عقدة الشركات تؤجل حسم بغداد وأربيل ملفي تصدير النفط والرواتب
كشفت وسائل إعلام عراقية اليوم الاثنين عن توصل الحكومة الاتحادية ووفد إقليم كردستان، خلال اجتماع في بغداد، إلى اتفاق مبدئي بشأن استئناف تصدير النفط وحصة الاستهلاك المحلي، ما يمثل خطوة مهمة نحو حل إحدى أبرز الأزمات العالقة بين الجانبين، إلا أن مسألة مستحقات الشركات النفطية لا تزال عالقة، ومن المقرر عقد اجتماعات مكثفة هذا الأسبوع لحسم هذه النقطة الشائكة.
واستمر اجتماع الحكومة الاتحادية ووفد حكومة إقليم كردستان في بغداد حول مسألة تسليم وتصدير النفط حتى وقت متأخر من ليلة الأحد، حيث صرح مصدر مطلع في بغداد لشبكة "رووداو" الإعلامية الكردية العراقية اليوم الاثنين بأن "الجانبين توصلا إلى اتفاق مبدئي بشأن تسليم وتصدير النفط وتسليم 50 في المئة من الإيرادات، ومن المقرر عقد اجتماع آخر بمشاركة أعضاء المجلس الوزاري الاقتصادي حول نفس المسألة".
وترأس وفد إقليم كردستان وزير الموارد الطبيعية، كمال محمد، الذي اجتمع مع الأطراف ذات الصلة في الحكومة الاتحادية.
وبحسب شبكة رووداو، ينص الاتفاق المبدئي على أن يسلم إقليم كردستان يوميًا 280 ألف برميل نفط للتصدير إلى شركة تسويق النفط العراقية (سومو) و120 ألف برميل أخرى للاستخدام المحلي، في المقابل، تحصل الشركات على 16 دولارًا لكل برميل حتى تحدد شركة استشارية تكلفة إنتاج كل حقل، لكن موافقة الشركات على هذا الاتفاق لم تحصل بعد.
وكان إقليم كردستان العراق يصدّر يوميا 450 ألف برميل من النفط عبر ميناء جيهان التركي، من دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد.
غير أن هذه الصادرات توقفت في مارس 2023 بعدما أصدرت هيئة تحكيم دولية قرارا لصالح بغداد منعت بموجبه أيّ تصدير لنفط الإقليم إلا من خلال شركة سومو.
لحل العقبات أمام استئناف هذا التصدير هذا العام تم تمرير قانون الموازنة العامة ودخل حيز التنفيذ في 17 فبراير.
وأكد مصدر مسؤول في حكومة إقليم كردستان للشبكة الإعلامية أن "الاتفاق يحتاج إلى الموافقة النهائية. إذا لم تنشأ مشاكل، سيتم التصديق عليه في الاجتماع القادم لمجلس الوزراء العراقي."
وأكد مصدر مسؤول في حكومة إقليم كردستان أن "الاتفاق يحتاج إلى الموافقة النهائية، وإذا لم تنشأ مشاكل، سيتم التصديق عليه في الاجتماع القادم لمجلس الوزراء العراقي"، ويعقد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء العراقي أيام الثلاثاء، وبالتالي من المقرر عقد ذلك الاجتماع غدًا الثلاثاء.
ويعقد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء العراقي أيام الثلاثاء، وبالتالي من المقرر عقد ذلك الاجتماع غدا الثلاثاء.
وقال مسؤول في إحدى الشركات النفطية في إقليم كردستان لـ"رووداو" إنهم موافقون مؤقتا ولمدة شهرين على 16 دولارا كتكلفة استخراج كل برميل نفط، لكنهم طلبوا حل ثلاث مسائل لكي يستمروا في تصدير النفط بعد هذين الشهرين أيضاً.
