ منه عن تصريحِهِ
وتَدُلُّ لَفظَتُهُ على المقصودِ
سَحَرَ العُقولَ بَيانُهُ فكأنّهُ
يَسقي الجليسَ سُلافَةَ العُنقودِ

والأكثر استعمالاً: غَرّدَ، يُغَرِّدُ، تَغريداً، فهو مُغَرِّدٌ، وغِرّيد. وقد يُطلَق على البنت اسم غَريد. والغَريد: التغريد. وقد اجتمعا في قول الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي الذي توفّي شاباً بمرض القلب (1909 - 1934):

والربيعُ الجميلُ في هاتِه الدُنيا
خريفٌ يُذوي رفيفَ الورودِ
والطيورُ التي تُغنّي وتَقضي
عَيشَها في تَرَنُّمٍ وغَريدِ
إنها في الوجودِ تشكو إلى 
الأيّامِ عِبْءَ الحياةِ بالتَغريدِ

ويستعار التغريد للإنسان فيقال فيه غَرّدَ إذا رفع صوته وطَرّب به مغنّياً. ويقال: أغرده الطائرُ إذا أطربه بتغريده.
واستغرده إذا جعله يُغرّد. والأُغرود والأُغرودة: غناء الطائر، والجمع أغاريد.