الفنان مطالب بالاهتمام بقضايا مجتمعه والتعبير عنها بأعماله
تدور أحداث الفيلم السينمائي “روتيني” للمخرج المغربي لطفي آيت الجاوي حول ربة منزل تُدعى نورا تبدأ في نشر تفاصيل حياتها على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن دورها الجديد كمؤثرة يقلب حياة عائلتها رأسًا على عقب، خاصة زوجها عبدالواحد، المحامي المتألق، وتنتهي حكايتها بدخولها إلى السجن. العمل من بطولة عزيز داداس، ماجدولين الإدريسي، رفيق بوبكر، وسعاد العلوي.
وكان منتجو الفيلم قد قرروا اللجوء إلى القضاء بعد تعرض العمل للقرصنة وإتاحته على موقع تحميل الفيديوهات يوتيوب من قبل العشرات من القنوات، وفي هذا السياق أجرت صحيفة “العرب” حوارا مع المخرج المغربي حول كواليس العمل وطرق توزيعه.
عن نشأة فكرة الفيلم يقول المخرج “عندما كنت في مراكش لتصوير الفيلم التلفزيوني ‘شرف تشوف‘ لصالح القناة الأولى، اخترت ثنائيا من أجل الكوميديا، هما عزيز داداس وماجدولين الإدريسي، حول الكتب القديمة، وهو عمل نال الجائزة الكبرى لمهرجان مكناس في الدراما، وهناك اقترحت عليّ الفنانة ماجدولين الإدريسي فكرة فيلم ‘روتيني‘ مع السيناريست حكيم قبابي وكنت متحمسا للموضوع.”
ويرى آيت الجاوي أن “جميع صناع السينما خاصة المنتج والسيناريست والمخرج، يجب أن يكونوا قريبين من الشارع والمواطن لكي يجدوا القبول والتفاعل، والجميل أنه بعد اقتراح الفكرة تحمس لها الجميع لأنها موضوع حي وواقعي، خاصة مع انتشار ظاهرة تيك توك وإنستغرام وهوس الناس بالبوز (الترند) والمال، الذي أفقد الناس راحتهم واستقرارهم، وهذا عالم متجدد وخطير ومرهق ومتشعب، ويمكن أن يورط الإنسان بمقطع فيديو واحد ويدخله في متاهة، وهنا كانت رسائلي خفيفة وسلسة في الفيلم.”
وحول التحديات التي واجهته أثناء تصوير الفيلم في مدينة الدار البيضاء يقول بأسف “التصوير في الدار البيضاء كان صعبا، خاصة بسبب التنقل وازدحام الشوارع، كما كانت هناك أفلام أخرى يتم تصويرها في الوقت نفسه، لكن الطاقم الفني والتقني كان متفهما. أما في مشاهد الانفجار التي صورت في المطبخ، فقد جاء فريق متخصص من ورزازات لتنفيذها. الفيلم يقدم رسالة حول سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت هناك رسائل ومواضيع أخرى أردت استكشافها.”
ويوضح “أعتبر نفسي جديدا على عالم تيك توك وإنستغرام، لكنني حاولت الاتصال بأحد الأقارب الذين يفهمون كيف يحقق هؤلاء هذا الكم الهائل من المال، ومن يدفع لهم ولماذا؟ وهنا أترك للجمهور اكتشاف هذا النوع من الرسائل الخفية وراء الترند والثروة السريعة، وعلاقتها بتدمير القيم والمبادئ، لكن بأسلوب كوميدي يتجسد في مواقف حية داخل أحداث هذا العالم.”
ويشيد المخرج في حديثه مع “العرب” بالطاقم الفني والتقني للفيلم حيث يقول إنه “كان محترفًا ويعمل في أجواء عائلية، خاصة أننا خططنا معا ووضعنا التصورات منذ ما قبل التصوير وخلاله وحتى بعده، بطريقة سلسة ومنظمة، كما استعنت بعدد من الأصدقاء المحترفين في هذا المجال، بينما أبرز اللحظات كانت مشهد المطبخ الذي يحترق حول نورا، التي أدت دورها الممثلة ماجدولين الإدريسي إضافة إلى مشهد اللحسة الصحراوية الذي انتشر بشكل هستيري، ومشهد المحكمة الذي كان مؤثرا. وكانت المفاجأة وضع صورة والدة الممثل عزيز داداس كتكريم لها.”
