أوبك+ تقطع الطريق أمام التلاعب بحصص إنتاج النفط

وكالة أنباء حضرموت

يتحرك تحالف أوبك+ بحزم لفرض الانضباط وضمان التزام الأعضاء بسياسات الإنتاج الجماعي، بينما تسعى بعض الدول الأعضاء لتحقيق مكاسب آنية عبر تجاوز الحصص المقررة وتقويض إستراتيجية المجموعة التي تضم 23 منتجا.

وتظل تحالفات الطاقة، وعلى رأسها أوبك+، لاعباً محورياً في ضبط إيقاع إنتاج النفط وأسعاره في سوق عالمية تتسم بالتقلبات الحادة والتجاذبات الجيوسياسية.

وتأتي التحركات، التي كشفت عنها مصادر مطلعة الأحد، في وقت حرج، حيث يتطلب استقرار السوق العالمية وضمان توازن العرض والطلب جهداً منسقاً وشفافاً.

ومن خلال آليات رقابية مشددة وإشارات سياسية واضحة تبعث المجموعة، بقيادة السعودية وروسيا، رسالة مفادها أن التلاعب بالإنتاج لن يمر دون تبعات، في محاولة لحماية مصالح المنتجين والحفاظ على استقرار الأسواق على المدى الطويل.

وأفادت أربعة مصادر من أوبك+ بأن المجموعة تخطط لتسريع زيادات إنتاج النفط، وقد تُلغي تخفيضاتها الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا بنهاية أكتوبر المقبل إذا لم يُحسّن الأعضاء التزامهم بحصص الإنتاج.

وستؤدي زيادة يونيو من الدول الثماني إلى رفع إجمالي الزيادة المجمعة لأبريل ومايو ويونيو إلى 960 ألف برميل يوميًا، وهو ما يمثل إنهاءً بنسبة 44 في المئة من التخفيض، وفقًا لحسابات رويترز.

وقال جورجي ليون من شركة ريستاد إنيرجي لوكالة فرانس برس إنّ “تحالف أوبك+ ألقى قنبلة للتو في سوق النفط.”

وأضاف “بعد الإشارة التي أصدرها الشهر الماضي، يُرسل القرار المُتخذ رسالة واضحة: المجموعة تغيّر إستراتيجيتها وتسعى إلى استعادة حصتها في السوق بعد سنوات من التخفيضات.”

ووفق المحلّل ليون يهدف هذا التغيير في الإستراتيجية أيضا إلى إقامة “علاقات جيدة مع الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب.”

وصدم التحالف سوق النفط في أبريل الماضي بموافقته على إلغاء التخفيضات بوتيرة أسرع من المتوقع، رغم ضعف الأسعار والطلب.

وذكرت مصادر أن هذه الخطوة جاءت من السعودية، أكبر منتج في أوبك+، لمعاقبة بعض الأعضاء على ضعف التزامهم بالحصص.

والسبت وافقت مجموعة أوبك+، التي تضم منظمة أوبك وحلفاء من خارجها بقيادة روسيا، على زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج لشهر يونيو المقبل، ليصل إجمالي ما تعتزم ضخه في أبريل ومايو ويونيو إلى ما يقرب من مليون برميل يوميًا.

وبعد اجتماع عبر الإنترنت استمر أكثر من ساعة بقليل، أعلنت مجموعة المنتجين عن زيادة الإمدادات، مؤكدةً أن أساسيات سوق النفط قوية والمخزونات منخفضة.

وقالت مصادر أوبك+ المُطلعة على الأمر، والتي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، إن “التحالف سيحافظ على هذا الاتجاه، ومن المرجح أن يوافق في يونيو على ضخ 411 ألف برميل آخر يوميًا في يوليو.”

وتأتي هذه الزيادات أيضًا في أعقاب دعوات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي سيزور منطقة الشرق الأوسط ضمن جولة تضم السعودية في وقت لاحق من مايو، لأوبك+ لزيادة الإنتاج.

وأفادت المصادر رويترز بأن المجموعة من المرجح أن توافق على زيادات مُسرّعة لأسعار النفط لأشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر من هذا العام.

ويترافق ذلك مع إمكانية إلغاء ما تبقى من جزء كبير من التخفيضات الطوعية إذا لم يحسّن العراق وكازاخستان والدول الأخرى المُتخلفة عن التخفيضات مستوى امتثالها وتُقدّم تخفيضات تعويضية.

وقالت حليمة كروفت من آر.بي.سي كابيتال ماركتس لرويترز “يبدو أن الالتزام هو المحور الرئيسي مجددًا، مع استمرار كازاخستان والعراق في عدم تحقيق أهدافهما التعويضية، إلى جانب روسيا بدرجة أقل.”

وتحدت كازاخستان أوبك+ هذا الشهر عندما صرّح وزير الطاقة إيرلان أكينجينوف بأنه سيُعطي الأولوية للمصالح الوطنية على مصالح التحالف عند تحديد مستويات إنتاج النفط.

وتجاوز إنتاج كازاخستان من النفط في أبريل حصتها رغم انخفاضه بنسبة 3 في المئة، وفق المعطيات الرسمية المتوفرة.

وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن مسؤولين سعوديين أبلغوا حلفاءهم ومسؤولي قطاع النفط بعدم رغبتهم في دعم أسواق النفط بالمزيد من تخفيضات الإنتاج.

وأوضح أحد المصادر الأحد أنه في حال عدم تحسن مستوى الامتثال، فسيتم إلغاء التخفيضات الطوعية بحلول نوفمبر، في إشارة إلى نسبة 2.2 مليون برميل يوميًا من التخفيضات الطوعية التي أقرّتها مجموعة أوبك+ من قِبل ثمانية أعضاء.

وفي ديسمبر الماضي وافقت ثماني دول من أوبك+، التي كانت تطبق أحدث تخفيضات الإنتاج للمجموعة على إنهاء التخفيض تدريجيًا بزيادات شهرية تبلغ حوالي 138 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من أبريل 2025.

ولا تزال أوبك+ تُخفّض الإنتاج بنحو 5 ملايين برميل يوميًا. ومن المقرر أن تظل الكثير من التخفيضات سارية حتى نهاية عام 2026. وتخطط المجموعة لعقد اجتماع وزاري كامل في أواخر مايو الجاري.

وتوقع جيوفاني ستونوفو، المحلل في بنك يو.بي.أس، انخفاض أسعار النفط الاثنين نتيجةً لأخبار أوبك+، في ظل التوترات التجارية والمخاوف بشأن النمو الاقتصادي.

وقال لرويترز “نواصل وصف هذا بأنه تخفيف مُدار لتخفيضات الإنتاج، وليس صراعًا على حصة السوق.”

وبعد مشاركته صرّح وزير النفط الكويتي سليمان الرومي بأن اجتماع أوبك+ السبت سيؤثر بشكل كبير على صياغة سياسة الإنتاج في الفترة المقبلة، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية.

وشدد الرومي على إمكانية تعليق هذه الزيادات التدريجية أو إلغائها وفقا لتطورات ظروف السوق، منوها بأن “هذه المرونة ستمكن أوبك+ من مواصلة دعم استقرار سوق النفط.”

وقد انخفضت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات خلال أبريل الماضي، لتسجل أقل من 60 دولارًا للبرميل، وذلك على خلفية الزيادات المتسارعة التي أجرتها مجموعة أوبك+، وفرض ترامب رسومًا جمركية أثارت مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي.

والجمعة الماضية تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من واحد في المئة لتصل إلى 61.29 دولارًا للبرميل، مع استعداد المتداولين للمزيد من النفط من أوبك+.