قطر تنتقد طالبان أم تدافع عن نموذجها
وصف وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني هذا الأسبوع سياسات طالبان تجاه المرأة بأنها “مخيبة للآمال” وأنها تأخذ أفغانستان “خطوة إلى الوراء”، في موقف مفاجئ لقطر التي سبق أن دافعت عن طالبان وحثت على التعاون الدولي معها.
ويقول مراقبون إن كلام وزير الخارجية القطري لم يكن هدفه فقط إدانة طالبان والنأي عن أخطائها، وإنما الغاية منه أيضا لفت الأنظار إلى نموذج بلاده والإيحاء بأنه حكم إسلامي معتدل، في مسعى لتخفيف الانتقادات التي سبق أن وجهت لقطر في موضوع حقوق الإنسان.
ومن الواضح أن الشيخ محمد بن عبدالرحمن يسعى لتبرئة قطر من أي انتقادات توجه لها في حال فشلها في إقناع طالبان بضرورة التخلص من الأفكار المتشددة التي ارتبطت بها طوال فترة حكمها قبل أن تطيح بها القوات العسكرية الأميركية.
وكان الوزير يشير ضمنيا إلى رفض طالبان السماح لطالبات المدارس الثانوية الأفغانيات باستئناف دراستهن بعد أسبوعين من فتح المدارس للبنين وتعليق جثة ملطخة بالدماء لرجل متهم بالاختطاف على رافعة في الساحة الرئيسية بمدينة هرات الواقعة غربي أفغانستان. وفي أماكن أخرى من المدينة تم تعليق ثلاثة رجال آخرين ليراهم الجمهور.
وإلى حد الآن خيبت طالبان مساعي قطر لجعلها حركة معتدلة قادرة على المناورة ومستعدة للانفتاح على العالم والاستماع لمطالبه، حيث لا يزال الشق المتطرف من الحركة هو المسيطر على القرار وهو من يفرض آراءه المعادية للمرأة والديمقراطية والأجانب.
لكن جيمس دورسي، الخبير في قضايا الشرق الأوسط، يذهب إلى اعتبار أن المقارنة التي أجراها وزير الخارجية القطري بين مواقف طالبان ومواقف بلاده من حرية المرأة ومشاركتها في الحياة العامة ليست فقط محاولة لتقديم بديل عن طالبان، بل كانت أيضا محاولة لكسب نقاط في المنافسة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على القوة الناعمة الدينية في العالم الإسلامي.
وشكلت تصريحات الشيخ محمد بن عبدالرحمن توبيخا حادا لطالبان وذهبت إلى ما هو أبعد من التصريحات الصادرة عن السعودية والإمارات والتي حثت الجماعة على ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين في المقام الأول.
وقال وزير الخارجية القطري “كنا نحاول أن نبين لطالبان كيف يمكن للدول الإسلامية أن تطبق قوانينها، وكيف يمكنها التعامل مع قضايا المرأة. ومن الأمثلة دولة قطر، وهي دولة إسلامية. نظامنا هو نظام إسلامي (لكن) عدد النساء يفوق عدد الرجال في القوى العاملة لدينا، في الحكومة وفي التعليم العالي”. وحذر الوزير من أن طالبان تخاطر بإساءة استخدام الشريعة الإسلامية.
لكن يبدو أن المقارنة مع طالبان وحدها لا تكفي لتقديم صورة جيدة عن قطر، فربما لم يحسب الشيخ محمد بن عبدالرحمن حساب الفوارق بين الرجال والنساء في بلاده من خلال نموذج انتخابات مجلس الشورى، حيث يتنافس 284 شخصا للفوز بثلاثين مقعدا ليس بينهم سوى 28 امرأة.
كما أن قوانين الأسرة المعمول بها لا تزال تقليدية. وفي العام الماضي لجأت العشرات من القطريات إلى منصات التواصل الاجتماعي للتنديد بقواعد الوصاية، وخصوصا ما تعلق منها بضرورة الحصول على موافقة ولي أمر للسفر إلى الخارج.
وخلال السنوات الماضية صوّبت منظمات حقوق الإنسان أعينها نحو الأوضاع في قطر، وخاصة أوضاع العمالة، ونشرت عدة تقارير تشير إلى تجاوزات كثيرة خاصة بين العمالة الخاصة بمنشآت مونديال كرة القدم. ورغم محاولة السلطات تحسين هذه الصورة بتنفيذ بعض الإصلاحات إلا أنها لا تزال محدودة.