الإخوان والإرهاب.. سياسي تونسي يحذر من إحياء «الإرث الأسود»
بينما تعيد تونس تشكيل ملامحها السياسية والأمنية، تبرز مواقف قوى وطنية رافضة لأي تسوية تعيد شخصيات أو تنظيمات متورطة بالإرهاب للواجهة.
ومن بين تلك الأصوات، يبرز حزب «مسار 25 جويلية (يوليو/تموز)» الذي يتبنى خطا وطنيا صلبا في دعمه لمسار إصلاحي أطلقه الرئيس قيس سعيد في التاريخ نفسه من عام 2021.
وفي مقابلة مع «العين الإخبارية»، كشف محمود بن مبروك، الأمين العام للحزب، عن تفاصيل موقفه من الحوار الوطني.
كما تحدث عن رؤيته للانتخابات البلدية المقبلة، إضافة إلى موقفه من ملف الهجرة غير النظامية والضغوط الدولية التي تواجهها تونس.
لا حوار مع من تورطوا بالإرهاب
وأكد محمود بن مبروك رفض حزبه القاطع لأي حوار سياسي يضم من سماهم بـ«الخونة والعملاء»، وعلى رأسهم حركة النهضة الإخوانية.
وقال بن مبروك: «نحن لا نؤمن بأي حوار مع من تورطوا في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والتآمر على أمن الدولة، فهؤلاء لا يمثلون أي مصلحة وطنية، بل يعملون على تعطيل مسار الإصلاح الذي انطلق يوم 25 يوليو/تموز 2021».
وأضاف: «لا مجال لحوار يجمعنا مع من باعوا البلاد وأداروا ظهورهم للشعب... لا مع عملاء الخارج، ولا مع من تورطوا في ملفات الاغتيالات السياسية».
وأشار إلى أن حزبه «مساند رسمي لرئيس الجمهورية قيس سعيد، ويؤمن بخياراته وتوجهاته، وملتزم بالدفاع عن مشروعه الوطني الإصلاحي».
وانتقد بن مبروك محاولة المعارضة «ركوب موجة» المناسبات الوطنية لأغراض سياسية.
وقال: «الأعياد الوطنية، مثل عيد الشهداء يوم 9 أبريل (نيسان)، لها بعد رمزي ووجداني عميق، ومن غير المقبول أن تتحول إلى منصة لبث رسائل ضد النظام القائم».
وتابع «هذه السلوكيات الانتهازية اعتدناها من أطراف كانت يوما في الحكم وفشلت فشلًا ذريعًا»، في إشارة ضمنية إلى الإخوان.
الإخوان ومخططات التآمر
بالمقابلة نفسها، شدّد بن مبروك على أن حركة النهضة لا تزال تواجه ملفات ثقيلة على رأسها ملف تسفير الشباب التونسي للقتال في بؤر التوتر منذ 2011، إضافة إلى ما وصفه بـ«ضلوع الجناح المسلح للحركة في تنفيذ الاغتيالات السياسية».
وأكد أنه «لا يمكن الحديث عن مصالحة مع تنظيم إرهابي، تورط في التخريب، وزرع الفتن، وتقويض مؤسسات الدولة، وخدمة أجندات أجنبية».
انتخابات بلدية مرتقبة
وفي ما يتعلق بالاستحقاقات المقبلة، دعا بن مبروك إلى «الإسراع بتنظيم الانتخابات البلدية خلال سنة 2025»، معتبرا أنها محطة مفصلية ضمن المسار الذي أقره الرئيس قيس سعيد بعد الإجراءات الاستثنائية في يوليو/تموز 2021.
وأشار إلى أن «البلديات تواجه مشاكل هيكلية في التسيير وفي النظافة والخدمات الأساسية، لذلك من الضروري تعديل مجلة الجماعات المحلية لتتماشى مع مقتضيات دستور 2022».
ورأى أنه «من الأفضل العودة إلى نظام الاقتراع على القائمات الحزبية أو المستقلة، لاختيار أشخاص يعرفهم الناخبون ويثقون في كفاءتهم، بعيدا عن القوائم المُسقطة التي أفرزت مجالس مشتتة في السابق».
وأوضح أن هذه الانتخابات هي آخر حلقة في خارطة الطريق التي أقرّها الرئيس سعيد، خاصة بعد حل أكثر من 350 مجلسا بلديا سنة 2023 بسبب ضعف الأداء وتنامي التجاذبات السياسية.
الهجرة غير النظامية
في ملف الهجرة غير النظامية، أكد بن مبروك أن «موقف تونس واضح، يقوم على احترام الكرامة الإنسانية، والدعوة إلى العودة الطوعية للمهاجرين، وتوفير ظروف إنسانية تحفظ كرامتهم خلال فترة تواجدهم في تونس».
وقال: «نرفض كل حملات التشويه التي تقودها جهات أجنبية أو محلية تتاجر بحقوق الإنسان. هؤلاء يدّعون الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهم في الواقع يقتاتون على الأزمات ويعطلون سيادة الدول».
ولفت إلى أن «الدول الأوروبية التي تزايد علينا في هذا الملف، هي نفسها التي تمارس أبشع الانتهاكات بحق المهاجرين، من الترحيل القسري إلى مراكز الاحتجاز السيئة السمعة».
وأوضح أن بعض المنظمات الدولية «تغض الطرف عن الدور التخريبي لشبكات الاتجار بالبشر، ولا تساند تونس بقدر ما تهاجمها تحت شعارات فارغة».
رفض «المؤامرة الديمغرافية»
وفي تعليقه على التطورات الأخيرة عقب إخلاء مخيمات مهاجرين بمحافظة صفاقس (جنوب)، قال بن مبروك إن «الرئيس كان واضحًا عندما أكد أن تنظيم الإخوان يستخدم ورقة المهاجرين للضغط على الدولة، ولتمرير مشروع يهدف إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد».
وأردف «ما يجري في صفاقس مثلا، لم يعد مجرد ضغط سكاني، بل مشروع مدروس تقف خلفه شبكات تهريب ومنظمات مشبوهة، وتدخلات إقليمية غير بريئة».
وكانت السلطات التونسية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن بدء عمليات إخلاء مخيمات المهاجرين غير النظاميين في محافظة صفاقس، خاصة في العامرة وجبنيانة، المدينتين اللتين تؤويان نحو 20 ألف مهاجر وفق تقديرات رسمية.
ورغم عدم الكشف عن الأماكن الجديدة التي سيتم نقل المهاجرين إليها، تشير المعطيات إلى تخصيص مراكز إيواء مؤقتة موزعة على مناطق مختلفة من البلاد إلى حين إعادتهم طوعًا إلى بلدانهم.
دعم دولي.. وتعاون حذر
وفي مارس/ آذار الماضي، دعا الرئيس قيس سعيد المنظمات الدولية إلى دعم جهود تونس في إعادة المهاجرين طوعا إلى بلدانهم، والتعاون في تفكيك شبكات الاتجار بالبشر.
وفي يناير/كانون الثاني 2025، أعلنت وزارة الخارجية التونسية أنها نجحت في إعادة 7250 مهاجرا غير نظامي إلى بلدانهم بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
وكانت المفوضية الأوروبية قد خصصت، في سبتمبر/أيلول 2023، مبلغ 127 مليون يورو لدعم تونس في ملف الهجرة، ضمن مذكرة تفاهم تشمل التعاون الأمني والاقتصادي.