إف-15 إي إكس.. درع واشنطن وسط ضباب الجيل السادس
بين واقع يفرض نفسه وأحلام تترنح في معامل التطوير، تعود إف-15 إي إكس إلى الواجهة كمقاتلة لا تتقادم.
فبعد سنوات من السعي المحموم خلف الجيل الخامس، يعيد «البنتاغون» ترتيب أولوياته، ليراهن مجددا على مقاتلة وُلدت من رحم الحرب الباردة وأُعيدت صياغتها بذكاء المستقبل.
ففي ميزانية 2026، تتقدم إف-15 إي إكس من الصفوف الخلفية إلى قلب الاستراتيجية الجوية الأمريكية، لا بوصفها بديلاً مؤقتًا، بل كركيزة ثابتة في مواجهة اختناقات التكنولوجيا والتحديات الجيوسياسية المتسارعة.
فما الأسباب؟
ذكر تقرير لمجلة مليتري ووتش، أن وزارة الدفاع الأمريكية تخطط لرفع حجم الأسطول المستهدف من 98 إلى 129 طائرة، مع تخصيص مبلغ 3.1 مليار دولار لتعزيز برنامج شراء هذه المقاتلات المتطورة.
يأتي هذا القرار في ظل تقليص خطط شراء طائرات الجيل الخامس إف-35إيه إلى النصف، وزيادة التمويل المخصص لمقاتلة الجيل السادس إف-47، وسط تحديات متزايدة في سلاسل التوريد وتأخيرات في إدخال الطائرات الجديدة إلى الخدمة، مما يعكس تحوّلاً استراتيجياً في أولويات القوات الجوية الأمريكية.
مقاتلة إف-15 إي إكس
تُعتبر مقاتلة إف-15 إي إكس، التي تطورها شركة بوينغ، واحدة من أثقل المقاتلات الغربية وزنًا، وتتمتع بقدرات نارية فائقة تشمل حمل ما يصل إلى 22 صاروخًا جو-جو، مما يجعلها منصة قتال متعددة المهام قادرة على التعامل مع تهديدات متنوعة في بيئات قتالية معقدة.
كما تتميز هذه المقاتلة برادار AN/APG-82 المتطور، الذي يتفوق في حجمه وأدائه على رادارات طائرات مثل إف-16 وإف-35، مما يمنحها قدرة استثنائية على اكتشاف وتتبع الأهداف على مسافات بعيدة.
إف-15 برفقة إف-35
إضافة إلى ذلك، تم تجهيز إف-15 إي إكس بأنظمة إلكترونيات طيران حديثة وبنية مهام مفتوحة تسمح بسهولة دمج أسلحة وتقنيات مستقبلية، ما يجعلها خيارًا مثاليًا لاستبدال أسطول إف-15سي/دي المتقادم والعمل جنبًا إلى جنب مع منصات الجيل الخامس.
يأتي هذا التوجه بعد إخفاقات في برامج مقاتلات الجيل الخامس، لا سيما إف-22 التي لم تحقق المدى المتوقع، إضافة إلى توقعات بتأخيرات وتكاليف مرتفعة لمقاتلة الجيل السادس إف-47.
ويؤكد كبار قادة القوات الجوية الأمريكية، مثل الفريق مايكل لو قائد الحرس الوطني الجوي، أن التحديثات التي أجريت على إف-15 إي إكس جعلتها مقاتلة متقدمة للغاية رغم أصول تصميمها التي تعود إلى السبعينيات، مشددين على تفوقها في الوعي الميداني والمدى وحمولة الأسلحة، وهي عوامل حاسمة في العمليات فوق مسارح عمليات واسعة مثل منطقة المحيط الهادئ.
هذا التفوق يجعل من الطائرة أداة حيوية في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
وتسعى شركة بوينغ إلى زيادة وتيرة إنتاج إف-15 إي إكس، مستهدفة تسليم طائرتين شهريًا بحلول نهاية عام 2026، ما يعكس التزامًا قويًا من البنتاغون بتعزيز القوة الجوية الأمريكية عبر هذه المنصة القوية والمتطورة.
وفي ظل هذه الديناميكية، المقاتلة الخيار الوحيد المتاح حاليًا كمقاتلة ثقيلة بعيدة المدى، ومن المتوقع أن تظل كذلك لعقد قادم، مع قدرتها على تنفيذ مهام متعددة من إطلاق الصواريخ الجوالة إلى مكافحة الطائرات المسيّرة والاشتباك الجوي ضد خصوم أقل تقدمًا.
إلى جانب ذلك، تُظهر إف-15 إي إكس توازنًا مهمًا بين الأداء العالي والتكلفة المعقولة، مما يجعلها أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بمقاتلات الجيل الخامس والجيل السادس التي تواجه تحديات في التكلفة والجدول الزمني للتطوير.
وهذا الأمر يعزز من مكانتها كركيزة أساسية في استراتيجية القوات الجوية الأمريكية المستقبلية، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة في بيئة الأمن الدولي والتطورات التكنولوجية المستمرة.