مصير تشرشل يفزع نتنياهو.. هزيمة سياسية في الأفق؟

وكالة أنباء حضرموت

يخشى بنيامين نتنياهو، أطول رؤساء وزراء إسرائيل بقاءً في الحكم، أن يلقى مصير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل، الذي أطيح به

من السلطة بعد أشهر فقط من انتصاره في الحرب العالمية الثانية.

هذه الحقيقة التاريخية تؤرق نتنياهو، الذي طالما أبدى إعجابه بتشرشل، خاصة بعد نجاح الجيش الإسرائيلي في مواجهة إيران خلال عملية "الأسد الصاعد"، بحسب صحيفة "تليغراف" البريطانية.

استطلاعات تنذر بالخطر: شعبية هشة وانقسام مزمن
رغم التحسن الطفيف في شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا، تُظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها المحللة السياسية داليا شيندلين أن هذه الزيادة غير كافية لضمان فوزه الانتخابي.

ويعيش المجتمع الإسرائيلي في حالة ركود سياسي مستمر منذ أكثر من عقد، حيث انقسم الناخبون إلى معسكرين متنافرين: مؤيدين لنتنياهو ورافضين لاستمراره.

وتتصاعد موجة السخط بسبب تعامل الحكومة مع أزمة الأسرى في غزة، إذ يشعر الإسرائيليون بأنهم تُركوا لمواجهة الأزمات وحدهم، فيما فشلت المؤسسات الرسمية في دعمهم.

المعارضة تستعد: بينيت يطلق "حزب 2026" والجنرالات يتحركون
وبدأت القوى المعارضة حشد صفوفها استعدادًا للانتخابات المقررة بحلول أكتوبر/ تشرين الأول 2026. فأطلق رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت حزبًا جديدًا تحت اسم "بينيت 2026"، مركزًا برنامجه على "استعادة الثقة في قدرة إسرائيل على حماية حدودها" – في إشارة واضحة إلى فشل حكومة نتنياهو في منع هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

كما يجذب الحزب الناخبين المحبطين عبر خطاب يجمع بين اليمينية المتشددة (المطالبة بضم أجزاء من الضفة الغربية) وشعارات "الوحدة والازدهار".

وفي سياق متصل، يبحث الجنرال السابق غادي آيزنكوت – الذي فقد ابنه وابن شقيقه في الحرب – عن توجه سياسي جديد بعد استقالته من حزب غانتس، حيث يُعتبر رمزًا لمعاناة الطبقة الوسطى الإسرائيلية وتضحياتها.

استراتيجية البقاء: الزمن سلاح نتنياهو الوحيد
وفقًا لتحليل البروفيسور يوسي شاين من جامعة تل أبيب، يركّز نتنياهو جهوده على تأجيل الانتخابات حتى أكتوبر/ تشرين الأول القادم على الأقل، عبر منع انهيار الائتلاف الحكومي قبل عطلة الكنيست الصيفية.

ويهدف رئيس الوزراء إلى طمس الذاكرة الجماعية لفشل 7 أكتوبر، واستبدالها بصورة "بطل المواجهة مع إيران" من خلال استغلال كل يوم يمر لصالحه. فالتأخير يبعد الناخبين تدريجيًا عن صدمة هجوم حماس، ويمنحه فرصة لترسيخ سردية النصر العسكري في غزة والمواجهات الإقليمية.

السجن أم المنفى؟.. المعضلة الوجودية
بعد خسارته الانتخاب انسحب ونستون تشرشل بهدوء للرسم وكتابة مذكراته، وقد عرض الملك جورج السادس على تشرشل لاحقًا وسام الرباط، وهو أعلى وسام مدني في البلاد، لكن تشرشل المُكتئب رفضه، قائلًا إنه لا يستطيع قبوله، لأن الناخبين منحوه وسام الحذاء.

لكن الصحيفة تشير إلى أن بنيامين نتنياهو يواجه تهديدات وجودية تختلف جذريًا عن مصير سلفه البريطاني.

فالملاحقات القضائية المحلية تطارده عبر ثلاث قضايا فساد جسيمة قد تودي به إلى السجن الفعلي، خاصة بعد استمرار المحاكم الإسرائيلية في متابعتها رغم الحرب.

أما على الصعيد الدولي، فقد وضعته المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في قفص الاتهام بشكل غير مسبوق، حيث أصدرت بحقه مذكرة توقيف بتهم "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" خلال العمليات في غزة.

هذه الخطوة التاريخية – وهي الأولى ضد رئيس حكومة إسرائيلي – تعرّضه لخطر الاعتقال حال سفره إلى 124 دولة موقعة على نظام روما.

وفي محاولة أخيرة لتجنب السيناريو الأسوأ، قد تعرض عليه السلطات القضائية الإسرائيلية صفقة "اعتراف بالذنب" تُخفف العقوبة مقابل اعتزال السياسة للأبد. لكن هذا المخرج يبدو مستحيلاً بالنسبة لـ"الملك بيبي" وزوجته سارة، اللذين يرفضان التنازل عن السلطة ويعتبران السياسة هويتهما الوجودية.