حوار وطني في ليبيا من خارج جلباب الأمم المتحدة

وكالة أنباء حضرموت

يسعى المجلس الرئاسي الليبي إلى كسر حالة الجمود السياسي التي تعرفها البلاد عبر تقاسم الأدوار بين رئيسه محمد المنفي وعضويه عبداللافي وموسى الكوني، ويتجه في هذا السياق، إلى تنظيم حوار وطني يتم من خلاله تبادل الآراء والمقترحات بين مختلف الفرقاء السياسيين البارزين في البلاد.

وأعلن عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي عن إطلاق سلسلة من الجلسات الحوارية الوطنية خلال الفترة المقبلة، بهدف كسر حالة الانسداد السياسي التي تشهدها البلاد والوصول إلى حلول مستدامة تضمن الاستقرار والتقدم بحسب وصفه.

وقال عبدالله اللافي إن هذه الجلسات ستجمع نخبة من القادة السياسيين، وأعضاء السلطة التشريعية، والأحزاب، والأكاديميين، وعمداء البلديات، ورجال القانون، بالإضافة إلى ممثلي عدد من الدول المعنية بالشأن الليبي.

وأضاف أن هذه الحوارات تهدف إلى التباحث حول سبل إنهاء الأزمة السياسية وتعزيز مسار التوافق الوطني، والوصول إلى رؤية وطنية ليبية جامعة تستند إلى الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتلبي تطلعات الشعب الليبي في بناء دولة مستقرة.

وتابع اللافي أن النقاشات ستشمل المبادرة الوطنية التي سبق الإعلان عنها، والتي حظيت بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية، حيث سيتم العمل على تطويرها وتعزيزها بما يتناسب مع مستجدات المشهد السياسي، مع ضمان مرونتها لاستيعاب مختلف المقترحات والأفكار البناءة.

مبادرة عبدالله اللافي جاءت بعد مبادرة أطلقها عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني تدعو إلى اعتماد نظام الأقاليم الثلاثة

ويتطلع اللافي ومن ورائه المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها إلى تنظيم حوار وطني ليبي – ليبي من خارج جلباب الأمم المتحدة وبعثتها في طرابلس.

وفي منتصف مارس الجاري، أكد اللافي أنه تقدم رفقة عدد من الشركاء السياسيين بمبادرة سياسية لحلحلة الأزمة في البلاد، قال إنها لم تتضمن بأي شكل من الأشكال تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم، بل ركزت على طرح آلية لانتخاب مجلس رئاسي من قبل الشعب مباشرة.

وأبرز اللافي الذي يتولى مهمة عضو المجلس الرئاسي عن إقليم طرابلس، أن المبادرة  التي أطلق عليها اسم “مبادرة الحل السياسي: الحوافز والضمانات”، تهدف إلى تجاوز أزمة الثقة بين الأطراف السياسية، وتبديد المخاوف من استئثار أي طرف بالسلطة، وهي العقبة الأساسية التي تحول دون نجاح الانتخابات.

وأضاف أن المبادرة تقوم على إدراج انتخاب المجلس الرئاسي ضمن القاعدة الدستورية التي تنظم الانتخابات، بحيث يتنافس المرشحون ضمن قائمات رئاسية، مع تحديد واضح للصلاحيات المشتركة بين أعضاء المجلس، والصلاحيات الممنوحة للرئيس، مشيرا إلى أن بهذه الآلية، تتحقق الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية، مما يعزز قدرة مؤسسة الرئاسة على استعادة سيادة الدولة الليبية.

ومن المقترحات الواردة في المبادرة، يتم تقسيم البلاد إلى 13 محافظة، وفق الدوائر الانتخابية أو حسب ما يتم الاتفاق عليه لاحقا، على أن يتم توزيع الميزانية بالتساوي بين هذه المحافظات، التي ستتم إدارتها وفق نظام لا مركزي يمنحها صلاحيات كاملة.

كما تقترح المبادرة تقليص هيكلية الحكومة المركزية، مع تحديد صلاحياتها وتمويلها بشكل محدود، وذلك لضمان التحرر من قبضة المركزية وأعبائها، والسماح للمحافظات بإدارة شؤونها بكفاءة واستقلالية أكبر.

المبادرة تقترح تقليص هيكلية الحكومة المركزية، مع تحديد صلاحياتها وتمويلها بشكل محدود

وأكد اللافي أن المبادرة تم عرضها على الأطراف السياسية في البلاد لتدارسها وإبداء الرأي حولها، وهو ما يعني إطلاق حوار بخصوصها لتكون منطلقا للجهود المبذولة لتجاوز الأزمة المتفاقمة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

وبحسب مراقبين، فإن مبادرة اللافي والدعوة إلى جلسات الحوار، تشيران إلى وجود محاولة جديدة لتشكيل تصور جديد للتشاور بين الفرقاء الليبيين بمعزل عن جهود البعثة الأممية التي كانت وراء أغلب ملتقيات الحوار الليبي السابقة، وتشرف حاليا على حوار من داخل لجنة العشرين الاستشارية.

وجاءت مبادرة اللافي في ظل استمرار الجدل الحاد حول مبادرة أطلقها عضو المجلس الرئاسي عن إقليم فزان موسى الكوني وطرح من خلالها العودة إلى نظام الأقاليم التاريخية الثلاثة التي كانت معتمدة مع تأسيس دولة الاستقلال في العام 1951 قبل التخلي عنها في العام 1963، بعد تعديلات دستورية يقول الكثيرون إنها تمت تحت ضغط القوى الخارجية والشركات متعددة الجنسيات على إثر اكتشاف النفط في ليبيا.

ويرى المراقبون أن اللافي يعكس بتصوراته ومقترحاته وجهات النظر السائدة بين النخب السياسية في مناطق غرب ليبيا، فيما يعبر الكوني في جانب كبير من أفكاره عن تطلعات الجنوب وبخاصة إقليم فزان، بينما يبقى رئيس المجلس محمد المنفي ممزقا بين القناعات السائدة في المنطقة الشرقية التي يتحدر منها ويمثلها في المجلس، وبين رغبته في المحافظة على التوازنات القائمة بالعاصمة طرابلس وعلى رضى القوى الحليفة وخاصة منها تلك التي كانت وراء وصوله إلى المنصب بعد أن كان سفيرا في أثينا.

وينتظر أن يتم خلال الحوار الذي دعا إليه اللافي، التركيز على انتخاب مجلس رئاسي جديد عبر صناديق الاقتراع، واعتماد الاستفتاء الشعبي العام لشرعنة المقترح وهو ما يرفضه مجلس النواب وينتظر الليبيون ما سيتم التوافق بشأنه من خلال مخرجات لجنة العشرين.

وفي وقت سابق، تطرق موسى الكوني إلى تداعيات شبح الانقسام الذي تعانيه البلاد بوجود برلمان منقسم، وحكومتين وجيشين، ومجلس دولة يتحرك في نطاق إقليمه وليس على كامل التراب الليبي، حيث أكد أن “ليبيا أصبحت شرقا وغربا في تجاهل كامل لإقليم فزان وحقوقه المشروعة”، لافتا إلى أن مبادرته تضمن تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة البلاد.

وأوضح الكوني أن “العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية بسبب وجود السلطة المركزية داخل حدودها.”، لافتا إلى أن طرح الأقاليم الثلاثة كحل للأزمة في ليبيا ليس فكرة مستحدثة، فبرقة وفزان وطرابلس أقاليم تاريخية وحقيقة واقعة، مشيرا إلى أن فكرة الدولة الموحدة في ليبيا غير مطبقة على أرض الواقع.