قبل انتخابات 2026.. هل يمكن إقصاء حزب الله عن تركيبة السلطة بلبنان؟
وسط اشتباك المصالح والفساد المتجذر، يتحول استغلال حزب الله لمؤسسات الدولة إلى أداة لترسيخ نفوذه السياسي.
هكذا يرى موقع "ناشونال إنترست"، الذي أشار إلى أنه على الرغم من الخسائر العسكرية الكبيرة التي مني بها حزب الله إلا أنه "ما زال يحتفظ بموطئ قدم سياسي".
الموقع استند في ذلك إلى "فساد المؤسسات الحكومية" و"قدرة حزب الله على تقديم الخدمات الاجتماعية العامة حتى اليوم".
وأضاف الموقع أنه "في مختلف المناطق الريفية والفقيرة، تعتمد الجماعة اللبنانية" على شبكات من "جهاد البناء التنموية"، و"المنظمة الصحية الإسلامية"، و"كشافة الإمام المهدي" لـ"ضمان استمرار ولائها الشعبي، وذلك من خلال توفير التعليم، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، وحتى التدريب شبه العسكري للمراهقين".
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في عام 2026، يقول التقرير إنه من الضروري أن تحافظ حكومة الرئيس عون على الزخم الحالي، وأن تستعيد السيطرة على الخدمات الاجتماعية، لاستعادة ثقة المواطنين وتحد من الدعم الشعبي لحزب الله
وبدلاً من انتظار الظروف المثالية لتقديم المساعدات، وتمويل جهود إعادة الإعمار، ودعم البرامج التي تمكّن الجيش اللبناني من إضعاف حزب الله على المدى الطويل، ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة اتخاذ خطوات استباقية للبناء على الزخم الحالي، والشراكة مع بيروت، لدعم جهود عون في إعادة تأكيد السيادة اللبنانية.
ويرجع جزء كبير من عدم الاستقرار الاقتصادي المستمر في لبنان، وما يترتب عليه من عجز الدولة عن تمويل مبادرات الخدمات الاجتماعية، إلى الفساد المستشري في مختلف مؤسسات الحكومة. فعلى سبيل المثال، وُجّهت إلى رياض سلامة، الحاكم السابق لمصرف لبنان المركزي، في عام 2024 تهمة اختلاس أموال، بعد مزاعم بتهريبه 330 مليون دولار من أموال الدولة إلى الخارج واستثمارها في عقارات أوروبية.
ورغم أن سلامة ليس عضوًا في حزب الله، إلا أن الحزب استفاد من هذا الفساد، مستغلًا المؤسسات الحكومية لخدمة طموحاته السياسية وإثراء أصحاب المصالح الرئيسيين، فيما تُمكّنه مناصبه في الوزارات المختلفة من توزيع الموارد بشكل غير متكافئ، وتفضيل ناخبيه، والعمل فعليًا كـ"حكومة ظل".
وفي ظل هذه التحديات المستمرة المرتبطة بالفساد، تعجز الحكومة عن الاستثمار في قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية، وتضطر إلى الاعتماد على الحلفاء للمساعدة في دفع رواتب موظفيها وأفراد جيشها.
ومع ذلك، أحرزت حكومة عون تقدمًا ملحوظًا في الإصلاحات، لتؤكد لحلفائها أن لبنان مستعد لتلقي الدعم والاستفادة منه بفعالية. ففي أبريل/نيسان الماضي، نجحت الحكومة في إقرار مشروع قانون رئيسي لإصلاح القطاع المصرفي، يتعلق بالسرية والشفافية، وهو المشروع الذي سعى صندوق النقد الدولي لتحقيقه منذ بدء المفاوضات مع بيروت عام 2022.
يمكن للبنان إحراز تقدم أسرع وأكثر فاعلية في الإصلاحات إذا تمكّن من الاستعانة بشركاء إقليميين ودوليين للحصول على المساعدة الفنية والدعم المالي.
ومع إثباته الاستعداد والقدرة على استعادة السيطرة على مؤسسات الدولة الرئيسية، تزداد فرص الرئيس عون في تقليص النفوذ السياسي لحزب الله قبل توجه المواطنين إلى صناديق الاقتراع في مايو/أيار المقبل.
وغالبًا ما يعلن البيت الأبيض دعمه لجهود بيروت في مواجهة حزب الله عسكريًا وسياسيًا، ما يفرض على واشنطن البناء على النجاحات المبكرة لعون، عبر تقديم مزيد من التمويل الأمريكي لدعم قطاعات الخدمات الأساسية، وتشجيع الحلفاء في المنطقة على اتخاذ خطوات مماثلة.
إن زيادة الاستثمار في البنية التحتية الحيوية والطاقة والرعاية الصحية، إلى جانب دعم برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية، ستعزز قدرة بيروت على توفير الخدمات التي يعتمد عليها حاليًا العديد من مؤيدي حزب الله.
حاليًا، يكافح لبنان لبناء وإصلاح وصيانة جزء كبير من بنيته التحتية الحيوية، خاصة في قطاع الكهرباء، حيث لا يزال البلد يعتمد على المولدات الخاصة لتوفير ما يصل إلى 90% من احتياجاته من الطاقة. ويؤدي نقص الوقود إلى انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، ما أتاح لحزب الله فرصة لإظهار قدرته على خدمة الناس بفعالية أكبر من الدولة، كما حدث عام 2021، حين أمّن أمينه العام السابق حسن نصر الله شحنات وقود من إيران، متجاوزًا بذلك العقوبات المالية المفروضة على لبنان.
ومع إعفاء إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من تطبيق "قانون قيصر" الذي كان يفرض عقوبات على نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بات على بيروت الاستفادة من ذلك للوصول إلى خط أنابيب الغاز العربي لتأمين الوقود.
كما يتعين على عون الاستفادة من المساعدات الجديدة البالغة 250 مليون دولار من البنك الدولي لتسريع جهود إعادة الإعمار، وإحياء المقترح القطري لعام 2024 لبناء ثلاث محطات للطاقة المتجددة في لبنان، ما من شأنه زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة بنسبة 25%.
ومع دخول الشرق الأوسط مرحلة جديدة، حيث باتت إيران أضعف من أي وقت مضى، وسقوط نظام الأسد، ووجود قيادة جديدة في لبنان تمتلك القدرة على إحداث تغيير دائم، يصبح من الضروري أن تستهدف بيروت الخدمات الاجتماعية التي يقدمها حزب الله إذا أرادت ضمان نجاح جهود نزع سلاحه على المدى الطويل.