ولم تكن لدى المخرج مخاوف من فشل الفيلم، حيث يقول “كنت متأكدا من أن الفيلم سيحدث ضجة، سواء في القاعات السينمائية المغربية أو خارج المغرب، إذ هناك أيضا اتصالات من خارج الوطن تطلب عرض هذا الفيلم، وهذه فرصة لتسويق السينما المغربية.”
ويؤكد المخرج على أن قرصنة الأفلام وتسريبها “أمر خطير وقد عانى منه العديد من المنتجين، وحان الوقت للتوقف عن هذا السلوك، خاصة أننا اليوم ندعو إلى الاستثمار في القطاع الخاص كي لا نعتمد على دعم الدولة، فكيف يمكننا تشجيع المستثمرين على دعم القطاع السينمائي في ظل استمرار قرصنة الأفلام بهذه الطريقة؟ يجب التصدي لهذه الظاهرة بحزم واتخاذ إجراءات صارمة ضدها.”
وأبدى لطفي آيت الجاوي استياءه من القرصنة التي تسببت في خسائر مادية كبيرة للقاعات السينمائية وشركة الإنتاج، مشيرا إلى أن الآلاف من المغاربة شاهدوا العمل عبر مختلف المنصات الإلكترونية، وقرر منتجو شريط “روتيني” متابعة الحسابات التي نشرت الفيلم، للوقوف على حيثيات عملية القرصنة وتحديد المتورطين فيها، كما دعوا إلى ضرورة إقرار قانون يحمي الصناعة السينمائية من هذه الممارسات التي تهددها.
لكنه يشير إلى أن “العروض ما قبل الأولى للفيلم مرت بشكل جيد، وكانت القاعات ممتلئة، وتفاعل الجمهور المغربي مع الفيلم قبل عرضه وأثناءه وحتى مع شارة الفيلم، ومن الجميل أن يتمكن العمل السينمائي من شد انتباه الجمهور من البداية إلى النهاية، كما أن التنوع السينمائي بين الكوميدي والثقافي والتجاري، يعد أمرا إيجابيا، لأنه يساهم في تحريك الاقتصاد ويفتح المجال أمام ظهور أفكار جديدة، قد تكون مفيدة لسينما المؤلف أو سينما الطفل، وعلى شركات الإنتاج أن تستثمر في هذا النوع من الأفلام، لأنها تمثل الأساس، خاصة أن أغلب السينما التجارية في المغرب تعتمد على التمويل الخاص.”
جميع صناع السينما خاصة المنتج والسيناريست والمخرج، يجب أن يكونوا قريبين من الشارع والمواطن لكي يجدوا القبول والتفاعل
ويكشف أنه يعمل حاليا على “مشاريع فنية بين التلفزيون والسينما، وأخصص وقتي للكتابة، وهناك أفكار لمشاريع أخرى لا تزال في مرحلة التطوير، لكن في النهاية يبقى كل سيناريو جيد ينتج عنه عمل سينمائي جميل.”
وتناول فيلم “روتيني”، حسب بطله عزيز داداس، قصة ضيف ثقيل دخل إلى حياة الناس، يتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي التي، رغم إيجابياتها، أساءت لصورة المغرب والمجتمع بسبب سوء استخدامها. وجسد داداس في الفيلم دور محامٍ غير راضٍ عن الطريقة التي استخدمت بها زوجته وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أنه كان على دراية بالجرائم المرتبطة بها، مثل السب، والشتم، والتشهير، والإخلال بالنظام العام.
