جهاد جوهر

القصف ليس مفاجئًا: هكذا تُجنى ثمار الشرعنة الخاطئة على أرض الجنوب

وكالة أنباء حضرموت

منذ انطلاق عاصفة الحزم في اليمن، قدّم الجنوبيون آلاف الشهداء والجرحى، وخاضوا معركة مصيرية دفاعًا عن أرضهم، وفي مقدمة الصفوف لطرد مليشيات الحوثي الإرهابية. تلك التضحيات لم تكن عابرة، بل كانت فعل تأسيس، وبدماء الشهداء رُسمت ملامح دولة الجنوب على أرض الواقع، ضمن حدودها المعروفة قبل وحدة واندماج 1990 مع الجمهورية العربية الشمالية.

غير أن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي لم تُحسن استثمار لحظة الانتصار التاريخية التي أتاحتها عاصفة الحزم لصالح القضية الجنوبية ومشروعها السياسي. فبدلًا من إبرام اتفاق واضح ومُلزم مع المملكة العربية السعودية يعترف بمحورية القضية الجنوبية، ويحدد أجلًا زمنيًا للمجلس الرئاسي من عدن— وخاصة حين كان الحوثي يطعن خاصرة المملكة وهو في ذروة قوته—ذهبت القيادة إلى منح الشرعية لعبدربه منصور هادي ثم لاحقًا لرشاد العليمي، الذي لم يكن سوى نازح هارب من أحداث صنعاء بعد سقوطها بيد الحوثيين.

إن ما نشهده اليوم من قصف سعودي ليس حدثًا معزولًا، بل هو ثمرة سنوات طويلة من شرعنة قوى لا تمتلك أي شرعية حقيقية على أرض الجنوب، قوى فُرضت من خارج الجغرافيا والتاريخ، وتحديدًا من نازحي تعز وغيرهم، على حساب دماء الجنوبيين وتضحياتهم.
ومن هذا المنطلق، فإن السعودية—

من زاوية القانون الدولي ومبادئ العلاقات بين الدول—لم تخرج عن إطار تعاطيها مع “الشرعية” التي مُنحت لها رسميًا، حتى وإن كانت تلك الشرعية منزوعة الجذور والقبول الشعبي على أرض الجنوب. غير أن الخطأ الجوهري يبقى في الأصل: في من وهب الشرعية، ومن فرّط بلحظة كان يمكن أن تُحسم فيها معركة الدولة الجنوبية سياسيًا، لا عسكريًا فقط

مقالات الكاتب