«إس – 13».. غواصة سوفياتية صنعتها ألمانيا وأوجعت النازيين

وكالة أنباء حضرموت

تُعرف الغواصات "إس" رسميًا باسم "سريدنيايا" وتعني بالروسية "متوسطة"، وهي تُمثل فصلًا محوريًا في تاريخ البحرية السوفياتية.

وتجسد الغواصة من فئة "إس" مزيجًا مثاليًا من التعاون الدولي والتكيف التكنولوجي والشجاعة في زمن الحرب حيث طورها الاتحاد السوفياتي بالتعاون مع ألمانيا.

وظهرت غواصات الفئة "إس" من برنامج إعادة تسليح بحري سوفياتي في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، في ظل الحاجة إلى غواصة حديثة عابرة للمحيطات وقادرة على العمل فيما وراء المياه الضحلة لبحر البلطيق،  وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي.

وذكر الموقع أن التصميمات السوفياتية مثل فئة شوكا، مناسبة للعمليات الساحلية، لكنها افتقرت إلى المدى والتنوع اللازمين للأدوار الاستراتيجية الأوسع ومع إدراكها لهذه القيود، سعت الحكومة السوفياتية إلى الاستعانة بخبرات دولية لسد هذه الفجوة.

وهكذا، ظهرت الغواصات "إس" بالتعاون مع مهندسين ألمان، وبتسهيل من شركة هولندية تابعة كانت جزءًا من جهد أكبر بذله الألمان للتهرب من قيود الأسلحة وغيرها من القيود المفروضة عليهم بعد معاهدة فرساي.

واستندت الغواصة إس إلى النموذج الأولي الألماني "إيي-1"، الذي تم تطويره في البداية للبحرية الإسبانية، وبعدها تم بيعه إلى تركيا باسم "Gür " عام 1935.

وبعد تقييم تلك الغواصة، طلب المهندسون في الاتحاد السوفياتي تعديلات لتناسب الإنتاج المحلي والاحتياجات التشغيلية وتمت الموافقة على التصميم النهائي عام 1934 تحت اسم "السلسلة التاسعة" وبحلول 1936 تم استخدام مكونات سوفياتية الصنع ليتم إنتاج السلسلة التاسعة مكرر، والتي تضمنت "إس-13".

وتحمل الغواصة "إس-13" لقبا غير رسمي هو "ستالينيتس" (أي تابعة ستالين) وكانت أنجح غواصة سوفياتية في الحرب العالمية الثانية بأكملها.

وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول 1938، وضعت إس-13 في حوض بناء السفن كراسنوي سورموفو في غوركي (نيجني نوفغورود حاليًا)، وأُطلقت في 25 أبريل/نيسان 1939 ودخلت الخدمة في أسطول البلطيق التابع للبحرية السوفياتية في 31 يوليو/تموز 1941 بشكل سريع نظرًا للحرب التي أشعلتها ألمانيا النازية.

كانت "إس-13" سريعة وسهلة المناورة، وقادرة على الإبحار بسرعة 18.85 عقدة (21 ميلًا في الساعة) على السطح، و8.8 عقدة (10 أميال في الساعة) تحت الماء.

وبمحركي ديزل (4000 حصان) ومحركين كهربائيين (1100 حصان)، بلغ مداها 9500 ميل بحري، مما يجعلها مثالية لدوريات قتالية طويلة.

وتضمن تسليحها 6 أنابيب طوربيد عيار 533 مم (4 في المقدمة و2 في المؤخرة)، بالإضافة إلى مدفع على سطح السفينة عيار 100 مم، ومدفع مضاد للطائرات عيار 45 مم، ومؤن لزرع الألغام، مما يجعلها منصة متعددة الاستخدامات لمواجهة الأهداف البحرية التجارية والمنافسة على حد سواء.

وصلت "إس-13" إلى أعالي البحار بعد أسابيع فقط من خيانة ألمانيا النازية لاتفاق "مولوتوف-ريبنتروب"، حيث غزت الاتحاد السوفياتي الذي لم يكن على دراية بالأمر وغير مستعد، وحققت برلين مكاسب إقليمية هائلة في الأسابيع الأولى من الحرب.

ودخلت الغواصة الخدمة تحت قيادة الكابتن بيوتر مالانينكو في أسطول البلطيق، وخاضت معارك ضد ألمانيا وفنلندا، من عام 1941 إلى عام 1944.

وفي سبتمبر/أيلول 1942، أغرقت الغواصة 3 سفن تجارية بإجمالي حمولة إجمالية مسجلة 4042 طنًا وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 1942، واجهت "إس-13" حادثًا كاد أن يكون كارثيًا حيث علقت على السطح أثناء شحن بطارياتها، فتعرضت لهجوم من غواصات فنلندية.

وخلال غوص طارئ، اصطدمت الغواصة بقاع البحر، مما أدى إلى إتلاف دفتها ومعدات توجيهها بشكل بالغ لكنها تمكنت من العودة إلى كرونشتادت لإجراء الإصلاحات، مظهرةً مرونة تصميمها وطاقمها.

وبعد عامين، قاد الكابتن ألكسندر مارينسكو، الغواصة إلى أعظم لحظاتها وأكثرها إثارة للجدل في 30 يناير/كانون الثاني 1945.

ففي ستولب بانك قبالة الساحل البولندي، استهدفت "إس-13" السفينة الألمانية فيلهلم جوستلوف وهي سفينة سياحية مُعدّلة لإجلاء المدنيين والجنود الجرحى والعسكريين من شرق بروسيا وكانت محمّلة بأكثر من 10 آلاف شخص.

وأصابت طوربيدات "إس-13" السفينة، فأغرقتها في أقل من ساعة، وأسفرت عن مقتل حوالي 9400 شخص في أخطر حادثة غرق لسفينة في التاريخ البحري وبعد 10 أيام، أغرقت الغواصة سفينة نقل ألمانية أخرى، هي ستوبن، مما أسفر عن مقتل حوالي 4500 شخص، معظمهم من المدنيين والجرحى مما جعل الغواصة السوفياتية مسؤولة عن خسائر بشرية غير مسبوقة لكنها نالت إعجاب جوزيف ستالين.

وكان القائد مارينسكو، مثيرا للجدل؛ فقد كان معروفًا بسلوكه المتهور وإدمانه على الكحول، مما أدى إلى توترات مع السلطات البحرية السوفياتية وحُرم في النهاية من لقب بطل الاتحاد السوفياتي بسبب هذه الإخفاقات حيث غادر البحرية عام 1946 شاعرا بالمرارة، لكنه كُرِّم بعد وفاته عام 1990.

وفي 7 سبتمبر/أيلول 1954، خرجت الغواصة "إس-13" من الخدمة وتم شطبها من السجل البحري في 17 ديسمبر/كانون الأول 1956.