الأمسيات الشبابية وإنعاش الحياة الثقافية
لبنى القدسي
الاسبوع الماضي حضرت أمسية ثقافية اقامتها مؤسسة سطور للتنمية الثقافية في مقر الدراسات الفكرية والشعري...
صدور القرار الجمهوري بتعيين الأستاذ سالم صالح بن بريك الشخصية الحضرمية المعروفة بخبرتها في المالية العامة والاقتصادي والإداري المتمكن رئيسًا لمجلس الوزراء ، يأتي في مرحلة تتسم بتعقيدات سياسية واقتصادية عميقة على مستوى اليمن عمومًا وحضرموت على وجه الخصوص ، وفي ظل تصاعد المطالب الحضرمية بتمثيل سياسي عادل وتمكين فعلي، وصولًا إلى الحكم الذاتي ، وهي المطالب التي يقودها حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع ، ورغم عدم إشراكهما في مشاورات التعيين، فإن تعيين شخصية حضرمية في هذا المنصب السيادي يُنظر إليه كرسالة رمزية من مجلس القيادة الرئاسي ، وكمحاولة لاحتواء حالة التململ الشعبي وإظهار نوع من التوازن السياسي، بمنح الحضارم حضورًا في رأس هرم السلطة التنفيذية ، لكن هذه الخطوة وإن كانت ذات دلالات سياسية، لا تكفي وحدها للوفاء باستحقاقات حضرموت ، ما لم تتبعها خطوات عملية وجدية، على رأسها تفويض صلاحيات واضحة، وتمكين المؤسسات المحلية من إدارة شؤون المحافظة سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا ، ورفع الوصاية المركزية عنها، ومنح ابنائها إدارة شؤونهم بأنفسهم.
أن تعيين دولة الاستاذ سالم بن بريك رئيسا للوزراء لا تعد خطوة استجابة لمطالب واستحقاقات حضرموت والتي تبناها حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع ، وتبرز في مقدمتها الشراكة في القرار ،ووقف نهب الثروات، وايقاف سياسة التهميش والاقصاء ، فليس ثمة علاقة لهذا التعيين بما تشهده حضرموت منذ 13 يوليو 2024م وإلى اليوم من تصعيد ، فإقالة الدكتور أحمد بن مبارك من رئاسة الحكومة لم تكن مرتبطة مباشرة بملف حضرموت، بل جاءت نتيجة لتصاعد الخلافات بينه وبين رئيس مجلس القيادة الرئاسي وعدد من أعضاء المجلس، وفي محاولة لإعادة الانسجام داخل الحكومة التي شهدت تصدعا كبيرا، وللتعامل مع الانهيار الاقتصادي والخدمي المتفاقم في المناطق المحررة ، ومع أن بعض المحللين السياسين يرونها خطوة للتهدئة موجهة للحضارم بأن صوتهم وصل، وأن هناك خطوات لتمكينهم، لكنها تبقى رمزية ما لم تتبعها خطوة حسن النوايا بازالة مكامن وأس وأساس التوتر أولا ،ثم تتبعها خطوات عملية على الواقع تثبت الجدية والمصداقية باجراءات تنفيذية مزمنة لتحقيق المطالب والاستحقاقات ، مع صلاحيات فعلية وخطط تنموية واضحة لحضرموت تعيد لها حقوقها المسلوبة.
وخلال اليومين الماضية برزت بعض التسريبات التي تداولتها مواقع إلكترونية وحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي بعضها محسوب على جهات رسمية في حضرموت، تحدثت عن تكليف رئيس الوزراء الجديد سالم بن بريك بملف معالجة التصعيد في حضرموت في أول مهمة رسمية ، وإن صحّت هذه التسريبات فإنها تثير تساؤلات جدية حول أهداف هذا التكليف، إذ يُخشى أن تكون محاولة لصرف بن بريك عن أولوياته الاقتصادية والإدارية، وإشغاله بصراعات جانبية لا تخدم لا حضرموت ولا الحكومة ، ويبدو أن هناك نية مبيتة لإقحامه في مواجهة مبكرة مع القوى الحضرمية الفاعلة، وعلى رأسها حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع ، في خطوة تهدف إلى ضرب عصفورين بحجر ، إعادة محاولة إجهاض المطالب الحضرمية المشروعة من جهة ، وتجريد رئيس الوزراء من حاضنته الشعبية في حضرموت من جهة أخرى، ما قد يضعف موقعه سياسيًا ويمهد لإفشاله مبكرًا .
ومن هنا فإن الحذر مطلوب من رئيس الوزراء بن بريك، وهو الحضرمي الأصيل والإداري والمالي والاقتصادي المحنك، ليحافظ على علاقته الودية مع أهله في حضرموت، ويتجنب الانزلاق إلى لعبة سياسية قد تُستخدم فيها حضرموت كأداة لتصفية حسابات سياسية ، بل المطلوب منه أن يكون مناصرًا صادقًا لحضرموت ولحقوقها المشروعة، وداعمًا لمطالبها في تفويض الصلاحيات، وتحقيق التمثيل العادل، وضمان الشفافية في الموارد السيادية، وتبني مسارات واضحة في التنمية والبناء والخدمات، والتمكين لابنائها ، ودعم مسارات التفاوض السياسي لممثل حضرموت -مؤتمر حضرموت الجامع- في مفاوضات الحل النهائي ، كما أن مسؤولية القوى الحضرمية كافة وفي مقدمتها الحلف والجامع أن تتعامل مع المرحلة بذكاء سياسي ، وتحافظ على الضغط المنظّم والمتزن، وتحويل هذا التعيين إلى مكسب فعلي ، دون الانجرار إلى صدام سياسي أو إعلامي معه، قد يكون من مصلحة خصوم حضرموت.
خلاصة القول أن تعيين دولة الاستاذ سالم بن بريك رئيسًا للوزراء يمثل خطوة رمزية أولى على طريق طويل ، لكنها لا تُغني عن المطالب والاستحقاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والخدمية والتنموية التي ينادي بها الحضارم منذ سنوات ، ورفع لوائها حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع ،وهو بداية إيجابية ، لكنها لن تثمر ما لم تتبعها إجراءات عملية واضحة، تؤكد صدق النوايا، وتحوّل الوعود إلى واقع ملموس.