وطلبت الشركات عدم تعديل عقودها وترى أن التسعير الثابت لإنتاج النفط نوع من تغيير العقود، ومطلبهم الآخر هو حل مسألة ديونهم المتراكمة التي تزيد عن 900 مليون دولار ويجب معرفة ما إذا كانت على عاتق أربيل أم بغداد، أما مطلبهم الثالث فهو البت في أمر مشاريعهم المستقبلية في الحقول التي يعملون فيها. وفقا للمسؤول.
وأضاف المسؤول في الشركة "لتطوير الحقول، يجب أن نفكر في آبار جديدة وفقا لعقودنا التي تكلف في بعض المناطق 17 مليون دولار للبئر الواحد. يجب أن نعرف من سيدفع هذا المال وكيف سنسترده".
ومشكلة الشركات مع هذا السعر الذي من المقرر أن تحدده شركة استشارية. لقد استثمروا سابقا في الحقول واستردوا أموالهم كنسبة من مبيعات النفط، وليس كمبلغ ثابت. هذا يجعل المبلغ المحدد لإنتاج النفط غير مناسب لهم.
وبحسب المسؤول في الشركة "من المقرر عقد اجتماع ثنائي مع وزارة الموارد الطبيعية أو ثلاثي بمشاركة ممثلي الحكومة الاتحادية لمناقشة هذه المواضيع هذا الأسبوع".
وفي وقت سابق أكد مصدران في بغداد وأربيل لرووداو أن التوصل إلى اتفاق بشأن تصدير النفط أصبح خطوة أساسية تسبق إرسال رواتب موظفي إقليم كردستان.
وأعرب أحد أعضاء مجلس النواب العراقي عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، اليوم الاثنين، عن تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق نهائي بين حكومتي إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد بشأن عدد من الملفات العالقة، ما يمهد الطريق لإرسال رواتب موظفي الإقليم.
وقال صباح صبحي، عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي لـموقع "باسنيوز" المحلي إن "رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور البرزاني طالب بأن يكون الاتفاق المنتظر سياديا، يشمل الحكومتين، ووزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة الاقليم، والشركات المعنية"، مشيرا إلى أن "المحادثات تسير بشكل إيجابي، والوضع يتجه نحو الحل".
وأردف أن "وفد إقليم كردستان يضم شخصيات سياسية وفنية، وأن الوفد السياسي لديه صلاحيات كاملة من رئيس وزراء العراق، فيما يتولى الوفد الفني مناقشة أي عقبات تفصيلية"، مؤكداً أن "الملفات المتعلقة بالإيرادات والنفط والرواتب تتجه إلى الحسم قريبا، بحيث تُرسل بغداد الأموال فورا، لكي تُستأنف عملية صرف رواتب الموظفين في الإقليم، إلى جانب استئناف تصدير النفط".
وفي وقت، أكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني زياد جبار، دعم حزبه لأي اتفاق من شأنه أن ينهي أزمة الرواتب، التي أرجعها إلى عدم وجود اتفاق واضح وملزم بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.
وقال جبار الأحد إن "الأزمة الحالية تُعد من أسوأ الأزمات التي مرت على المواطنين في الاقليم، بسبب تعقيدات كثيرة لا يمكن حلّها إلا عبر اتفاق نفطي شامل مع بغداد".
وأكد أنه "برغم الوعود التي أطلقتها مختلف الأطراف بشأن أن عام 2025 سيكون نهاية لأزمة تأخر الرواتب، إلا أن الواقع يعكس عكس ذلك، حيث لم يتسلّم المواطنون رواتبهم منذ شهرين متتاليين، ما يُمثل أزمة خانقة تمسّ الحياة المعيشية اليومية لشعب الإقليم".
وكانت وزارة المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كردستان، أعلنت في 25 يونيو الجاري، استقطاع 3 بالمئة من رواتب موظفي ومتقاعدي الإقليم، اعتبارا من شهر يونيو الجاري.
