نزع سلاح حزب الله طريق معبدة بالألغام
اعتبرت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الثلاثاء أن لبنان لا يزال أمامه "الكثير" ليفعله من أجل نزع سلاح حزب الله، في أعقاب اتفاق لوقف إطلاق النار بين التنظيم اللبناني وإسرائيل.
تعتبر مسألة نزع سلاح حزب الله في لبنان قضية شديدة التعقيد والتشابك وتعتبر من أبرز التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي وهي ليس مجرد عملية عسكرية أو تقنية، بل عملية سياسية واجتماعية معقدة تتطلب توافقًا داخليًا لبنانيًا واسعًا وتغيرات في المشهد الإقليمي، وتوافقات دولية.
وفي ظل الظروف الراهنة، يبدو نزع سلاحه بالقوة أمرا مستبعدًا، لأن ذلك قد يؤدي إلى صراع داخلي مدمر. والأرجح هو أن يتم التعامل مع هذه المسألة من خلال حوار طويل الأمد، وربما ضمن تسويات إقليمية أوسع، مع التركيز على تعزيز دور الدولة والجيش اللبناني.
وأشارت أورتاغوس في ردّها على سؤال بشأن نزع سلاح حزب الله خلال منتدى قطر الاقتصادي في الدوحة إلى أن المسؤولين في لبنان "أنجزوا في الأشهر الستة الماضية أكثر مما فعلوا على الأرجح طيلة السنوات الخمس عشرة الماضية"، مضيفة "لكن لا يزال أمامهم الكثير".
وشدّدت على أن الولايات المتحدة دعت إلى "نزع السلاح الكامل لحزب الله"، وأن "هذا لا يعني جنوب الليطاني فقط، بل في أنحاء البلاد" كافة، داعية القيادة اللبنانية إلى "اتخاذ قرار" في هذا الشأن.
ويسري منذ 27 نوفمبر اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحزب والدولة العبرية، تم إبرامه بوساطة أميركية وفرنسية. ونص الاتفاق على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل.
ونص الاتفاق في المقابل على انسحاب إسرائيل من مناطق توغلت فيها خلال الحرب، لكن بعد انتهاء المهلة المخصصة لذلك، أبقت الدولة العبرية على وجود قواتها في خمسة مرتفعات استراتيجية تخولها الإشراف على مساحات واسعة على ضفتي الحدود. وتواصل شن غارات خصوصا في الجنوب.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من النقاط التي لا تزال موجودة فيها. وتؤكد السلطات اللبنانية في الآونة الأخيرة أنها اتخذت القرار بـ"حصر السلاح" بيد الدولة، وسط ضغوط أميركية متصاعدة لسحب سلاح حزب الله بعدما تكبّد خسائر فادحة في البنية العسكرية والقيادية خلال الحرب مع إسرائيل.
وأكّد الرئيس اللبناني جوزيف عون في أواخر أبريل أن الجيش بات يسيطر على أكثر من 85 في المئة من الجنوب الذي قام بـ"تنظيفه"، في إطار تنفيذ التزاماته باتفاق وقف النار.
ويرى حزب الله نفسه كقوة مقاومة ضد إسرائيل، ويحظى بدعم قطاع واسع من الطائفة الشيعية في لبنان على هذا الأساس. ويعتبر سلاحه ضروريًا لحماية البلاد في ظل غياب جيش لبناني قوي قادر على الدفاع عن الحدود بشكل كامل.
وفي الوقت نفسه، هو حزب سياسي فاعل وممثل في البرلمان والحكومة، ولديه بنية اجتماعية واقتصادية وخدماتية متجذرة في بيئته. وهذا الاندماج في النسيج السياسي والاجتماعي اللبناني يجعل نزع سلاحه أكثر صعوبة من مجرد التعامل مع ميليشيا مسلحة.
ويعتبر حزب الله حليفا استراتيجيا لإيران التي توفر له الدعم المالي واللوجستي والعسكري. وهذا الارتباط الإقليمي يجعل نزع سلاحه يعتمد بشكل كبير على التوافقات الإقليمية الأوسع، خاصة بين إيران والقوى الكبرى، ومرتبطًا بملفات أخرى في المنطقة.
وهناك تباين كبير في الرؤى داخل لبنان حول سلاح حزب الله، فبينما يطالب البعض بنزعه باعتباره يمثل دولة ضمن الدولة ويؤثر على سيادة لبنان، يرى آخرون أنه ضروري للدفاع عن البلاد. وهذا الانقسام يعيق أي محاولة جدية لنزع السلاح من خلال الحوار الداخلي.
ونص اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية على حل جميع الميليشيات، لكن حزب الله استثني بحجة "المقاومة".
ويُطرح دائما سؤال حول من سيملأ الفراغ الأمني في الجنوب اللبناني إذا تم نزع سلاح حزب الله. والجيش اللبناني، على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيزه، لا يزال يفتقر إلى الإمكانيات الكافية لمواجهة التحديات الأمنية على الحدود الجنوبية، خاصة مع استمرار التهديدات الإسرائيلية.
وهناك قرارات دولية، مثل القرار 1559 والقرار 1701، تدعو إلى نزع سلاح جميع الميليشيات في لبنان وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها. ومع ذلك، لم يتم تطبيق هذه القرارات بشكل كامل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تعقيدات الوضع الداخلي في لبنان والرفض من قبل حزب الله.