المغرب يشهد قفزة نوعية في تحول الطاقة بشراكة إماراتية تاريخية

وكالة أنباء حضرموت

يشهد تحول الطاقة في المغرب تطورات "استثنائية" من خلال توقيع شراكة جديدة مع الإمارات العربية المتحدة ضمن رؤية إستراتيجية عابرة للقطاعات، بما يرسخ مكانة المملكة كمركز إقليمي للطاقة المتجددة والأمن المائي.

وفي خطوة تاريخية تعكس عمق العلاقات بين البلدين، أعلن ائتلاف مغربي إماراتي الاثنين توقيع اتفاقيات استثمار مع الحكومة المغربية تقارب قيمتها 14 مليار دولار لتنفيذ عدة مشاريع، تشمل خصوصا البنى التحتية لإنتاج ونقل الكهرباء من مصادر متجددة وتحلية مياه البحر، مما يمثل نقلة نوعية في مسيرة المغرب نحو تحقيق تحول طاقي مستدام وتعزيز أمنه المائي.

وقال كل من صندوق محمد السادس للاستثمار (عمومي) وفرع شركة طاقة الإماراتية في المغرب وشركة ناريفا المملوكة للعائلة الملكية، في بيان إنها شكلت ائتلافا "لتطوير بنيات تحتية جديدة لنقل المياه والكهرباء"، و"إنشاء قدرات جديدة لتحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة".

ووقع الائتلاف ثلاث اتفاقيات بهذا الخصوص مع الحكومة المغربية والمكتب الوطني للماء والكهرباء (عمومي)، وفق البيان.

وأوضحت شركة طاقة-المغرب، في بيان منفصل، أن القيمة الإجمالية لهذه المشاريع "تقارب 130 مليار درهم (حوالي 14 مليار دولار) في أفق العام 2030".

وأشارت إلى أنها ستتقاسم الملكية "بحصة متساوية مع شركة ناريفا"، بينما تعود ملكية 15 بالمئة منها لصندوق محمد السادس للاستثمار ومؤسسات عمومية مغربية أخرى.

وتشمل هذه المشاريع خصوصا إنشاء خط بطول 1400 كيلومتر لنقل الكهرباء من محطات توليد ريحية في الأقاليم الجنوبية (الصحراء الغربية) إلى الدار البيضاء، بهدف إنتاج 1200 ميغاواط في تلك المحطات.

ويسعى المغرب إلى إنتاج 52 بالمئة من الكهرباء النظيفة في أفق العام 2030. غير أن مصادر الطاقة الأحفورية لا تزال تشكل حوالي 90 بالمئة من استهلاكها الحالي، وتعتمد فيها على الخارج.

وتأتي هذه الاتفاقيات تتويجا للشراكة الراسخة بين المغرب والإمارات، والتي تم تكريسها في البيان الملكي المشترك بين العاهل المغربي الملك محمد السادس، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في ديسمبر 2023 بأبوظبي، بهدف تنفيذ مشاريع استراتيجية في مجالات الماء والطاقة.

وأكد عبدالمجيد العراقي الحسيني، رئيس مجلس الإدارة الجماعية لشركة "طاقة المغرب"، أن "هذه الشراكة الاستراتيجية ستساهم في تحقيق انتقال طاقي منخفض الكربون يدعم دمج الطاقات المتجددة، كما ستساهم في رفع قدرات التحلية لدعم خارطة الطريق المناخية وتعزيز السيادة المائية والطاقة للمملكة، بما يسهم في تسريع محفظة أصول طاقة المغرب وإزالة الكربون منها"

تُعتبر "طاقة المغرب" أكبر منتج خاص للكهرباء في المغرب، وتمتلك شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) 85 بالمئة من رأسمالها، وهي تدير أكبر محطة حرارية تعمل بالفحم في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، والواقعة في منطقة الجرف الأصفر وسط المملكة.

وقد أعلن أيضا ضمن تلك المشاريع عن توسيع محطة تحدارت لتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي (شمال شرق).

ويعول المغرب كذلك على استغلال الكهرباء النظيفة في تشغيل محطات تحلية مياه البحر، إذ شملت الاتفاقيات الموقعة الاثنين "إنشاء محطات لتحلية مياه البحر بسعة إجمالية تبلغ 900 مليون متر مكعب سنويًا يتم تشغيلها بواسطة الطاقة المتجددة"، وفق ما أفاد الائتلاف الثلاثي في بيانه، لكن من دون إعطاء تفاصيل أدق.

وتحلية مياه البحر رهان استراتيجي للمغرب في مواجهة إجهاد مائي بنيوي، بهدف رفع الإنتاج من 270 مليون متر مكعب حاليا في 16 محطة إلى 1.7 مليار سنويا في أفق العام 2030، جزء منها موجه للزراعة.

ويشمل البرنامج المعلن أيضا الاستثمار في طريق سيار مائي لنقل حوالي 800 مليون متر مكعب سنويا من المياه من الشمال إلى الوسط، سيكون الثاني من نوعه في البلاد.

وتمثل هذه الاتفاقيات علامة فارقة في مسيرة المغرب نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانته كقوة إقليمية في مجال الطاقة المتجددة والأمن المائي. وتفتح الشراكة الإستراتيجية مع الإمارات آفاقا واسعة لتحقيق طموحات المملكة في بناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارا.