سبتمبر ذكرى عودة الإمامة وإسقاط الجمهورية
عبود الحربي
إستطاع الإماميون الجدد العودة إلى الحكم في شمال اليمن بعد إثنان وخمسون عام من مغادرة السلطة عقب ثورة...
إستطاع الإماميون الجدد العودة إلى الحكم في شمال اليمن بعد إثنان وخمسون عام من مغادرة السلطة عقب ثورة شعبية عارمة في السادس والعشرون من سبتمبر 1962، وذلك لأسباب عدة لعل أهمها، الخلافات البينية الشديدة بين أنصار الجمهورية، التي تطورت إلى التأمر على بعضهم البعض، والإرتداد عن ثورة 26 سبتمبر 1962 وعن الجمهورية من خلال التحالف السياسي، والتواصل مع أحفاد الأئمة الزيدية في صعدة، نكاية بالرئيس الأسبق والحزب الحاكم آنذاك، وترجم هذا التحالف السياسي المشبوه إلى الواقع إثر إندلاع مايسمى بثورة الشباب السلمية سنة 2011، حيث أعلن عبر وسائل الإعلام المختلفة عن إصطفاف الأحزاب السياسية المعارضة، مع كل التنظيمات والحركات المناوءة للدولة والخارجة عن النظام والقانون، من أجل إسقاط النظام، ومن ظمن تلك التنظيمات التي أعلنت انظمامها وتم الترحيب بها في ساحات الإعتصام "تنظيم" الشباب المؤمن "في صعدة، الذين عرفوا لاحقا تحت مسمى" الحوثيون "، وهؤلاء في حقيقتهم غير معترفون بالنظام الجمهوري، وهم الإمتداد الطبيعي للأئمة الزيدية، الذين حكموا اليمن منذ قدوم يحيى ابن الحسين الرسي، سنة 283 هـ وحتى الإطاحة بأخر إمام زيدي في اليمن، وهو الإمام محمد البدر في السادس والعشرون من سبتمبر 1962،
21 سبتمبر 2014 لم يكن مجرد حدثا عابرا، ولكنه كان إنقلاب مكتمل الأركان على ثورة 26 سبتمبر، وعلى الجمهورية، وعلى كل القيم والمبادئ الشرعية والوطنية التي ناضل من أجلها أبناء الشعب اليمني لعقود من الزمن، ولولا الأحزاب السياسية وثورتهم المشؤمة في 11 فبراير 2011 لما كان هناك مايسمى بثورة 21 سبتمبر، وهذه حقيقة يجب أن يدركها جميع السياسيين والمثقفين والإعلاميين، وكافة المخلصين من أبناء اليمن، ومن أجل إصلاح ماافسدته الأحزاب السياسية والإحتفال الحقيقي بثورة 26 سبتمبر 1962، لا بد من ثورة جديدة تنهي حكم أحفاد الأئمة" الحوثيون، وتنهي مايسمى بثورة 21 سبتمبر 2014، وتعيد العاصمة صنعاء، وكافة المحافظات اليمنية المحتلة، إلى حضن الشرعية المعترف بها دوليا،.
