تشالنغر-3.. درعٌ بريطاني يلمع نظريًا ويترنّح عمليًا

وكالة أنباء حضرموت

رغم التصريحات البريطانية المفعمة بالتفاؤل حول دبابة تشالنغر-3، التي تُوصف بأنها «الأكثر تطورًا في تاريخ المملكة المتحدة»، إلا أن ثغرات «خطيرة» تهدد البرنامج بأكمله.

ويرى تقرير لمجلة «ناشيونال إنترست»، أنه رغم المزايا الكثيرة التي تتمتع بها دبابة تشالنغر-3، لكنها تتجاهل حقيقة أساسية، وهي أن الجيش البريطاني لا يستطيع إنتاج هذه الدبابة بالسرعة والوقت الملائمين، ولا حتى بالكمية التي يعتقد أنه بحاجة إليها.

وأشار إلى أن الجيش البريطاني يواجه تحديات كبيرة تتمثل في نقص الكوادر وضعف التمويل، فضلاً عن تراجع الدعم الأمريكي، وسط تصاعد التوتر مع روسيا بسبب نشر قوات «حفظ السلام» في أوكرانيا.

وفي محاولة لمواكبة متطلبات ساحة المعركة الحديثة، وخاصة التهديد الروسي، أطلقت وزارة الدفاع البريطانية برنامجًا لاستبدال دبابتها الرئيسية القديمة تشالنجر-2 بالدبابة الجديدة تشالنجر-3، التي تطورها شركة رينمتال بريتش إيروسبيس، وهي مشروع مشترك بين شركة بريتش إيروسبيس البريطانية وشركة رينمتال الألمانية.

تطور مهم
وتمثل تشالنغر-3 تطورًا مهمًا لقدرات الجيش البريطاني، لكنها تواجه مشاكل كبيرة من حيث التكلفة المحدودة والإنتاج القليل، مما يثير مخاوف من فشل محتمل.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الحالي، أدركت وزارة الدفاع الحاجة إلى إطالة عمر دبابة تشالنغر-2 من خلال برنامج الاستدامة التشغيلية (CSP)، وكان من المخطط إنهاء التحديثات بحلول عام 2020، لكن التمويل نفد.

وبحلول عام 2014، أعيد هيكلة البرنامج ليصبح برنامج تمديد عمر تشالنغر-2 (LEP)، والذي ركّز على استبدال المكونات القديمة في الأسطول الحالي من تشالنجر-2 وتمديد خدمتها حتى عام 2035.

وفي عام 2019، تم دمج المشروعين في مشروع واحد، وشكل اقتراح راينميتال المتفوق أساس القرار بعدم ترقية تشالنغر-2 بل استبدالها بالكامل.

تشالنغر-3 البريطانية

وفي عام 2021، منحت وزارة الدفاع عقدًا للمشروع المشترك RBSL بقيمة تقارب مليار دولار، مع تقدير بتكلفة إجمالية طيلة عمر المشروع تصل إلى 2.6 مليار دولار.

لكن، وكما هو معتاد في القاعدة الصناعية الدفاعية البريطانية المتعثرة، عانى البرنامج من تأخيرات ضخمة وتجاوزات هائلة في التكاليف. ومع ذلك، فقد التزمت الحكومة – الحالية والسابقة – بهذا الإنفاق، مما يعني أن تشالنجر-3 ماضية قدمًا لتدخل الخدمة التشغيلية الأولية في عام 2027، مع جاهزية تشغيلية كاملة بحلول 2030، ومن المخطط أن تستمر في الخدمة حتى 2040.

مواصفات دبابة تشالنغر-3
ستزود دبابات تشالنغر-3 بمدفع راينميتال L55A1 أملس الماسورة، ما يجعلها متوافقة مع معايير المملكة المتحدة وحلف الناتو.

هذا المدفع يختلف عن مدفع تشالنغر -2 (L30A1)، ويشبه المدافع الموجودة على دبابات ليوبارد-2 الألمانية وإبرامز الأمريكية، مما يُحسّن قابلية التشغيل البيني بين هذه الأنظمة.

وسيتميز مدفع تشالنغر-3 بسرعة فوهة أعلى، وقدرة على استخدام ذخائر متقدمة مثل قذائف APFSDS (خارقة للدروع، مثبتة بالزعانف، وتُسقط الغلاف) والذخائر الجوية القابلة للبرمجة.

وكما فعل الألمان، تخلّت بريطانيا عن القذائف المصنوعة من اليورانيوم المنضب، وتطوّر بدلًا منها ذخائر من التنغستن عالية الطاقة الحركية (EKE).

ومن الأمور الجوهرية، أن دبابة تشالنغر-3 ستزود بدرع معياري جديد بالكامل، يشمل أنظمة EPSOM وFarnham التي صممها مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعية البريطاني. وهذا التصميم المعياري المثبّت بالمسامير يعزز حماية الطاقم، ويسهّل الإصلاحات والتحديثات المستقبلية لمواجهة تهديدات مضادة للدروع.

كما زودت الدبابة بنظام الحماية النشط "تروفي" من شركة رافاييل، القادر على كشف وتحييّد الصواريخ والقذائف القادمة — وهي ميزة حيوية بالنظر إلى انتشار التهديدات المضادة للدبابات، خاصة الطائرات المسيّرة كما ظهر في حرب أوكرانيا.

وتشمل قدرات الدفاع الذاتي أنظمة إنذار ليزري، واختبارات مقاومة للتشويش الكهرومغناطيسي لضمان الكفاءة في بيئات القتال المليئة بالحساسات.

أما من حيث التكنولوجيا، فالدبابة تحتوي على بنية رقمية كاملة تتيح التشغيل المشترك مع منصات أخرى مثل مركبات بوكسر وأجاكس، وتشارك البيانات في الوقت الفعلي في عمليات متعددة المجالات.

كما تم تحسين منظار القائد والمدفعي، المقدم من شركة ثاليس، ليشمل إمكانيات استهداف ليلية ونهارية، وتتبع تلقائي للأهداف، وقدرة بحث على نطاق واسع.

ورغم كل هذه الميزات، فقد تم تقليص الطلب الأصلي من 227 وحدة إلى نحو 148 فقط. ولا يوجد ما يضمن حتى الآن أن تتمكن بريطانيا من إنتاج هذا العدد المخفض.

وفي هذه الأثناء، بدأ العديد من ضباط الجيش البريطاني بالتعبير عن قلقهم، محذرين من أن 148 دبابة فقط غير كافية على الإطلاق لتنفيذ العمليات القتالية الحديثة، بالنظر إلى المهام التي يُفترض أن تقوم بها هذه الدبابات.