وزير إسرائيلي يستفز الليبيين: ليبيا الوجهة المناسبة لمليون ونصف مليون لاجئ فلسطيني
اعتبر وزير إسرائيلي أن ليبيا هي الوجهة الأمثل لتنفيذ خطة تهجير مليون ونصف مليون لاجئ فلسطيني من سكان قطاع غزة إلى الخارج، في بادرة يرى مراقبون أنها تستفز الليبيين، معتبرا أن تنفيذ هذا المخطط الذي يعمد لإخلاء الأراضي المحتلة من الفلسطينيين سيعود بفوائد اقتصادية على الدولة المضيفة.
وقال وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر، في حوار مع جريدة “معاريف” الإسرائيلية، “إنها دولة ذات ساحل يشبه غزة إلى حد كبير، وسيكون من السهل عليهم التعامل مع اللغة هناك. إنها دولة ضخمة، ولديها مساحات شاسعة.”
كما دعا الوزير الإسرائيلي العالم لاستثمار بضعة مليارات لإعادة تأهيل الغزيين في دولة مثل ليبيا، لأن الدولة المضيفة ستُعيد تأهيل نفسها اقتصاديًا أيضًا على حد زعمه، مشيرا إلى أن “مليون ونصف مليون لاجئ فلسطيني سيعرفون كيف يُسهمون في تحسين هذه الدولة.”
وادعى عضو الحكومة الإسرائيلية أن سكان غزة سيقبلون مغادرة القطاع إذا تدخل المجتمع الدولي وقدم لهم البدائل، على غرار ما جرى مع لاجئي سوريا، وأضاف “التوق لبناء حياة جديدة خارج غزة جنوني. أرى ذلك بوضوح على الشبكات الاجتماعية. الناس هناك يعرفون أنه لا يوجد شيء ليعودوا إليه.”
وتابع ديختر الإدلاء بتصريحات صادمة بقوله إن سكان غزة لا يملكون حقا في أرضهم، موضحا “غزة ليست أرضهم، بل هنا، في إسرائيل. ومن فقد بيته في غزة، يمكنه أن يحصل على قطعة أرض في أيّ مكان آخر. هذا ليس مجرد موضوع اقتصادي، بل وجودي،” مضيفا “إذا كنت بلا منزل، بلا عمل، وبلا أفق، فكل دولة أخرى ستكون بديلاً جيدا.”
قناة "إن بي سي نيوز" الأميركية كشفت أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل على نقل مليون فلسطيني إلى ليبيا
وقلل ديختر من استمرار معاناة عشرات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، مقارنة بـ”الفرص المستقبلية” كما قال، موضحا أن الأولوية هي “إنهاء قصة غزة، لأنها ليست الأهم، بل الأكثر إيلاما. في النهاية نحن نسيطر على القطاع من كل الجوانب.”
واستطرد “إذا انفتحت السودان على السلام، فسنحصل على خط جوي إلى أميركا الجنوبية. نحن اليوم نعيش في أبعاد مختلفة كليا.”
وتأتي هذه التصريحات على الرغم من تجديد السفارة الأميركية لدى ليبيا نفيها بعد زيارة المستشار الخاص للرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، مسعد بولس، لما يتردد عن مساعي الولايات المتحدة لنقل سكان غزة إلى ليبيا، واصفة ما يجرى تداوله في هذا الشأن بأنه “أخبار كاذبة” و”ادعاءات تحريضية.”
وتم تداول تقارير صحفية في الولايات المتحدة وفي أروقة السلطات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تفيد بسعي الحكومة المتطرفة بقيادة رئيس الوزراء المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بنيامين نتنياهو، لتهجير سكان غزة الذين يواجهون حرب إبادة جماعية منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وفي مايو الماضي، كشفت قناة “إن بي سي نيوز” الأميركية في تقرير حصري نقلا عن خمسة مصادر مطلعة، أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعمل على خطة لنقل ما يصل إلى مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم.
