صيف بريطاني بطقوس إيرانية.. مخيم الولاية يثير المخاوف والتساؤلات
بين تَسَلُّقِ الجبالِ والنزولِ بالحبال، تمتدُّ خيوطٌ أيديولوجيةٌ نسجتْها طهران منذ عقودٍ في بريطانيا، في «محاولةٍ ناعمةٍ منها لغرس الولاءِ الأيديولوجي للنظام الإيراني في عمرٍ مبكر».
خيوطٌ نسجتْها إيران من داخلِ مخيّمٍ صيفيٍّ تنظّمه جمعيةٌ إسلاميةٌ في قلبِ الرّيفِ البريطاني، وتحتَ ستارِ الأنشطةِ الترفيهية، أُطلق عليه «مخيّم الولاية»، مما أثارَ موجةَ تحذيراتٍ قانونيةٍ وسياسيةٍ، من استخدامِ ذلك المخيم كـ«منصةٍ لتطرّف الأطفال، والتحريض على الكراهية أو العنف، وتمجيد الأيديولوجيات الإرهابية»، بحسب صحيفة التلغراف البريطانية,
فماذا نعرف عن ذلك المخيم؟
تقول الصحيفة البريطانية، إن المخيم المعروف باسم «مخيّم الولاية» تنظّمه جمعية «بعثة أهل البيت الإسلامية» التي تُعدّ الذراعَ البريطانيةَ للمجمعِ العلميِّ لأهلِ البيت، الذي مقرُّه في طهران.
المخيمُ الذي خُصّصَ للأطفالِ الذين تتراوح أعمارُهم بين 9 و14 عامًا، يشمل أنشطةً ترفيهيةً مثل التسلّقِ والنزولِ بالحبال، إلى جانب "محاضراتٍ ونقاشاتٍ دينية"، بحسب الصحيفةِ البريطانية.
إلا أنَّ ذلك المخيمَ أثارَ مخاوفَ جهاتٍ قانونيةٍ وضاغطةٍ، أبرزُها مجموعة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" (UKLFI)، التي حذّرت من غرسِ بعض أنشطةِ المخيمِ الولاءَ الأيديولوجي للنظام الإيراني في عمرٍ مبكر.
أطفال يمارسون الرماية خلال مخيم صيفي
وتواجه الجمعية، التي تتخذُ من شمالِ غربِ لندن مقرًّا لها، اتهاماتٍ بدعمِ أيديولوجيةِ النظامِ الإيراني، حيث مدحتْ في منشوراتٍ عدّة المرشدَ الإيرانيَّ علي خامنئي، ووصفتْ كتبَه بأنّها "مصدرٌ ممتازٌ للمعرفةِ وقراءةٌ رائعة".
وطالبتْ المجموعةُ بحظرِ مخيّم الولاية، محذّرةً من "مخاطرَ ملحّةٍ تتعلّقُ بحمايةِ الأطفالِ ومكافحةِ التطرّف". وجاء في رسالةٍ وجّهتها المجموعةُ إلى مجلسَي بلديّتَي "برينت" و"هيرتفوردشاير": "هناك سببٌ وجيهٌ للاعتقادِ بأنّ هذا الحدثَ قد يُستخدم كمنصةٍ لتطرّف الأطفال، والتحريضِ على الكراهية أو العنف، وتمجيدِ الأيديولوجيات الإرهابية".
وأضافتْ أن جمعية "بعثة أهل البيت الإسلامية" تنشرُ محتوىً متطرّفًا على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي، "يتّسم بالعداءِ للسامية، ويعجّ بنظرياتِ المؤامرة".
تحذيرات بريطانية
على الصعيدِ السياسي، أدان اللورد وولني، المستشارُ السابقُ للحكومةِ البريطانيةِ في شؤونِ التطرّف، إقامةَ مثلِ هذه المخيمات، قائلًا: "لا يمكننا السماحُ للدعايةِ والتأثيرِ القادمِ من هذه الديكتاتوريةِ الثيوقراطيةِ بأن تنتشرَ بين أطفالنا في بريطانيا".
وأضاف: "من المثيرِ للقلقِ أن يُؤخذَ الأطفالُ إلى مثلِ هذه المخيمات. هذا يثيرُ مزيدًا من الأسئلةِ حول مدى تأثيرِ إيران داخلَ المملكةِ المتحدة". كما أعرب روبرت جينريك، وزيرُ العدلِ في حكومةِ الظلّ، عن رفضِه مشاركةَ الأطفالِ في مخيماتٍ تنظّمُها جهاتٌ مؤيدةٌ للنظامِ الإيراني.
تأتي هذه المخاوفُ في أعقابِ تقريرٍ صادرٍ عن لجنةِ الاستخباراتِ والأمنِ في البرلمانِ البريطاني، حذّر من تهديدٍ إيرانيٍّ بشنِّ هجماتٍ ماديةٍ داخلَ بريطانيا، يوازي الآن تهديدَ روسيا.
ورَدًّا على هذه الاتهامات، قال مجلسُ بلديةِ برينت لصحيفةِ "تليغراف" إنّه بدأ تحقيقًا داخليًّا في أنشطةِ الجمعيةِ والمخيّم، وأبلغ شركاءَه المعنيين.
كما صرّح متحدّثٌ باسم مجلسِ مقاطعةِ هيرتفوردشاير: "نحن على درايةٍ بالقلقِ المحيطِ بهذا المخيّم، ونعملُ مع شركائنا لفهمِ الوضعِ وما إذا كانت هناك مخاطرُ على سلامةِ الأطفال".
وفي دفاعٍ سابقٍ عن نفسها، قالت جمعية "بعثة أهل البيت الإسلامية": "نحن فخورون بسجلّنا في مقاومةِ الحملةِ الصهيونيةِ التي استمرت 140 عامًا، والتي شملت التهجيرَ القسري، والتطهيرَ العرقي، والقصفَ العشوائي، من بين جرائمَ أخرى".
وتظلّ قضيةُ "مخيّم الولاية" محورَ جدلٍ واسعٍ في بريطانيا، حيث تتقاطعُ مخاوفُ الأمنِ القوميِّ مع حقوقِ الجمعياتِ الدينيةِ في تنظيمِ فعالياتٍ للأطفال، وسطَ دعواتٍ متزايدةٍ لمراقبةِ أنشطةِ الجمعياتِ التي يُشتبهُ في ارتباطها بأيديولوجياتٍ متطرّفةٍ أو أجنداتٍ خارجية.