وشارك داداس فكرة العمل في البداية مع صديقته ماجدولين الإدريسي، التي أُعجبت بها وقررت الإشراف على كتابة السيناريو بالتعاون مع حكيم قبابي، مؤكدًا أن الفريق بذل مجهودًا كبيرًا لاكتشاف خفايا عالم السوشيال ميديا بهدف توعية الجمهور وإيصال رسائل هادفة حول كيفية التعامل معه.
وقدمت ماجدولين الإدريسي في الفيلم شخصية نورا، وهي امرأة متزوجة من المحامي عبدالواحد، الذي جسده داداس، حيث قامت بمشاركة مشاكلها العائلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي حملت جوانب سلبية وإيجابية، وخاضت ماجدولين تجربة كتابة السيناريو رفقة حكيم قبابي، بهدف تسليط الضوء على التأثير العميق للمنصات الإلكترونية على الجيل الصاعد، لافتةً إلى أن علاقتها بداداس أصبحت عائلية بسبب العمل المشترك والوقت الطويل الذي أمضياه معًا.
واعتبر المخرج لطفي آيت الجاوي أن الأفلام المغربية تصبح أكثر تأثيرًا عندما تكون قريبة من واقع المواطن وتمسّ حياته اليومية، موضحًا أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تشكل خطرًا على المجتمع، ولم تعد الحكومات قادرة على السيطرة عليها، كما صرّح بذلك وزير العدل عبداللطيف وهبي.
وأشار إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت تدرّ أموالًا طائلة على مستخدميها، رغم جهل الكثيرين بمصدر هذه الأموال، معتبرًا أن على الفنانين بمختلف تخصصاتهم التفاعل مع هذا الموضوع، لأنه أصبح سببًا في تفكك العديد من الأسر.
واختار المخرج الكوميديا في العمل لأنها تُمرر رسائلها إلى المجتمع بشكل سلس، مشيدًا بتجربة الإنتاج الخاص في الفيلم، وداعيًا المنتجين إلى عدم انتظار دعم الدولة، والتعاون مع الكتّاب والتقنيين المغاربة الذين يمتلكون مستويات عالية من الكفاءة للنهوض بالقطاع السينمائي.
وقد راكم المخرج لطفي آيت الجاوي عدة تجارب احترافية مع مخرجين سينمائيين عالميين في عدة أفلام صورت في المغرب وخارجه، ويعتبر لطفي من شباب المخرجين الذين لهم حضور كبير في الإخراج السينمائي والتلفزيوني في السنوات الأخيرة على الصعيد الوطني والدولي. وهو مخرج فيلم” الشطاج” عمل كوميدي مغربي، بدأ عرضه في القاعات السينمائية المغربية في 25 يناير 2023، وتدور أحداث الفيلم حول ربيع، ابن إمام مسجد، وهو شاب رياضي وطموح يجد نفسه في موقف غير متوقع عندما يضطر إلى الرقص بزي نسائي مع إحدى الفرق الشعبية من أجل الفوز بدعم أوروبي، وهذا الدعم سيمكّنه من تجهيز قاعته الرياضية وتحقيق حلمه بالزواج من حبيبته جميلة. وشارك في بطولة الفيلم نخبة من الممثلين المغاربة، من بينهم عبدالإله رشيد في دور ربيع، بنعيسى الجيراري في دور قائد الفرقة الشعبية، إلى جانب أيوب أبوالنصر، جواد السايح، جمال العبابسي، أسماء الخمليشي، بسمة مازوزي، زهور السليماني، وعبداللطيف شوقي.
وله أيضا فيلم بعنوان “الغادي” وهو عمل درامي من تأليف مريم الدريسي، وتدور أحداثه في أجواء شتوية قاسية، حيث تقرر التيبارية الفرار من بيت الزوجية بعد معاناة طويلة، وتأخذ معها ابنها يوسف إلى مدينة طنجة بحثًا عن حياة جديدة. يكبر يوسف وسط شعور بالضياع والبحث عن هويته، وهو ما يدفعه للشك في جذوره وحقيقته، وشارك في بطولة الفيلم نخبة من الممثلين، من بينهم عبدالإله عاجل، حسن فولان، السعدية أزكون، أيوب أبو النصر، والمهدي فولان.