مؤتمر لحل الدولتين يعيد الزخم السياسي والدبلوماسي إلى القضية الفلسطينية
يُعقد مؤتمر دولي برعاية فرنسا والسعودية حول حل الدولتين لإنهاء النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني من 17 إلى 20 يونيو في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وهو ما ينظر إليه محللون كخطوة تهدف لتحريك المياه الراكدة في ملف حل الدولتين الذي ظل مجمدا لعقود.
ورغم التحديات المعقدة، تعوّل أطراف كثيرة على المؤتمر في إحياء المسار السياسي للقضية الفلسطينية وإعادة الزخم الدولي إلى طاولة المفاوضات.
وتأتي هذه المبادرة في ظل مرحلة حرجة تشهدها القضية الفلسطينية في أعقاب التصعيد العسكري غير المسبوق في غزة والتوسع الاستطياني المستمر في الضفة الغربية والانقسام السياسي الفلسطيني.
ويأمل القائمون على المؤتمر أن يسهم في إعادة بناء توجيه أنظار العالم نحو جوهر النزاع أي الاحتلال الإسرائيلي وحقوق الشعب الفلسطيني، في وقت انشغلت فيه العواصم الكبرى بملفات جيوسياسية أخرى كالحرب في أوكرانيا والصراع في البحر الأحمر.
النجاح الحقيقي للمؤتمر لن يقاس بعدد المشاركين أو مستوى التمثيل السياسي، بل بما سيخرج عنه من قرارات ملموسة، والتزام فعلي بترجمتها
ويرجّح محللون أن يركز المؤتمر على تثبيت مرجعية حل الدولتين كإطار وحيد لتحقيق السلام العادل والدائم والضغط من أجل خطوات تنفيذية تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
وترى الرياض وباريس أن التراخي الدولي إزاء المسار السياسي أفضى إلى تطرف متزايد ومفاقمة معاناة الفلسطينيين. وتحمل الرعاية المشتركة للمؤتمر أبعادا رمزية وإستراتيجية، فالسعودية باعتبارها لاعبا محوريا في العالمين العربي والإسلامي تسعى إلى إعادة القضية الفلسطينية لموقعها الطبيعي في أولويات الأجندة الدولية، في المقابل تراهن فرنسا على دورها في تحفيز أوروبا والغرب لتبني موقف أكثر توازنا حيال الصراع بعيدا عن الانحياز المطلق لإسرائيل.
ورغم الطابع الطموح للمؤتمر إلا أن فرص نجاحه ستعتمد على مجموعة من العوامل في مقدمتها تجاوب المجتمع الدولي ولاسيما الولايات المتحدة مع مخرجاته، إذ أن واشنطن مازالت تحتفظ بتأثير في الملف سواء عبر دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل أو من خلال قدرتها على التأثير في دول أخرى.
ويعد الموقف الإسرائيلي الراهن عائقا جوهريا حيث ترفض حكومة بنيامين نتنياهو الاعتراف بحل الدولتين وتواصل سياسات تهويد القدس وتوسيع المستوطنات.
وكان عدد من الوزراء الإسرائيليين قد دعوا في الأشهر الماضية إلى ضم الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
الرياض وباريس تعتقدان أن التراخي الدولي إزاء المسار السياسي أفضى إلى تطرف متزايد ومفاقمة معاناة الفلسطينيين
ومع ذلك، يرى مراقبون أن تغير المزاج الدولي وتصاعد الأصوات في أوروبا الداعية لمساءلة إسرائيل على انتهاكاتها قد يشكل أرضية حقيقية للضغط عليها.
ويقول مراقبون إن النجاح الحقيقي للمؤتمر لن يقاس بعدد المشاركين أو مستوى التمثيل السياسي، بل بما سيخرج عنه من قرارات ملموسة، والتزام فعلي بترجمتها. وإذا ما تمكن المؤتمر من تحديد خطوات واضحة لإعادة إطلاق عملية السلام وتوفير ضمانات دولية لوقف الاستيطان وإلزام إسرائيل بالقانون الدولي فإنه سيكون قد قطع شوطا مهما نحو استعادة مسار الدولة الفلسطينية.
ويعترف نحو 150 بلدا بدولة فلسطين التي تحظى بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، أي أن عضويتها غير كاملة إذ لم يصوت مجلس الأمن على قبولها بهذه الصفة.
وفي مايو 2024، اعترفت أيرلندا والنرويج وإسبانيا بدولة فلسطين لكن حكومات أوروبية أخرى، بما في ذلك فرنسا، لم تتّخذ هذه الخطوة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أبريل إن فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو.
وأضاف حينها أنه يرغب بتنظيم مؤتمر في نيويورك للحض على الاعتراف بدولة فلسطين وحض دول عربية وإسلامية على الاعتراف بإسرائيل.
وطبَّعت الإمارات والمغرب والبحرين علاقاتها مع إسرائيل في العام 2020 بموجب الاتفاقات الإبراهيمية التي رعتها الولايات المتحدة خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
إلا أن دولا عربية عدة لم تنضم إلى هذه الاتفاقات، خصوصا السعودية، إضافة إلى جارتي إسرائيل، سوريا ولبنان.
وقبل اندلاع الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، رفضت السعودية تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية قبل قيام دولة فلسطينية.