جاء ذلك بعد إعلان رئيس حكومة اقليم كردستان، مسرور بارزاني، أن أزمة إيقاف تمويل رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام في الإقليم في طريقها إلى الحل، وأن بغداد سترسل وفدا خلال هذين اليومين إلى الإقليم لحل هذه الأزمة.
يشار إلى أن موظفي إقليم كردستان، منذ نحو شهرين بلا رواتب، وسط غياب أي مؤشرات حكومية حاسمة بشأن التمويل من بغداد أو التوزيع من موارد الإقليم.
وكان رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، قد أرسل خطابا إلى السلطات العراقية المعنية لحل مشكلة الرواتب، والذي تمت قراءته في اجتماع الرئاسات الأربع، الأحد الماضي، حيث جرت دعوة حكومة الإقليم إلى تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية، ليتسنى للحكومة الاتحادية تمويل رواتب موظفي الإقليم، وحل بقية الإشكالات، وفقا للدستور والقانون”.
ولم تتطرق مخرجات الاجتماع إلى أي خطوة لحل مشكلة الرواتب، ولم تصدر المحكمة الاتحادية العليا (أمرا ولائيا) بشأن قرار وزيرة المالية الاتحادية، طيف سامي، القاضي بتعليق إرسال رواتب موظفي الإقليم، بسبب تقديم أعضاء المحكمة الاتحادية استقالاتهم في وقت سابق.
وتشهد العلاقات بين بغداد وأربيل، تحركات مكثفة خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة لتسوية الملفات الخلافية، وفي مقدمتها الموازنة الاتحادية، وآلية توزيع الإيرادات، وسط تأكيد حكومي متواصل على الالتزام بمبدأ العدالة والمساواة بين جميع المحافظات العراقية.
وتسلمت المحكمة الاتحادية العليا، في 1 يونيو الجاري، دعوى قضائية من قبل عدد من موظفي إقليم كردستان، يطالبون فيها بإلزام وزارة المالية الاتحادية، إرسال رواتب موظفي كردستان، بناء على قرار المحكمة الاتحادية لعامي 2023 و2024، الذي نص على وجوب استمرار صرف رواتب موظفي الإقليم، بغض النظر عن المشاكل المالية الأخرى بين بغداد واربيل.
وكانت وزيرة المالية، طيف سامي، قد أبلغت رسميا، في 28 مايو الماضي، حكومة الإقليم بتعذّر استمرار الوزارة في تمويل الرواتب، مرجعة ذلك إلى “تجاوز كردستان الحصة المقررة لها ضمن قانون الموازنة الاتحادية والبالغة 12.67 بالمئة”.
تتجاوز أزمة رواتب إقليم كردستان كونها مجرد خلاف إداري أو مالي، لقد تحولت إلى أداة ابتزاز سياسي تستغلها بعض قوى الإطار التنسيقي في بغداد بهدف إضعاف الإقليم. وهذا الضغط المستمر، الذي ينم عن رغبة واضحة في تقويض استقرار كردستان الاقتصادي والسياسي، يُحدث شللا متزايدا في الأسواق ويُعمق المعاناة المعيشية للموظفين والمواطنين على حد سواء.
ويُعد تكرار هذه الأزمة سنويا، وربط الموازنة بشروط تعجيزية، نهجا متعمدا لتحويل رواتب الموظفين إلى "سلف" بدلا من استحقاق دستوري. وهذا الأسلوب يُبقي الإقليم في حالة تبعية مالية دائمة، ويُعيق قدرته على إدارة شؤونه الذاتية بفاعلية.
ولا تقتصر تداعيات هذه السياسة على تآكل القدرة الشرائية للمواطنين فحسب، بل تمتد لتهديد النسيج الاقتصادي والاجتماعي للإقليم برمته، وتضعف قدرته على إدارة شؤونه الذاتية، مما قد يدفع باتجاه مزيد من التوتر السياسي ويزيد من تعقيد العلاقة الهشة أصلا بين بغداد وأربيل.