ونقلت “إن بي سي نيوز” عن شخصين مطلعين ومسؤول أميركي سابق أن الخطة قيد الدراسة الجدية، لدرجة أن الولايات المتحدة ناقشتها مع القيادة الليبية، دون أن توضح القناة الجهة التي تواصلت معها الإدارة الأميركية بخصوص هذا الملف.
وأوضحت المصادر إلى أن إدارة ترامب تعتزم الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال المجمدة في واشنطن منذ أكثر من عشر سنوات، مقابل قبول ليبيا باستقبال اللاجئين الفلسطينيين.
ديختر قلل من استمرار معاناة عشرات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، مقارنة بـ"الفرص المستقبلية"
ولم تستجب وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لطلبات متعددة للتعليق. وبعد نشر التقرير، نفى متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية صحة المعلومات، قائلا لشبكة “إن بي سي نيوز” إن “هذه التقارير غير صحيحة. الوضع على الأرض لا يُحتمل لمثل هذه الخطة. لم تُناقش مثل هذه الخطة ولا معنى لها.”
من جهتها، أكدت حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، على رفضها القاطع للخطة، مشددة على تمسك الفلسطينيين بأرضهم ووطنهم.
وقال باسم نعيم، القيادي الكبير في حماس لـ”إن بي سي نيوز” إن “الحركة، لم تكن على علم بأيّ نقاشات حول نقل الفلسطينيين إلى ليبيا.”
وتابع قائلا “الفلسطينيون متجذرون في وطنهم، وملتزمون به بشدة، ومستعدون للقتال حتى النهاية والتضحية بأيّ شيء للدفاع عن أرضهم ووطنهم وعائلاتهم ومستقبل أطفالهم.”
وأضاف “(الفلسطينيون) هم الطرف الوحيد الذي يملك الحق في اتخاذ القرار نيابةً عن الفلسطينيين، بمن فيهم غزة وسكانها، بشأن ما يجب فعله وما لا يجب فعله.”
وفي يوليو الماضي، أعلن أكثر من مئة صحفي وكاتب وأكاديمي وحقوقي وناشط ليبي رفضهم القاطع لأي “مساعٍ دولية أو إقليمية لفرض التهجير القسري على أهل غزة، ونقلهم إلى دول عدّة، من بينها ليبيا، تحت ذرائع الحلول الإنسانية، أو الإخلاء الطارئ.”
وأوضح البيان أن “تهجير الفلسطينيين جريمة جديدة تضاف إلى سجل طويل من الجرائم التي ارتُكبت بحق شعب أعزل، وإن زجّ ليبيا المنهكة في هذا المخطط اللاأخلاقي هو استغلال مرفوض، ولا يليق بأيّ ضمير حي.”
وأكد البيان دعم الموقعين عليه الكامل أيّ موقف دولي أو شعبي يرفض التهجير، ويُثبت التزامه الأخلاقي والإنساني بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه، سواء كان هذا الموقف عربيًا أو أوروبيًا أو أفريقيًا.
وتعاني ليبيا من عدم الاستقرار والفصائل السياسية المتحاربة منذ أكثر من 14 عاما على اندلاع الحرب الأهلية في البلاد وإسقاط الزعيم الراحل معمر القذافي.
وتُكافح ليبيا لرعاية سكانها الحاليين، في ظلّ وجود حكومتين متنافستين، إحداهما في الغرب بقيادة عبدالحميد الدبيبة والأخرى في الشرق بقيادة أسامة حماد.
ويبين أحدث تقدير لوكالة المخابرات المركزية الأميركية متاحًا للعامة أن عدد سكان ليبيا الحالي حوالي 7.36 مليون نسمة. فمن حيث عدد السكان، فإن استيعاب ليبيا لمليون شخص إضافي سيعادل استيعاب الولايات المتحدة لحوالي 46 مليون نسمة.