علي محمد السليماني
مشاورات الرياض ومفاوضات مسقط.
شهدت نفس هذه الفترة من عام 1994 مفاوضات ولقاءات حثيثة. كانت تسابق اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب التي كان هديرها وصوتها يرعد من صنعاء اليمن المستقوية بعلاقاتها المتعددة على شريكتها عدن التي تعاني من انهيار وتصدعات في الدول الصديقة والحليفة لها وقام جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان بزيارة إلى صنعاء في منتصف مارس1994 في محاولة لإنقاذ مايمكن إنقاذه وعدم انهيار الوحدة اليمانية وكان مقررا أن يقوم بعدها بزيارة عدن حيث يعتكف نائب الرئيس الاستاذ علي سالم البيض لكن صنعاء سربت معلومات مضللة للوفد العماني فحواة أنها غير مسئولة عما يحدث من مخاطر إذا زار جلالة السلطان عدن وفعلا غادر السلطان صنعاء قافلا إلى بلاده ملغيا جدول أعمال زيارته لعدن وقد أثار تصرف صنعاء المخاتل _وهكذا هي صنعاء الغدر في كل مراحل تاريخها_ حفيظة الرئيس البيض الذي تواصل مع الديوان السلطاني وأكد له خداع صنعاء ومكرها وتم عقد قمة في صلالة بين الرئيس علي عبدالله صالح ونائب الرئيس علي سالم البيض وطرحت رؤى عملية للحل منها أن الجانب الشمالي طرح مبلغ حصوله على13مليار دولار نقدا مقابل موافقته على فك الارتباط سلميا ولكن الجانب الجنوبي رفض أن يدفع ذلك المبلغ.
وكان محور رؤية سلطنة عمان يتحدد في فيدرالية بين الشمال والجنوب على خط حدودهما الدولية القائم 21مايو1990 لكن نظام صنعاء قد حسم أمره على العدوان والحرب والانقلاب على اعلان الوحدة اليمانية ووثيقة العهد والاتفاق وتحويلها إلى احتلال وهكذا قال الدكتور عبد الكريم الارياني مهندس سياسة صنعاء في الاحتفالات المهيبة التي أقامتها صنعاء بالذكرى الأولى لهزيمتها الجنوب في 7/7/94 لأول مرة في التاريخ أن لقاء صلالة كان ناجحا وأنه هو من أفشله.
وكانت آخر الوساطات لمنع اندلاع حرب بين الدولتين في الشمال والجنوب وساطة مصر التي أبلغت بمضمونها كل من عدن وصنعاء وتتلخص بوقف الحملات الإعلامية وسحب الوحدات العسكرية من مواقعها الراهنة وإعادتها إلى مواقعها السابقة عشية 21مايو1990م وتشكيل حكومة محلية في عدن وأخرى في صنعاء وحكومة مركزية من الشمال والجنوب ولكن صنعاء الغدر والخيانة رفضت وأصرت أن تعدر بالجنوب وبالوحدة العربية وبأمن واستقرار دول الجوار والمنطقة وشنت حربها الغادرة في 27ابريل1994 بالعدوان على لواء مدرع جنوبي في عمران.
المشهد يكرر نفسه مع غياب الكثير من رموزه وظهور نجوم سياسية جديدة تعالج ملف اليمن والجنوب أبرزها الأمير خالد بن سلمان والسفير السعودي محمد ال جابر ومحمد بن عبد السلام (من طرف الحوثيين) والعميد طارق عفاش والشيخ حميد الاحمر الذي التقى بالرئيس الإسرائيلي في تركيا وظهر فجأة وهو يستقبل العزاء في الرياض بوفاة اخوه الشيخ حسين الأحمر بينما يقود المبعوثان الدولي والأميركي مفاوضات سرية في سلطنة عمان يشارك فيها الأمير خالد بن سلمان وكبير المفاوضين الحوثيين محمد بن عبد السلام ..أما الأغرب أن صنعاء مازالت تخترق الصف الجنوبي عبر ادوات جنوبية ارهنت نفسها بطريقة أو بأخرى لصالح مشاريعها المعادية لشعب الجنوب فهل يكون عام 2022 ليس مثل عام 1994؟ ومحققا للعدل والسلام؟.