الخرطوم مدينة أشباح... الجيش يسيطر على وسطها والمحتجون على الأطراف
عاشت الخرطوم ومدنها الثلاث، أمس، ساعات عصيبة، حيث تواصلت الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي، بين المحتجين، وقوات الأمن، على أطراف المدينة. وشوهدت أعمدة الدخان ترتفع في كل أنحاء المدينة، مع سماع دوي الرصاص يشق سماء المدينة.
وأغلقت الطرق والمتاجر وتعطلت الاتصالات الهاتفية وانتشرت الطوابير أمام المخابز في العاصمة الخرطوم، فيما أغلق الجيش كل الطرق والجسور المؤدية إلى وسط المدنية، بعد يوم من سيطرة الجيش على السلطة في البلاد في انقلاب مما أدى إلى وقوع اضطرابات سقط فيها سبعة قتلى على الأقل، وأكثر من 80 جريحا.
واختفت مظاهر الحياة في العاصمة السودانية ومدينة أم درمان المقابلة لها على الضفة الأخرى من نهر النيل وأُغلقت الطرق إما بجنود الجيش أو بحواجز أقامها المحتجون. وأمكن سماع الدعوة إلى الإضراب العام عبر مكبرات الصوت في المساجد.
وتبدو الخرطوم كمدينة أشباح مع دخول الليل، غير أن أطراف المدينة حيث ينشط معارضو الانقلاب، فهم يسهرون حتى ساعات الفجر في رص الطرق بالحواجز، وإطارات السيارات، وفي حالة فر وكر مع قوات الأمن.
وأغلقت عربات عسكرية الطرق الرئيسية والجسر الواصل بين الخرطوم وأم درمان. كما أغلقت البنوك وتوقفت آلات الصرف الآلي عن العمل وتطبيقات الهواتف المحمولة المستخدمة على نطاق واسع في تحويل الأموال.
وفتحت بعض المخابز أبوابها في أم درمان غير أن الناس اضطروا للوقوف في طوابير لعدة ساعات أي أطول من المعتاد. وقال رجل في الخمسينات من عمره يبحث عن دواء في إحدى الصيدليات التي قلت مخزوناتها متحدثا بنبرة غاضبة «نحن ندفع الثمن في هذه الأزمة. لا يمكننا العمل ولا يمكننا العثور على الخبز ولا توجد خدمات ولا مال».
وشهدت أحياء في أطراف العاصمة إغلاقا جزئيا وتصاعدت أعمدة الدخان من الأماكن التي أشعل فيها محتجون النار في إطارات السيارات.
وفي وسط المدينة خلت شوارع وسط الخرطوم والمناطق التجارية مع إغلاق كل المتاجر والأسواق والمكاتب. وخلت الشوارع إلا من المتظاهرين وأفراد الأمن الذين انتشروا بكثافة حول القصر الرئاسي ووزارة الدفاع.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات في مدن عطبرة ودنقلا والأبيض وبورتسودان... وفي مدينة الجنينة الغربية قال أحد سكانها ويدعى آدم هارون إن المدينة تشهد عصيانا مدنيا كاملا، إذ أغلقت المدارس والمتاجر ومحطات البنزين. ودعا تجمع المهنيين السودانيين، الذي كان ائتلافا من الناشطين في الانتفاضة على حكم البشير، إلى الإضراب.
وقال جوناس هورنر من مجموعة الأزمات الدولية إن الجيش استخف بقوة المعارضة المدنية في الشارع. وقال «لم يتعلموا الدرس. كما رأينا في فترة ما بعد الثورة وما بعد البشير، كانت الشوارع مصممة وكان المدنيون على استعداد للموت من أجل هذا».