صناعة إيران على حافة الانهيار
صناعة إيران على حافة الانهيار
تواجه الصناعة الإيرانية أزمة غير مسبوقة تهدد بانهيار قطاعات واسعة من الاقتصاد الحقيقي في البلاد، وسط تقارير رسمية تؤكّد الانحدار الحاد في مؤشرات الإنتاج والمبيعات خلال العام 2024. وبحسب تقرير صادر عن مركز الأبحاث التابع لمجلس الملالي

تواجه الصناعة الإيرانية أزمة غير مسبوقة تهدد بانهيار قطاعات واسعة من الاقتصاد الحقيقي في البلاد، وسط تقارير رسمية تؤكّد الانحدار الحاد في مؤشرات الإنتاج والمبيعات خلال العام 2024. وبحسب تقرير صادر عن مركز الأبحاث التابع لمجلس الملالي، تعاني الشركات الصناعية الكبرى في إيران من ركود عميق، رافقه تراجع مستمر في المؤشرات الإنتاجية، ما يعكس حجم الأزمة البنيوية التي تعصف بالاقتصاد الإيراني.
انهيار مؤشرات الإنتاج والمبيعات
تشير البيانات إلى أن القطاع الصناعي الإيراني لم يشهد أي نمو يُذكر في عام 2024، بل تراجع مقارنة بعام 2023، حيث سجّلت كبرى الشركات الصناعية المُدرجة في البورصة انخفاضًا في الإنتاج والمبيعات على حد سواء.
في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، انخفض متوسط مؤشر الإنتاج بنسبة 4.5%، بينما تراجع مؤشر المبيعات بنسبة 2.2%، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وفي شهر مارس وحده، سُجّل تراجع إضافي بنسبة 0.8% في الإنتاج و4.2% في المبيعات.
عوامل الانهيار: من العملة إلى الطاقة
تعود أسباب هذا التدهور إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها:
- الركود الداخلي والخارجي: حيث أدى ضعف القوة الشرائية داخليًا، وتراجع الصادرات خارجيًا، إلى انخفاض الطلب على المنتجات الصناعية.
- أزمة العملة: القفزات الحادة في سعر الصرف ضربت قدرة المصانع على استيراد المواد الأولية، ما أدى إلى توقف بعض خطوط الإنتاج.
- نقص الكهرباء والغاز: الانقطاعات الواسعة في التيار الكهربائي، خاصة في فصول الشتاء، أوقفت العمل في عشرات المصانع.
- أزمة السيولة: شحّ التمويل البنكي، وتدهور ثقة المستثمرين، عطّل عجلة الإنتاج على نطاق واسع.
قطاعات منهارة
سجّلت قطاعات أساسية مثل الصناعات الغذائية، الأخشاب والورق، والخزف والسيراميك أعلى نسب التراجع في الإنتاج والمبيعات. كما تراجعت مؤشرات قطاعات الأدوية، والمعدات الكهربائية، وصناعة السيارات وقطع الغيار، ما يعكس شمولية الأزمة.
أسعار ترتفع… وإنتاج ينهار
رغم تسجيل مؤشر أسعار الشركات الصناعية ارتفاعًا بنسبة 26.3% في مارس 2024، إلا أن هذا الارتفاع جاء في ظل تراجع كبير في حجم الإنتاج، ما يؤشر إلى تفاقم ظاهرة الركود التضخمي (Stagflation)، أي اجتماع التضخم والانكماش في آن واحد، وهي من أخطر المعضلات الاقتصادية.
الصناعة ضحية البرنامج النووي
يرى خبراء أن ما تعانيه الصناعة الإيرانية ليس أزمة اقتصادية مؤقتة، بل نتيجة مباشرة لعقود من السياسات الكارثية التي وضعت الأولويات العسكرية والنووية فوق حاجات الاقتصاد والمجتمع.
بينما تحتاج الصناعة إلى استثمار وتحديث وتقنية، تُهدر المليارات على مشروع تخصيب اليورانيوم، الذي لا يُنتج إلا العزلة والعقوبات، ولا يوفر لا وظائف ولا رخاءً.
دعم الميليشيات على حساب المصانع
في الوقت الذي تنهار فيه مصانع إيران، تُصرف مئات ملايين الدولارات لتمويل الميليشيات التابعة للنظام الإيراني في الخارج، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فيما العمّال الإيرانيون يُطردون، والمهندسون يُهاجرون، وخطوط الإنتاج تتوقف.
شبكة فساد تحكم الاقتصاد
الفساد البنيوي يكمّل حلقات الانهيار. شبكة من المنتفعين المحميين من النظام، تسيطر على التمويل والبنوك والعقود الكبرى، فيما يُقصى المنتج الحقيقي، ويُعاقب المستثمر المستقل.
لم تعد الصناعة في إيران نشاطًا اقتصاديًا منتجًا، بل ساحة للنهب والاحتيال والتربّح السياسي.
صناعة في طريق الاندثار
ما تعيشه الصناعة الإيرانية اليوم ليس مجرد أزمة، بل خيانة وطنية منظمة، أجهزت على أحد أهم ركائز التنمية والاستقرار في أي دولة.
وما لم يتم اجتثاث جذور هذا النظام وسياساته الفاسدة، فإن الصناعة الإيرانية ماضية نحو اندثار كامل، سيُدخل البلاد في حلقة مفرغة من الفقر والتبعية والانهيار الاجتماعي.