خالد العناني.. أول مصري وعربي يحسم منصب مدير «اليونسكو»

وكالة أنباء حضرموت

فاز وزير السياحة والآثار المصري السابق خالد العناني برئاسة منظمة "اليونسكو" ليصبح أول عربي يتولى هذا المنصب، بعد مسيرة علمية وإدارية تمتد لأكثر من 3 عقود.

أسفرت نتائج التصويت في المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عن فوز الدكتور خالد أحمد العناني بمنصب المدير العام الجديد للمنظمة، خلفًا للفرنسية أودري أزولاي، بعد حصوله على أغلبية الأصوات، ليصبح أول عربي يتولى هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس المنظمة قبل ثمانين عامًا، وثاني مدير عام من القارة الأفريقية.

ولد خالد أحمد العناني عام 1971، وهو شخصية علمية وإدارية بارزة، عُرف بإسهاماته في مجالات التعليم والبحث العلمي والثقافة والسياحة والإدارة العامة والعلاقات الدولية. وشغل سابقًا منصب وزير السياحة والآثار في مصر، فيما يعمل حاليًا أستاذًا لعلم المصريات بجامعة حلوان.

انضم العناني إلى هيئة التدريس بجامعة حلوان قبل أكثر من ثلاثين عامًا، ولم يقتصر نشاطه الأكاديمي على مصر فحسب، بل امتد إلى مؤسسات علمية مرموقة حول العالم، حيث أسهم في تدريس الحضارة والآثار واللغة المصرية القديمة لآلاف الطلاب والباحثين المصريين والأجانب، وأسهم من خلال محاضراته ومشاركاته في نحو عشرين دولة في تعزيز الحوار بين الثقافات.

يتحدث العناني العربية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة، ما يعكس قدرته على التواصل الثقافي والدبلوماسي، وهو عنصر محوري في موقعه الجديد داخل اليونسكو. حصل على الماجستير من جامعة حلوان عن بحث حول معابد رمسيس الثاني في النوبة، ثم نال الدكتوراه في علم المصريات من جامعة بول فاليري مونبلييه الفرنسية. كما تعاون لمدة خمسة عشر عامًا مع المعهد الفرنسي للآثار الشرقية في القاهرة (IFAO)، واختير عضوًا فخريًا في الجمعية الفرنسية لعلم المصريات وعضوًا مراسلًا لمعهد الآثار الألماني.

في جامعة حلوان، تولى عدة مناصب أكاديمية من بينها مدير مركز التعليم المفتوح، ورئيس قسم الإرشاد السياحي، ووكيل كلية السياحة والفنادق. وكان له دور بارز في تطوير برامج الماجستير في التراث الثقافي والمتاحف والسياحة.

شغل أيضًا عضوية مجلس أمناء الجامعة الفرنسية في مصر وعدة جامعات بالقاهرة، وتولى رئاسة المتحف القومي للحضارة المصرية والمتحف المصري بالتحرير، قبل أن يُعين وزيرًا للآثار عام 2016.

تميّز العناني بقدرته على الجمع بين الدقة العلمية والإدارة الرشيدة، وأسهم في تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة. وخلال عمله الوزاري، قاد إعداد الاستراتيجية الوطنية للسياحة المستدامة واستراتيجية الترويج السياحي المصري. كما أصدر في عام 2022 / شباط قانونًا لإنشاء صندوق دعم السياحة والآثار لضمان الاستدامة المالية للوزارة.

أطلق العناني إصلاحات تشريعية شاملة لحماية وإدارة التراث الثقافي والمتاحف، وأشرف على فريق عمل يضم أكثر من 35 ألف موظف يديرون أكثر من ألفي موقع أثري وأربعين متحفًا، إلى جانب آلاف المنشآت السياحية.

حرص على الزيارات الميدانية المنتظمة للمواقع الأثرية والمتاحف والمقاصد السياحية، مما عزز علاقته بالعاملين والمجتمعات المحلية. كما دعم برامج تعليمية للأطفال في المواقع والمتاحف والمدارس، وسعى إلى تمكين المرأة والشباب ودمج ذوي الإعاقة في الأنشطة الثقافية.

خلال جائحة «كوفيد-19» والأزمات السياحية العالمية، أشرف على تطبيق بروتوكولات صارمة للصحة والسلامة، وساهم في مساعدة أكثر من 17 ألف سائح أوكراني حتى عودتهم إلى بلدانهم. كما قدّم دعمًا اجتماعيًا واقتصاديًا شاملاً للعاملين في قطاع السياحة.

نال العناني العديد من الأوسمة الدولية، منها وسام الفنون والآداب من فرنسا (2015 / كانون الأول)، ووسام الاستحقاق من بولندا (2020 / شباط)، ووسام الشمس المشرقة من اليابان (2021 / أيار)، كما منحته جامعة بول فاليري الفرنسية الدكتوراه الفخرية في أيلول / سبتمبر 2024، واختارته منظمة الأمم المتحدة للسياحة سفيرًا للسياحة الثقافية في تشرين الثاني / نوفمبر من العام نفسه.

وتوّجت فرنسا مسيرته بمنحه وسام جوفة الشرق الوطني برتبة فارس، وهو أعلى تكريم مدني فرنسي.

حظي ترشيحه لمنصب المدير العام لليونسكو، الذي أعلنت عنه مصر عام 2023 / كانون الثاني، بدعم من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية في عام 2024 / آذار، واستمرت حملته الانتخابية ثلاثين شهرًا بقيادة وزارة الخارجية المصرية.

وخلال عمله الوزاري، أشرف على إنشاء وتطوير أكثر من عشرين متحفًا، ونفذ خمسين مشروع ترميم شمل المعالم التاريخية الكبرى مثل الجامع الأزهر والكنائس والأديرة القبطية والآثار اليهودية. كما أشرف على بعثات أثرية مصرية ودولية من 25 دولة، أدت إلى اكتشافات مهمة في مواقع التراث العالمي.

وترأس اللجنة القومية لاسترداد الآثار المصرية، فاستعاد آلاف القطع المهربة من أكثر من عشرين دولة. ومن أبرز إنجازاته تنظيم فعاليات ثقافية عالمية مثل موكب المومياوات الملكية واحتفالية طريق الكباش بالأقصر، التي نالت إشادة دولية واسعة.

كما أطلق مشروعات رقمية مبتكرة في قطاع التراث الثقافي، وأدخل أنظمة الحجز الإلكتروني للمواقع الأثرية والمتاحف، بالتعاون مع القطاع الخاص، لتسهيل الوصول إلى الثقافة وتطوير تجربة الزائرين.