الخوف يسيطر على طرابلس وتجارها من نهب ميليشيات الدبيبة لممتلكاتهم

وكالة أنباء حضرموت

يخشى سكان وتجار العاصمة الليبية من انفلات أمني وأعمال سرقة ونهب مع تصاعد التوتر حيث بدأ إخلاء عدد من معارض السيارات ومحالّ الذهب والمجوهرات والهواتف النقالة والإلكترونيات من البضائع، خشية تعرضها للسطو والنهب والتخريب من عناصر الميليشيات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، مع التأهب لاندلاع مواجهات مسلحة خلال الساعات أو الأيام القادمة.

وقال شهود عيان لـ”العرب” إن عمليات الإخلاء طالت عددا من الشوارع الرئيسية في طرابلس، وإن أصحاب المحالّ أكدوا خشيتهم من تعرضها للنهب كما حصل للمحال الموجودة في حي أبوسليم وسط العاصمة من قبل مسلحين موالين للحكومة بعد تصفية رئيس جهاز دعم الاستقرار عبدالغني الككلي بمعسكر التكيالي في 12 مايو الماضي، مؤكدين أن أغلب المسلحين يخوضون المعارك من أجل الغنائم التي يحصلون عليها من خلال نهب الممتلكات العامة والخاصة.

ونقلت تقارير محلية أن مالكي معارض السيارات في منطقة 20 رمضان بسوق الجمعة، بدأوا بإخلاء سياراتهم من المعارض، وسط مخاوف من امتداد التوترات إلى محيطهم التجاري، خاصة بعد تداول مقاطع مصورة تظهر تحركات عسكرية في محيط المنطقة.

وفي بنغازي أصدرت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب برئاسة أسامة حماد بيانا أدانت فيه بشدة التحشيدات العسكرية المتزايدة في العاصمة طرابلس، متهمة حكومة عبدالحميد الدبيبة بمحاولة “جر العاصمة إلى فوضى عارمة وإثارة الرعب بين المواطنين،” على حد وصف البيان.

◙ الدبيبة يفقد السند في المنطقة الغربية بعد إعلان المجالس البلدية والكتائب العسكرية رفضها الاستمرار في دعمه

وأكدت الحكومة أن أمن طرابلس يمثل أولوية قصوى، محذرة من الزج بأبناء المدن الغربية في مواجهات مسلحة لا تخدم سوى “المتشبثين بالسلطة والمستفيدين من استمرار الفوضى والتوترات الأمنية.” وفي نبرة تصعيدية حمّلت حكومة حماد البعثة الأممية، المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الأمنية، متهمة المجتمع الدولي بالتقاعس عن أداء واجباته، وعلى رأسها حماية أرواح المدنيين ومنع انزلاق العاصمة نحو العنف.

وأصدر 40 عضواً بمجلس النواب الليبي بيانا دعوا من خلاله الدبيبة إلى التنحي عن السلطة فوراً، معتبرين أن استمراره في منصبه بات غير مقبول سياسيّا وشعبيا واجتماعيا.

وأكد النواب الموقعون أن الدبيبة فقد أي سند حقيقي في المنطقة الغربية بعد أن أعلنت المجالس البلدية والكتائب العسكرية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني رفضها الاستمرار في دعمه، مشيرين إلى أن سياساته لم تسفر إلا عن “المزيد من الفساد والانقسام والاضطراب،” ومعتبرين أن الحل الوحيد لحفظ ما تبقى من الدولة هو تنحي الدبيبة وتجنيب البلاد شبح الاحتراب والانقسام.

وشدد النواب على أن “مصلحة الوطن تقتضي إفساح المجال لمرحلة جديدة يقودها توافق وطني جامع بعيداً عن الاحتكار والتغول،” محمّلين الدبيبة المسؤولية التاريخية عن أي تصعيد قد يهدد وحدة البلاد واستقرارها.

كما أعربت مؤسسة حقوق الإنسان عن قلقها الشديد إزاء التحشيدات والتحركات العسكرية في مدينة طرابلس ومحيطها، محذرة من أن هذه التطورات قد تقوض الاستقرار الهش في المدينة، وتؤدي إلى تجدد أعمال العنف والاشتباكات المسلحة، بما يهدد حياة السكان المدنيين ويؤثر سلبًا على جهود تحقيق السلام والمصالحة الوطنية والاجتماعية.

وشددت المؤسسة على ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار والهدنة الهشة، واحترام الترتيبات الأمنية التي أقرها المجلس الرئاسي الليبي، والتي تهدف إلى حماية المدنيين ومنع اندلاع أعمال العنف مجددًا، ودعت جميع الأطراف السياسية والكيانات المسلحة إلى أقصى درجات ضبط النفس ووقف أي شكل من أشكال التصعيد العسكري، والتقيد بمسؤولياتها بموجب القانون الوطني والدولي، محملة حكومة الوحدة ورئيسها بصفته وزيرًا للدفاع المسؤولية القانونية الكاملة عن أي خرق للهدنة ووقف إطلاق النار، أو عدم الالتزام بالترتيبات الأمنية المعتمدة.

وجددت المؤسسة دعوتها لجنة العقوبات الدولية بمجلس الأمن الدولي لتطبيق قراريْ المجلس رقم 2174 و2259، واللذين يشملان ملاحقة ومعاقبة كل من يخطط أو يرتكب أعمالًا تهدد السلام أو الاستقرار في ليبيا، بالإضافة إلى فرض حظر السفر وتجميد أموال الأفراد والكيانات المتورطة في هذه الأعمال.

ويجمع المراقبون على أن الأوضاع في طرابلس باتت تتصف بالارتباك والتردي والضبابية مع ثبوت عجز الحكومة المنتهية ولايتها عن تحمّل مسؤولياتها وفشلها في توجيه رسائل تهدئة وطمأنة للسكان المحليين. وفي الأثناء عبرت البعثة الأممية عن انزعاجها البالغ إزاء التقارير التي تفيد بتصاعد التوترات واستمرار التعبئة العسكرية التي قد تؤدي إلى اندلاع مواجهات في طرابلس.

وحذرت البعثة في بيان صحفي من أن تجدد الاشتباكات ستكون له عواقب وخيمة على ليبيا وشعبها والصراع لا يهدد أمن طرابلس فحسب بل قد يمتد إلى مناطق أخرى، وأكدت أن المفاوضات لا تزال مستمرة بإشراف المجلس الرئاسي، داعية الأطراف إلى مواصلة الانخراط فيها ومناقشة القضايا بحسن نية والعمل لما فيه مصلحة سكان طرابلس.

كما دعت البعثة بشكل عاجل جميع الأطراف إلى وقف كافة أشكال التصعيد والامتناع على الفور عن أية أعمال من شأنها تعريض المدنيين للخطر وجددت تأكيدها على مواصلة الدعم لجهود الوساطة، حاثة جميع الأطراف المعنية على اغتنام هذه الفرصة لحل الخلافات بالحوار بعيدا عن العنف، وأشارت إلى إحراز تقدم في عدد من القضايا التي تهم حكومة الوحدة وبشأن الترتيبات الأمنية في طرابلس.

واعتبرت البعثة أن أي عمل يحث على استخدام القوة -سواء بقصد أو بغير قصد- سيؤدي إلى حدوث مواجهات عنيفة، لافتة إلى أن التحشيد الأخير يمثل مصدر قلق لسكان العاصمة، ودعت السلطات إلى ضمان منع اندلاع أي اشتباكات لتجنب أي أضرار محتملة قد تلحق بالمدنيين.