أول فرقة نسائية..جنوبيات يقاومن صخب الحرب بأنغام الموسيقى

وكالة أنباء حضرموت

تحاول فتيات جنوبيات في العاصمة عدن استعادة إرث المدينة الموسيقي والفني، عبر التمكن من مداعبة أوتار المعازف والتغني بالألحان.

فالإرث الغنائي والموسيقي الذي عاشته عدن قديما، وجد من يحافظ عليه، ويخلق تواصلا بين الماضي والحاضر، حتى تستطيع المدينة من استكمال دورها الفني والتنويري.

هذه الرغبة بتواصل الأجيال، تجسدت في مشروع ”الفن مهنتي”، الذي تنفذه مؤسسة عدن للعلوم والفنون، المدعوم من الاتحاد الاوروبي، وبالتعاون مع معهد "جوته" الألماني؛ وتوج بتأسيس أول فرقة موسيقية جميع أفرادها من النساء.

وتأسيس فرقة كهذه، يمثل سابقة أولى من نوعها، ليس على مستوى مدينة عدن فقط، بل واليمن عمومًا، عبر التدريب على العزف واستخدام الآلات الموسيقية.

تأهيل مكثف
تعكف 10 فتيات يمنيات على عزف الموسيقى باستخدام العود وآلات أخرى، ضمن دورة تدريبية تستمر لمدة 3 أشهر، تحتضنها مؤسسة عدن للعلوم والفنون، بهدف تأسيس الفرقة الموسيقية النسائية الأولى من نوعها.

وتتلقى الفتيات أساسيات الموسيقى ومبادئ الثقافة الموسيقية، واستخدام آلات العزف المختلفة، الوترية منها وغير الوترية، إضافة إلى معرفة الطبقات الصوتية والسلم الموسيقي.

ويقوم بعملية التدريب نخبة من فناني ومدربي الموسيقى والغناء والعزف في معهد جميل غانم للفنون الجميلة بعدن، والذين استعانت بهم مؤسسة عدن للعلوم والفنون في تدريب هؤلاء الفتيات.

فرقة متجانسة
مدير المشروع، "الفن مهنتي"، شعيب العفيف، قال لـ”العين الإخبارية” إن الفكرة نابعة من رغبة كثير من الفتيات تعلم الموسيقى، ليس من باب الهواية أو الترفيه، ولكن انطلاقًا من إيمانهنّ بإمكانية ممارسة الموسيقى كمهنة.

ومن هنا جاءت فكرة تأسيس فرقة موسيقية متكاملة من النساء فقط، يعزفنّ جميعًا على آلات متنوعة ومختلفة بشكل متجانس، وبالإمكان من خلال هذه المجموعة تكوين فرقة تقدم حفلات موسيقية، وفق ما أكده العفيف.

وأشار إلى أن تدريب الفتيات على الموسيقى يأتي ضمن مشروع طموح لاستعادة مكانة عدن الفنية والموسيقية، ومواجهة صخب الحرب بأنغام الألحان والموسيقى.

وأضاف: "لحظة الإعلان عن فتح المجال للمنافسة على الالتحاق بالدورة، كان الإقبال كبيرًا، ورغم أن العدد المحدد كان فقط 10 فتيات بحسب المقاعد المحددة، إلا أن طلبات الالتحاق تجاوزت 90 طلبًا من 90 فتاة بعضهنّ ينتمينّ لبقية المحافظات وليس من محافظة عدن فقط".

مقاومة الواقع
العدد الكبير للمتقدمات إلى مشروع ”الفن مهنتي” أكد أن الإقبال على تعلم الموسيقى يثير اهتمام الفتيات رغم كثير من العوائق الواقعية التي تحول دون ذلك، نظرًا لتحفظ المجتمع على التحاق الفتيات بهكذا فنون.

وفي هذا الشأن، تؤكد آلاء كمال لـ"العين الإخبارية" أن رغبتها في تعلم الموسيقى دفعتها إلى الالتحاق بالمشروع، بتشجيع أهلها، ورغم نظرة المجتمع القاصرة، إلاّ أنها استطاعت مقاومة هذا الواقع.

كما أكدت آلاء أنها تعلمت العزف على آلة "الكمان" ليس من أجل الهواية فقط، بل لممارسة الموسيقى كمهنة وعمل وشغف، مشيرةً إلى مميزات هذه الآلة التي قالت إنها أحبتها كثيرًا.

وتشاطرت آلاء هذه المعاني مع زميلاتها في الدورة التدريبية، الذين دفعتهنّ للالتزام والإقبال على التعلم بشكل كبير، حبًا في الموسيقى ومعاني السلام والانفتاح التي تروج لها.