حسين حنشي
جحيم الانتظار..فكرة ومعضلة وأمل زائف!
في كل الحضارات القديمة وحتى الاديان السماوية تبرز "فكرة الانتظار " "انتظار المخلص " في اليهودية جاري انتظار المشيح او المسيا وهي واحدة من مبادئ الديانة اليهودية ووضعها مثلا ابن ميمون ضمن المبادئ ال13 للدين اليهودي وفي المسيحية كذلك انتظار المخلص وفي الإسلام المهدي المنتظر مع الاعتراف انه ياخذ بعدا مغاير لدى كل مذهب إلا ان مركزيته في المذهب الجعفري هي الأكثر بروزا عن بقية المذاهب حتى الحضارات التي سبقت كان هناك مناظر امون في الحضارة المصرية ولدى زرادشت نفسه هناك "مثاليا منتظرا يخلص البشرية من عذابها "
ورغم ان الفكرة أراها "بدائية " من ناحية العقل المخترع لها بدائية هنا اقصد انها اتت اثناء ما كان "العقل البشرية الجمعي طفلا بخيال خصب وغباء بريء " إلا انها رغم نضوج العقل البشري بقيت وهي إلى اليوم تفعل افعالها ويمكن ان "يُقتل او يقتل " الانسان بدافع منها وهنا اتذكر عبارة يقلوها مقاتلي حزب الله اللبنانين الشيعي قبل اطلاق الكورنيت حيث نسمع آخر عبارة يقول "يا صاحب الزماااان"ويتم الإطلاق ..
ولكن يجب الاعتراف ان مجتمعا عربيا او حتى المجتمع الاسرائيلي ليس مشبعا بفكرة العمل من اجل "المخلص" مثل المجتمع الشيعي مثلا حتى وان وجدت قيادات اسرائيلية متدينة تصرح بذلك ولكن في حمى المنتظر والمسيح وصاحب الزمان يتبادر سؤال وهو :هل الأمر اصبح ميتافيزيقي جنوني خالصا ؟.. ام ان المصالح "العلمانية " "والقومية " هي من تحرك الصراعات وموقف الأطراف من بعضها وان (الأيديولوجيا ) ليس إلا فكرة تقدم من اصحاب المصالح إلى الرعاع حتى يموتون في سبيل المخلص والمنتظر ؟
وختاما فكرة الانتظار ليست ذات بعد ديني فقط فأحيانا قد نخسر الاستماع بالحياة لمجرد اننا كنا ننتظر "شخصا مثاليا "او "وضعا مثاليا" ونضع مسارين امامنا الاول فيه ان نعيش الحياة والخطة ولكن ليست حسب معاييرنا المثالية والثاني ان ننتظر توفر المعايير فتكتشف ان الحياة انتهت قبل ان تبدا لدينا وان السنين انسلت منا على حين ولم نشارك بعبث ولا جدية في الحياة العبثية الجادة .. لذا أنا شخصيا من الناس التي تقول عيش الحياة بالأخطاء والكوارث والصح والفشل والنجاح والانكسار وكل شيء .. لكن لا تترك السبعين عاما هده التي منحت لك تمر وانت "منتظر "
في مسرحية في انتظار جودو وهي من كلاسيكيات الادب العربي انتظر فلاديمير واستراجون شخصا اسمه جودو سياتي ليخلصهم من متاعبهم ولكن جودو كل يوم لا ياتي ولم يعد أمامها بعد انتظار إلا التفكير والتنفيذ بشنق انفسهما بحزام ستراجون الذي لم يصمد فانقطع وحتى بنطلون ستراجون سقط منه عندما اصبح بدون حزام وكل ذلك في "انتظار جودو "..
ما ريك انت بفكرة الانتظار في الديانات والحضارات والفكر والتفكير الشخصي .. وهل تعتقد ان من يتقاتل هذه الايام هم مؤمنين بمنظر وصاحب زمان ومؤمنين بمسيح مخلص ام ان الصراع سياسي ونفوذ ومصالح وما فكرة الانتظار نفسها إلى ذخيرة من هم ذخيرة نار تلك الصراعات وليس من يقودها ؟!
وفي الاخير .. انت هل تنتظر احدا ؟