إن إستعادة الثورة السبتمبرية والجمهورية يحتاج قبل كل شيء إلى رجال مخلصين، لدينهم ووطنهم وشعبهم، إلى جانب إلغاء وحل جميع الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية، لكونها السبب في ضياع وتدمير اليمن ارضا وإنسانا، إضافة إلى تعزيز وجود الدولة وإحترام الأنظمة والقوانين، وتحقيق مبدأ الثواب والعقاب، وتجريم الإنتماء الفكري والعقائدي والسياسي، للزيدية والهادوية وكل الطوائف الشيعية، لضمان عدم عودة الحكم الإمامي البغيض، ولتبقى اليمن آمنة ومستقرة يحكمها ويدير شؤونها ابناءها من خلال العمل بمبدأ الشورى والعدالة الإجتماعية، بعيدا عن حكم وتسلط مدعي "الحق الإلهي" و "البطنين"، من قبل السلاليون الذين اذاقوا أبناء اليمن سوء العذاب، على مدار الف عام وزيادة، وحوادث التأريخ المدونة في بطون الكتب شاهدة على إجرام الأئمة الزيدية، ولذلك يجب على عقلاء اليمن بعد النكبات السابقة والوضع المزري الحاصل في البلد، مراجعة أنفسهم، وتصحيح الأخطاء السابقة، وعدم تكرارها في الحاضر والمستقبل، والأخذ على أيدي سفاءئهم من مثيري الفتن والتشغيب على الدولة وولاة الأمر، وتوحيد الصف اليمني الجمهوري بشكل صحيح على أرض الواقع، وليس من خلال التصريحات الإعلامية، ولن يتم ذلك إلا بالقضاء على اسباب الخلاف من الجذور، والعمل تحت سلطة رئيس واحد وراية واحدة وعدم التنازع امتثالا لقوله تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، إضافة إلى مقاومة المشروع الإمامي الإيراني، والعمل على إسقاطه من الداخل بكل الوسائل المتاحة، وعدم الركون على الخارج من أجل إستعادة "الجمهورية" وعودة "الشرعية" إلى العاصمة صنعاء، وتحقيق "الإنتصار" وهزيمة " الميليشا الحوثية " المدعومة من إيران،
المؤلم اليوم في أحداث المشهد اليمني برمته ليس فقط إسقاط الجمهورية، وعودة الإمامة بنسختها الإيرانية في 21 سبتمبر 2014، ولكن الأكثر إيلام خيانة بعض المحسوبين على الدين والوطن والجمهورية والمقاومة، للقضية اليمنية من خلال التماهي مع المشروع الإمامي الإيراني بطريقة أو بأخرى، وبشكل مباشر أو غير مباشر، وتحويل معركة تحرير الوطن إلى فرصة لإستغلال الوضع القائم للمصلحة الشخصية او الجهوية، من خلال جمع الأموال والإثراء غير المشروع والإستثمار في الخارج، وحرمان المقاتلين في الميدان من أبسط حقوقهم المعيشية، ولعل فضيحة كشف الإعاشة الشهرية بالدولار الأمريكي للفارين خارج الوطن، احدى قضايا الفساد الكبرى التي أثيرت مؤخرا في الوسائل الإعلامية، وكشفت جزء من منظومة الفساد والتلاعب بالمال العام، الذي كان من المفترض أن يوضف لصالح دعم المقاتلين في الجبهات، أو يوجه لدعم الإقتصاد الوطني المنهار اصلا،.
ستبقى ثورة السادس والعشرون من سبتمبر 1962 رمزا وحدثا تاريخيا مهما في الذاكرة الوطنية، لجميع اليمنيين الأحرار، التواقون إلى الحرية، والكرامة، والعدالة، وبناء دولة النظام والقانون، والمؤسسات الدستورية، وسيبقى إنقلاب 21 سبتمبر 2014، نكبة تأريخية للشعب اليمني بكل ماتحمله الكلمة من معنى، وعنوان لعودة الإماميون الجدد بنسختهم الإيرانية، لحكم اليمن بعد 52 عام من سقوط حكمهم الكهنوتي، وسيكتب التأريخ للأجيال القادمة وللعالم، ان اليمن ضاعت، وتمزقت، وجاعت، وتشرد أهلها، وتخلفت عن ركب الأمم، والحضارة الإنسانية، بسبب عقوق ابناءها، وخيانة بعضهم لبعض بدون أدنى شعور بالمسؤولية الدينية، والوطنية، والأخلاقية، والتأريخية للحفاظ عليها، ولم يعتبروا بالأحداث التأريخية، ونسوا معاناة آباءهم واجدادهم من ظلم وإضطهاد الأئمة الزيدية، الذين جاءوا من طبرستان في "إيران"، وحكموا اليمنيين بالحديد والنار لأكثر من الف سنة، عبر سبعون إمام ظالم وجائر، وكل ذلك بسبب الجهل، وظلم بعضهم لبعض، وتفرقهم إلى فرق وأحزاب متناخرة، والحاصل اليوم على الساحة اليمنية يشهد بما تم طرحه في هذا المقال، الذي نريد من خلاله تنبيه الغافلين، وإيقاظ النائمين، لعل وعسى أن يصلح الله البلاد والعباد، ومن باب الرأي والتعبير، والنصح والتذكير لا أقل ولا أكثر،.